التنكيت والتبكيت
فى ظل الأوضاع الراهنة أصبح من السهل أن تبكى الناس ويكفى أن تسرد عليهم ما يحدث فى مصر ليبكون ولكن من الصعب أن تضحكهم وأصبح لا يضحكنا سوى شر البلية ومن هنا يأتى دور الأدب والفن الساخر وتناول الأدب العربى السخرية منذ زمن بعيد ويكفينا الجاحظ وبشار بن برد والجحويات التى سخرت من الحاكم وانتقدت الظروف الاجتماعية
وفى السنوات العشر الأخيرة ازدهر النقد الساخر فى مجال الأدب خاصه فى كتابات أحمد رجب و جلال عامر وإبراهيم عيسى وجمال فهمى ولكنه مع بدايات الثورة ظهر فى منحى جديد فى شكل برنامج يحاكى البرنامج الأمريكى الذى يقدمه جون ستيورت فبداء باسم يوسف فى تقديم برنامجه يوم 8 مارس 2011، على شبكة الإنترنت وانتقل من النت إلى قناة أون تى فى، فى 1 أغسطس 2011، ثم استقال وانتقل ببرنامجه إلى ال سى بى سى، وبدأ العرض فى 3 ديسمبر 2012 ووصل إجمالى الحلقات فى مراحلها الثلاث إلى 110 حلقة تقريبا بمشاهدة تخطت ال 20 مليون مشاهد على شبكات النت وال 200 مليون مشاهد على مستوى الفضائيات حتى أصبح ظاهرة تستحق الدراسة وقد وصفته الصحافة السويدية بأنه أشجع إعلامى مصرى على إثر عرضه لمقاطع للرئيس مرسى، وهو يتهم إسرائيل وأمريكا والغرب ويحرض عليهم قبل أن يصبح رئيسا لمصر وذلك سنة 2010.
إن ما يقدمه باسم ماهو إلا كوميديا سوداء تعكس أوجاع المصريين السياسية والاجتماعية ويقدمها بقالب ساخر يرسم البسمة على الوجه ويضع خنجرا فى القلب وهو يطرح موضوعاته بأسلوب يحول فيه الألم إلى بسمة والحزن إلى إبداع وهى عملية تحتاج لجهد وثقافة واسعة لالتقاط الأفكار وتصويرها بالكلمات الفكاهية، وهنا يأتى دور فريق الإعداد الذى يتميز بالجراءة والثقافة والاحترافية فى العمل.
سأل طفل أباه: "ما هى السياسة؟"
قال الأب: " أنا مصدر دخل الأسرة سمينى (الرأسمالية) وأمك هى مديرة المال فهى (الحكومة) ونعمل لنهتم باحتياجاتك فأنت (الشعب) أما الخادمة سنعتبرها (طبقة العمل) وأخوك الصغير هو (المستقبل) الآن فكر فى هذا وانظر ما إذا كان يبيِن لك معنى السياسة. وفى وقت متأخر من الليل سمع صوت أخيه الصغير يبكى، فقام ليرى ما به، فوجده قد بال فى حفاضته، فذهب لغرفة أبويه فوجد أمه غافلة فى النوم ولم يرد إيقاظها، ثم ذهب إلى غرفة الخادمة فوجدها مغلقة، اختلس النظر من فتحة الباب ووجد أباه على السرير مع الخادمة استسلم الطفل ورجع إلى فراشه.
وفى اليوم التالى قال الطفل لأبيه: "أظننى فهمت معنى السياسة الآن"، قال الأب: "ممتاز، أخبرنى ما فهمت"، رد الطفل: "بينما تعبث (الرأسمالية) بـ(الطبقة العاملة) وتكون (الحكومة) نائمة يصبح (الشعب) مهملًا و(المستقبل) فى عمق القذارة
Mona.elghazy@yahoo.com