رئيس التحرير
عصام كامل

القاعدة تظهر قوة ضاربة في اليمن

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الهجوم على قلب السياسة اليمنية كان دليلا على القوة، فقد خُطط له بدقة ونفذ بوحشية، فوزارة الدفاع في صنعاء هي واحدة من المباني الأكثر أمنا وحراسة في البلاد، فهنا توجد مكاتب الرئيس ووزير الدفاع وقادة القوات المسلحة.

وتمكن الإرهابيون من التسلل إلى المبنى، في البداية فجر انتحاري نفسه بسيارة ملغومة عند مدخل الوزارة ثم توغل مهاجمون يرتدون زي الجيش في المبنى وتبادلوا إطلاق النار مع جنود، وسقط بين القتلى: العديد من الأطباء والممرضات والمرضى في وحدة علاجية تقع في مقر الوزارة، ونتيجة الهجوم هي أكثر من 50 قتيلا ونحو 200 جريح.

وإضافة إلى العديد من الفلبينيين يوجد بين الضحايا أيضا اثنان من الألمان كانا يعملان كمساعدين للتنمية في اليمن لدى الجمعية الألمانية للتنمية والتعاون الدولي (GIZ)، كما قتل موظف يمني يعمل لدى GIZ، وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله: "الحكومة الفدرالية تدين الهجمات الجبانة في صنعاء بأشد العبارات"، وأضاف: "يجب ألا يصبح اليمن مرتعا للإرهاب".

وفي يوم الجمعة (2013/12/06)، أعلن ما يسمى بـ "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" (على موقع تويتر) مسئوليته عن الهجوم، وقال إنه تم توجيه "ضربة قاسية" لوزارة الدفاع اليمنية "بعدما ثبت أن المجمع يحوي غرفا للتحكم بالطائرات بدون طيار ويتواجد فيه عدد من الخبراء الأمريكان".

بلد على حافة الهاوية
ويستفيد تنظيم القاعدة من الفوضى السياسية في اليمن الغارق في أزمة عميقة، في شباط/ فبراير 2012، وبعد شهور طويلة من الاحتجاجات استقال الرئيس على عبد الله صالح الذي حكم البلاد مدة طويلة، وخلفه في الرئاسة عبد ربه منصور هادي.

وكان من المقرر في إطار "الحوار الوطني" إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات جديدة؛ لكن الحوار تعثر رغم أنه كان يجب أن يختتم في الواقع في أيلول/ سبتمبر 2013.

وتقول إلهام مانع، الكاتبة والباحثة السياسية التي تعمل بجامعة زيوريخ، إن النخبة السياسية تبحث فقط عن مصالحها الخاصة، وليس عن مصالح البلاد، وخصوصا "الحرس القديم" حول الرئيس المخلوع صالح، فهؤلاء لا يريدون أن يتخلوا عن نفوذهم.

وأيضا هورست كوب، الخبير في الشئون اليمنية والأستاذ الفخري بجامعة إيرلانغن- نورمبرغ ينظر إلى الحوار الوطني نظرة متشائمة، ويقول: "جزء صغير فقط نسبيا من المشاركين لا تزال لديهم الرغبة في بقاء اليمن عامة كدولة ذات حكومة مركزية". فالتوجه هو تحويلها إلى دولة فيدرالية. والآن سيجري صراع حول ما سيتاح للمناطق من سلطات.

اليمن بلد منقسم الآن بالفعل: فالجنوب يحلم بالاستقلال. وفي الشمال ثار المتمردون الشيعة (الحوثيون) ضد الحكومة المركزية. وهناك أيضا وضع سلفيون راديكاليون أنفسهم على أهبة الاستعداد. ومؤخرا وقعت هناك معارك بين الجماعات المتحاربة. كما أن القبائل التي تتمتع تقليديا بنفوذ، تريد حصتها من السلطة.

استفادة القاعدة من الأزمات
سواء أكان المتمردون الحوثيون أو السلفيون أو القاعدة: كلهم يستفيدون من الفوضى، "ضعف الدولة المركزية، زاد الوضع سوءا"، حسبما تقول إلهام مانع، بل إن القاعدة استولت على السلطة أحيانا في عدة مدن في جنوب البلاد.

الدعم في الحرب ضد تنظيم القاعدة يأتي من الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الأشهر الأخيرة كثفت الولايات المتحدة هجماتها بالطائرات بدون طيار، ويقوم الجيش الأميركي وأجهزة مخابرات أمريكية بتدريب وتسليح قوات الأمن اليمنية، "لكن من الواضح أنه لم يتحقق أي شيء"، حسبما يقول هورست كوب: "الوضع الأمني غير مستقر لدرجة أن القاعدة يمكنها أن تتحرك دون عائق إلى حد ما في البلاد"، وقد أظهر الهجوم الذي وقع في صنعاء أن المسلحين يمكنهم نقل أسلحة ومقاتلين إلى قلب العاصمة من دون صعوبات كبيرة.

"اليمن دولة فاشلة"، تقول إلهام مانع، وتضيف أن الحكومة ليست في وضع يمكنها من تلبية احتياجات السكان، وحسب رأيها: "القاعدة تستغل ذلك لتجنيد أتباع جدد"، وتعتقد مانع أن هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار تؤدي إلى نتائج عكسية في نهاية المطاف، فكل هجوم وكل ضحية من السكان المدنيين من شأنه فقط أن يدفع باتباع جدد إلى أحضان تنظيم القاعدة.

الحل الوحيد هو "أن تضع أخيرا النخب السياسية مصالح البلاد في محور أنشطتها"، كما تطالب مانع، ويجب أن تتعامل مع مشاكل واحتياجات الناس (لحلها)، خاصة أن اليمنيين يعانون من أزمة دائمة: "اليمن يضعفه الفقر المزمن والتخلف، ملايين اليمنيين يقفون على حافة الهاوية بالنسبة لوجودهم" حسبما قال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ للأمم المتحدة فاليري أموس في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، "الناس بحاجة إلى الغذاء والمياه والتعليم والرعاية الطبية"، أكثر من 10 ملايين شخص (نصف عدد السكان) يعانون من الجوع أو معرضون لخطر الجوع وفقا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ونسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية في اليمن هي واحدة من أعلى المعدلات في العالم.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية