رئيس التحرير
عصام كامل

بل يقول التاريخ.. وتقول الدراما !


في الأربعينيات - يقول التاريخ وليس نحن - إن مشروع المصريين القومي كان محاربة الحفاء.. أى توفير أحذية للحفاة في هذا البلد!!

وفي السبعينيات - يقول التاريخ وتقول أفلام السينما - كان مشروع المصريين القومي وعقب تحرير الأرض مباشرة .. هو توفير مقعد في أتوبيسات النقل العام وعودة الحرارة للتليفونات ومحاربة جشع الجزارين وتنظيم طوابير الجمعيات التعاونية وتوفير وحدات سكنية للغلابة !!


وفي الثمانينيات والتسعينيات كان مشروعنا القومي - يقول التاريخ وتقول الدراما بأنواعها - إن مشروعنا القومي كان وقف نهب المال العام وفوز المنتخب القومي وأزمة الحوالات الصفراء للعائدين من العراق وتقليل طوابير الخبز وطبعا مواجهة الإرهاب!!

- وفي الألفية الجديدة كان مشروع المصريين القومي - يقول التاريخ والناس والدراما وشهود العيان وشهادتنا جميعا - جمع القمامة وتوفير أنابيب البوتاجاز والبحث عن حل لأزمة المرور وأزمة الفارين في الهجرة غير الشرعية والحصول علي باقي مستحقات المصريين في العراق ووقف تجاوزات الأمير ترك وزوجته الراحلة وحرسه!!

بينما في الخمسينيات والستينيات ورغم كل الحروب والمؤامرات ومن دون معونة أمريكية ولا تحويلات للمصريين ومن دون معونات خليجية ولا بترول سيناء كان مشروع مصر القومي تطهير محيطها من الاستعمار وتحديد أمنها القومي إلي أبعد مدي وتصنيع ثقيل في الحديد والصلب وتوزيع عادل لثروة الوطن علي كل أبناء الوطن ودخول مصر عصر الفضاء والذرة بمفاعل إنشاص وبرنامج الصواريخ المصري وتصنيع أول طائرة وأول سيارة مصرية وتفكيك شفرات الدواء وتصنيعه في مصر وبناء السد العالي وانطلاق البعثات التعليمية لكل مكان لأول مرة بالكفاءة المطلقة ومعها مبدأ تكافؤ الفرص في كل الوظائف العليا من الخارجية إلي القضاء والجيش والشرطة ثم إزالة آثار العدوان بعد النكسة!

لا نتكلم عن إنجازات وإخفاقات.. ولا من أنجز ومن أخفق.. إنما نتكلم عما شغل الناس ووحدهم ووحد جهودهم واجتمعوا علي إنجازه وتحقيقه وكان محور اهتمامهم.. والفرق شاسع بين دولة تنحاز لشعبها وبالتخطيط والعلم.. وبين دولة صدقت فكرة التنمية بالنموذج الأمريكي الرأسمالي.. فكان ما كان !

العقلاء سيفهمون السطور السابقة وسيعتبرونها حديثا للمستقبل.. والموتورون وحدهم وأصحاب العقول الانفعالية.. سيعتبرونها كلاما عن الماضي وسيتجاهلون الفرق بين الرأي والتاريخ وسينفجرون بالغضب وبالتعليقات دفاعا عن هذا.. وهجوما علي ذاك.. وهؤلاء هم وشأنهم.. إنما يشغلنا مستقبل هذا الوطن.. وهذا الشعب!
الجريدة الرسمية