صحف الخليج تتناول زيارة كيري للمنطقة والاجتماع الوزاري العربي.. «الوطن» تدعو لموقف عربي شجاع تجاه المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين.. «الشرق» تحذر من المراوغة.. «البيان» ترصد
اهتمت الصحف الخليجية في افتتاحيتها الصادرة صباح اليوم الجمعة بزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المنطقة إضافة إلى أهمية الاجتماع الوزاري العربي، المقرر عقده 21 ديسمبر الجاري، بالقاهرة، بدعوة عاجلة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
فقالت صحيفة "الخليج" الإماراتية تحت عنوان "الحماس الأمريكي للتسوية" إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يسعى في كل جولة إلى المنطقة إلى إشاعة أجواء التفاؤل، إلا أن ذلك لا يجد صدى لدى الطرفين المعنيين بالتسوية، أي الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية، وعلى النقيض نرى التصريحات مملوءة بالتشاؤم من كليهما ولكل طرف منهما أسبابه فالكيان الصهيوني لا يريد أية تسوية تضطره للتنازل، أما السلطة الفلسطينية فترى ما يقدمه كيري من مقترحات سيؤدي إلى الإخفاق.
وأشارت إلى أن الوزير الأمريكي يضع مقترحات تناسب مصالحه كما يرى مصالح الكيان الصهيوني إلا أن القادة الصهاينة لا يرون فيما يراه مصلحة لهم، والفلسطينيون يرون أن مقترحاته ستنهي الوجود الفلسطيني في نهاية المطاف، وتساءلت لماذا هذا الإصرار الأمريكي على الوصول إلى تسوية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية علمًا بأن الولايات المتحدة لم تكن متحمسة في الماضي لأية تسوية نهائية وإنما كانت تعمل باستمرار على إدارة الصراع العربي "الإسرائيلي"؟.
وأوضحت أن هناك احتمالات كثيرة من بينها، أن واشنطن التي تجد تأثيرها يتآكل في العالم ترغب في أن تظهر أنها ممسكة بزمام الأمور في منطقة الشرق الأوسط الذي بدأ يتصدع تأثيرها فيها، أو ربما لأن القيادة الأمريكية التي يهمها الكيان الصهيوني كقاعدة طويلة الأمد لها في المنطقة بدأت ترى أنه لن تكون هناك ظروف أفضل للحصول على تنازلات من الواقع العربي والفلسطيني الحالي، لافتة إلى أن الواقع العربي يقول إن البلدان العربية منكفئة على نفسها فبعضها مبتلى بالصراع المسلح، وبعضها الآخر يحاول أن يتغلب على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تهدده بمشاكل أمنية.
وأكدت أن الولايات المتحدة تدرك أن خروج العالم من عالم القطب الواحد سيؤدي إلى تعقيد قدرتها على الإمساك بزمام إدارة الصراع نفسه ليصبح بالتالي عبئًا عليها إذ ستتسع القدرة على المناورة من قبل الأطراف المختلفة في ضوء نظام دولي جديد يتسم بتعدد الأقطاب فيه، ولن تستطيع الإدارة الأمريكية تحقيق أي شيء ما دامت تجاري المتطرفين الصهاينة.
من جهتها، وتحت عنوان "تسويف إسرائيلي وإحباط فلسطيني" قالت صحيفة "البيان" الإماراتية إن الإحباط بات يسود الشارع الفلسطيني في ضوء غياب أي أفق حقيقي لنجاح عملية التسوية التي ما فتئت تدور في حلقة مفرغة في ضوء تعنت إسرائيل ورفضها إعادة أبسط الحقوق للشعب الفلسطيني.
وأضافت أن المفاوضات التي مضى على انطلاق جولاتها الأخيرة أكثر من أربعة أشهر لم تسفر حتى الآن عن تقدم ملموس على صعيد القضايا الحياتية اليومية، فما البال بخصوص قضايا الحل الشامل التي ستفضي في النهاية إلى دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف وحل عادل لقضية اللاجئين كما تنص على ذلك الاتفاقات الدولية.
وأكدت أن السياسة الإسرائيلية باتت واضحة وجلية ولا تحتاج إلى جهد ذهني كبير لإثبات أن تل أبيب تتخذ من هذه المفاوضات غطاء لتمرير مشاريعها التوسعية الاستيطانية على حساب الأرض الفلسطينية وتجعل منها عملية مستمرة متواصلة من دون أن تفضي إلى أية نتائج.
وأوضحت أنه على الفلسطينيين أن يدرسوا خياراتهم ويراجعوا حساباتهم ويقوموا بجرد حساب لعشرين عاما من التيه في ثنايا عملية استغلتها إسرائيل للإجهاز على فلسطين التاريخية وملاحقتهم من خلال جدار للفصل العنصري والضم والتوسع وقضم جزء كبير من الأراضي المحتلّة العام 1967 التي من المفترض أن تقام الدولة الفلسطينية المنتظرة على أرضها.
وقالت إن التاريخ أثبت أن كيانا كإسرائيل لا يفهم سوى لغة القوة وأنه لن يعطي طالما أنه في فسحة من أمره وأنه يفرض شروطه رغم أنه كيان احتلالي قام على جماجم الفلسطينيين وأعلن دولته بعد تهجيرهم وتشريدهم في أصقاع الأرض.
وفي ذات السياق، قالت صحيفة "الشرق" القطرية إن الجامعة العربية ستبحث آخر المستجدات في هذه المفاوضات في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية 21 ديسمبر الجاري، بطلب رئيس دولة فلسطين، لوضع العرب في صورة المراوغة والمماطلة والجدل وسلوكيات إسرائيل، التي رغم انقضاء ما يقارب الأشهر الثلاثة من المفاوضات بإشراف أمريكي مباشر، لم تؤكد التزامها باستحقاقات ما يتم الاتفاق عليه.
وأوضحت الصحيفة أن الاجتماع الوزاري العربي الطارئ سيستمع من الرئيس محمود عباس إلى تقرير مفصل بشأن تطورات هذه المفاوضات والخطوات الواجب اتخاذها مستقبلًا في هذا الشأن، وما عرضه كيري في لقائه الأخير مع الجانبين من مقترحات لدفع مسار التفاوض، في محاولة أمريكية أخيرة لإنقاذها من التعثر الذي ظهر خلال الجولات السابقة، ومن عناد الجانب الإسرائيلي في الاستمرار بالاستيطان والتوسع فيه، إلى جانب الخريطة الأمنية الجغرافية التي تريد إسرائيل رسمها على الأرض الفلسطينية من جانب واحد، وهو الأمر الذي يشكل عقبة كبيرة أمام مسارها.
واختتمت "الشرق" افتتاحيتها بأن الخطوة التي اتخذها الرئيس عباس بوضع العرب في صورة المستجدات التفاوضية مع إسرائيل، وبالتالي إطلاعهم على مقترحات كيري في مكانها ووقتها الصحيح، يهدف منها الحصول على مظلة عربية؛ إما للمضي قدمًا أو التوقف عن مواصلتها، خاصة أن كيري قادم إلى المنطقة من جديد بعد أسبوع من زيارته السابقة، التي انتهت بغضب الفلسطينيين من الأفكار الأمنية الأمريكية من أجل اتفاق للأرض مقابل السلام مع إسرائيل.
وبدورها، قالت صحيفة "الوطن" القطرية إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتواجد في المنطقة، لإعطاء عملية السلام المتعثرة، دفعة قوية، خاصة أن السقف الزمني الذي كانت أمريكا قد وضعته لاستئناف المفاوضات، قد بدأ في العد التنازلي، منذ وقت.
وأضافت أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تتعثر فيها مفاوضات السلام، وليست المرة الأولى أيضا التي تتدخل فيها أمريكا، لإخراج هذه المفاوضات من عنق الزجاجة، وتصاب بخيبة الأمل، لاصطدامها في كل مرة بتصلب إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن أمريكا على خط السلام الفلسطيني- الإسرائيلي، منذ وقت طويل، لكن كل الشواهد تقول إنها لم تكن في أي جولة راعيا نزيها، أو وسيطا لا يميل في كل المرات إلى أحد الجانبين، وهو على طول الخط، الجانب الإسرائيلي، بكل عناده وتاريخه المخزي مع الجرائم المروعة.
وأوضحت الصحيفة أنه إذا كان السلام، سيظل مجهولا، في غياب أي إرادة إسرائيلية، فإنه سيظل هكذا أيضا في غياب حيادية ونزاهة الوسيط، بل في غياب رفع العصا - الأميركية أو الأممية - في وجه المتصلب، وهو في كل المرات، إسرائيل.
وأكدت أهمية ما سيتمخض عنه الاجتماع الوزاري العربي في الحادي والعشرين من الشهر الحالي بالقاهرة بدعوة من الرئيس الفلسطيني إزاء التحرك الأميركي الحالي.. موضحة أن أهمية الاجتماع ليست فقط في عدم ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة عدو متصلب، ووسيط منحاز دائما، وإنما أهميته في أن يقول العرب - بكل قوة - رأيهم في الذي يجرى، وما يجرى من تصلب وغرور.
ودعت الوطن في ختام افتتاحيتها إلى موقف عربي، قوي وشجاع، وإلا فستظل دائرة التعثر تدور إلى ما لا نهاية.