اطفئوا "النور".. وأريحونا
أتعجب من حزب يسمى نفسه "النور"، بينما كل أفكاره ظلامية، ذلك لأنه من المفترض أن هذا الحزب الذي لا يعبر اسمه عن مفاهيم وقناعات ومعتقدات القائمين عليه، قد انطفأ وأظلم وأصبح لا وجود له في مصر منذ اللحظة التي أقرت فيها لجنة الخمسين المادة 54 والتي تنص على حظر تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني.
ولست أدرى أي نور في حزب يرفض ممثله في البرلمان ولجنة الخمسين الوقوف أثناء السلام الوطنى، ويرفض التصويت بـ"نعم" أو بـ "لا" أو حتى بالامتناع خلال الاجتماع الأخير للجنة؟ أي نور في حزب يرى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى أن رئيسه عماد عبدالغفور يستحق من المجاهدين الاحترام والتقدير؟ أي نور في حزب ينتقد التباهى بأن مصر فرعونية، ويرى أنها "فرعونية عفنة"؟!
أي نور في حزب يطالب في مجلس الشعب "الإخوانى" على لسان ممثله محمد الكردى بإلغاء تدريس مادة اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة الكفرة؟ أي نور في حزب ينعت الحضارة المصرية بـ"العفنة" على لسان عبد المنعم الشحات ويدعو إلى تغطية وجوه التماثيل الفرعونية المصرية بالشمع لأنها تشبه أصنام مكة في العصر القديم؟!
أي نور في حزب يفتى على لسان رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية الشيخ "محمود عامر" بتحريم التصويت في الانتخابات للمرشح المسلم الذي لا يصلي، والأقباط والعلمانيين والليبراليين الذين لم يتضمن برنامجهم تطبيق الشريعة الإسلامية، أي نور في حزب يمثله في مجلس الشعب الإخوانى "ونيس" وواقعته الإباحية المشهورة على الطريق الزراعى، ويمثله كذلك البلكيمى الذي أجرى جراحة تجميل في أنفه ثم ادعى كذبا تعرضه لعملية سطو أدت به إلى كسر أنفه.
لقد ارتكبت السلطة الانتقالية في مصر خطأين فادحين، أولهما استدعاء ممثل حزب النور لحضور الاجتماع الذي صدر عنه بيان خارطة الطريق في مرحلة ما بعد 3 يوليو، حتى أن بعض أصدقائى في الدول العربية أبدوا دهشتهم من ظهور "شخص ذي لحية" بذلك الاجتماع في لحظة تاريخية تنفض مصر عن نفسها غبار الدولة الدينية الإخوانية الظلامية، ثم تلاه خطأ آخر وقعت فيه نفس السلطة بتمثيلهم في لجنة الخمسين التي كتبت الدستور.
وهو ما جعل مسئولي هذا الحزب يتحركون داخل المشهد السياسي المصرى - الذي يجرى تشكيله وبلورة ملامحه – بثقة زائدة وباطمئنان باعتبارهم جزءا لا يتجزأ منه، ولا يمكن الاستغناء عنهم، بل ويصدعون رؤوسنا صباح كل يوم بـ"اسطوانة الانسحاب المشروخة" من لجنة الخمسين وكأن اللجنة ستنهار وتعجز عن كتابة الدستور إذا غاب ممثلهم عنها، لكن الانسحاب لم يحدث رغم عدم رضوخ اللجنة لابتزازهم وتهديداتهم، ببساطة لأنهم يطبقون منهج الانتهازية السياسية في أغبى وأفضح صورها، فقد تبرءوا من مرسي ونظامه الإرهابى بعد 3 يوليو.
بينما كان حزبهم في الواقع جزءا من هذا النظام، عبر التحالف معه في البرلمان لتشكيل الأغلبية الدينية الإسلامية، وعبر طلب تعيين أعضائه كوزراء في أهم وزارتين هما المالية للسيطرة بالطبع على " ثروة مصر" والتعليم "عقول مصر"، وعبر حضور أغلبية أعضائه اجتماعات الحوار الوطنى "الفضيحة" التي كان يدعو لها المعزول، وعبر التمثيل الكبير في لجنة المائة لدستور الغريانى الإخوانى.
لا يجب أن ننخدع في تلاسنات السلفيين العدائية مع الإخوان، ولا في أحداث من قبيل مهاجمة الإخوان لمنزل نادر بكار بالشماريخ، فكلها من قبيل توزيع الأدوار بين فصيلين هما في النهاية إخوة ويشكلان مع الجماعة الإسلامية أولاد عمومة، والثلاثة مجتمعين هم عنوان الرجعية والتخلف والظلام وأعداء التقدم، ونصيحتى لكل من يريد لهذا الوطن النهوض " اطفئوا هذا الحزب الظلامى كما ينص دستور مصر الجديدة هو وغيره من الأحزاب المتسربلة بعباءة الدين.. وأريحونا".