شرخ فى جدار التيار المدنى!
لم تعد مظاهرات الجماعة وما يجرى خلالها من شغب، لها تأثير يذكر على المواطنين.. بالرغم مما تسببه من إزعاج وتخريب وتعطيل مصالح الناس، لأنها محكوم عليها بالفشل عاجلا أم آجلا طالما لا تخرج عن دائرة الإخوان والتيار المساند لهم من الذين حصلوا بامتياز على كراهية الشعب الذي كشف عن أهدافهم الخفية في الانفراد بالحكم واستبعاد وإقصاء كل من يختلف معهم.
لكن الخطر الحقيقى على ثورة يناير وانتفاضة يونيو يتمثل فيما يبدو على الساحة السياسية من خلافات بين قوى الثورة حول العديد من القضايا التي كان ينبغى أن تكون محل توافق، بدلا من أن تؤدى إلى الانقسام.
آخر تلك الخلافات دار داخل لجنة الخمسين المكلفة بإعداد الدستور حول عبارة جاءت في مقدمة الدستور تقول: «نحن الآن نكتب دستورًا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية، وقيل إن الأعضاء اتفقوا على أن تكون العبارة «حكم مدنى لا حكومة مدنية» وقد تم تغييرها دون علم الأعضاء وتنفيذًا لم يتم الاتفاق عليه.. ما أغضب بعض الأعضاء الذين اعتبروا ما جرى مؤامرة من جانب الذين صاغوا العبارة.. بينما دافع هؤلاء عن موقفهم بأن جميع الأعضاء وافقوا على العبارة عند التصويت عليها.
بصرف النظر عن المسئول عن تغيير العبارة.. إلا أنه كان من الأفضل تجاوز الخلاف لأن مواد الدستور تؤكد على مدنية الدولة وأنها «دولة ديمقراطية حديثة»، «خلاف آخر بين قوى الثورة أحدث شروخًا لم تعالج بعد بسبب صدور قانون ينظم التظاهر.. لم يختلف أحد حول أهمية صدوره.. والخلاف جاء حول بعض المواد التي تضمنها القانون والتي لم توافق عليها منظمة حقوق الإنسان التابعة للدولة.. وقد تجاهلت الحكومة تلك التوصيات ولم تلتزم بها.. ما أثار طلاب الجامعات والعديد من الأحزاب المدنية والنخبة المحسوبة على التيار المدنى.. وكانت وجهة النظر الرافضة أن القانون المدنى يتضمن العديد من المواد التي تكفى للتعامل مع حالات الشغب التي تحدث في المظاهرات.. كما أن توقيت صدوره لم يكن مناسبًا.
خلاف آخر كان يمكن تجبنه وكاد يؤدى إلى تصويت العمال والفلاحين بـ«لا للدستور».. بسبب عدم استجابة لجنة إعداد الدستور لمطالب ممثلى العمال والفلاحين بأن يستمر العمل بتحديد نسبة الـ 50٪ لهم في الانتخابات القادمة وأن يتقرر الإلغاء بعد دورة انتخابية.. ولكن هذا الرأى قوبل باعتراض شديد من جانب معظم أعضاء اللجنة الذين استندوا في اعتراضهم إلى أن أفرادا غير العمال والفلاحين تمكنوا من التسرب إلى المجالس النيابية من خلال الثغرات الموجودة في القانون والتي كانت تتيح لفئات أخرى تمثيلهم.
وإن كانت الحكمة تقتضى أن يتضمن الدستور الجديد مادة تنص على الاستمرار لدورة قادمة، أما الشرخ المرشح للحدوث في الأيام القادمة وربما يؤدى إلى مزيد من الانقسامات بين قوى التيار المدنى بسبب الخلاف حول الانتخابات القادمة هل ستكون بالقائمة.. أم بالنظام الفردى؟.. ولكل من النظامين أنصاره.
والسؤال.. هل ينجح هذا التيار في رأب الصدع ولم الشمل.. أم يترك الفرصة للجماعة لاستغلال تلك الخلافات.