رئيس التحرير
عصام كامل

"نجيب محفوظ" في حفل نوبل: "أنا ابن حضارتين"

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

في مثل هذا اليوم، 10 ديسمبر 1988 تسلم الأديب نجيب محفوظ جائزة نوبل، وحضر حفل تسليم الجائزة نيابة عنه ابنتاه فاطمة وأم كلثوم، لكنه أرسل كلمة تلاها الكاتب محمد سلماوى أمام الأكاديمية السويدية المانحة لجائزة نوبل وقال نجيب محفوظ في كلمته:


"سيداتى سادتى في البداية أشكر الأكاديمية ولجنة نوبل على التفاتها الكريم، وبعد أخبرنى مندوب جريدة أجنبية في القاهرة بأن لحظة إعلان اسمى مقرونا بالجائزة ساد الصمت وتساءل الكثيرون عمن أكون، واسمحوا لى بأن أقدم لكم نفسى، أنا ابن حضارتين تزاوجتا في عصر من عصور التاريخ زواجا موفقا، أولاها عمرها 7 آلاف سنة هي الحضارة الفرعونية والثانية هي الحضارة الإسلامية، ولست في حاجة إلى التعريف بالحضارتين لأحد منكم وأنتم من أهل الصفوة والعلم، وبالنسبة للفرعونية لن أتحدث عن غزواتها أو عن اهتدائها لأول مرة إلى الله سبحانه وتعالى فهذا مجال طويل فلا يوجد بينكم من لم يلم بقصة اخناتون، وانجازاتها في الأدب والفن ومعجزة الأهرام وأبو الهول والكرنك".

وعن الحضارة الإسلامية فلن أحدثكم عن دعوتها إلى إقامة وحدة بشرية في رحاب الخالق تنهض على الحرية والمساواة والتسامح ولا عن فتوحاتها التي غرست آلاف المآذن الداعية للعبادة والتقوى والخير على الأراضي المترامية، ولا عن المؤاخاة التي تحققت فيها بين الأديان في تسامح لم تعرفه البشرية.

"قدر لى يا سادة أن اولد في حضن هاتين الحضارتين وأن أرضع لبنها وأغذى على آدابها وفنونها ثم ارتويت من رحيق ثقافتكم الثرية الفاتنة ومن وحى ذلك كله بالإضافة إلى شئونى الخاصة ندت عنى كلمات أسعدها الحظ باستحقاق تقدير أكاديميتكم الموقرة فتوجت اجتهادى بجائزة نوبل الكبرى".

"سادتى لعلكم تتساءلون عن هذا الرجل القادم من العالم الثالث وكيف وجد من فراغ البال ما أتاح له أن يكتب القصص، فأنا قادم من عالم ينوء تحت أثقال الديون والمجاعات والحرمان من أي حق من حقوق الإنسان وكأنهم غير معدودين من البشر، لكن من حسن الحظ أن الفن كريم وعطوف فكما أنه يعايش السعداء فإنه لا يتخلى عن التعساء، ويهب لكل فريق وسيلة للتعبير عما يجيش في صدره".

"اليوم يجب أن تتغير الرؤية من جذورها واليوم يجب أن تقاس عظمة القائد المتحضر بمقدار شمول نظرته وشعوره بالمسئولية نحو البشرية جميعا وما العالم الثالث والمتقدم إلا أسرة واحدة، باسم العالم الثالث لا تكونوا متفرجين على مآسينا".

الجريدة الرسمية