رئيس التحرير
عصام كامل

فقط تسجيل موقف حول الدستور الجديد (4)


تعلمت من تجربة متواضعة في الحياة، أن الواثق لا ينفعل، ولكني سمعت بأُذني مُداخلة الدكتور جابر نصار على برنامج العاشرة مساءً مع الأستاذ وائل الإبراشي الذي كان في ضيافته الدكتور إبراهيم درويش. كان الدكتور نصار منفعلاً في دفاع مُستميت عن الدستور، شعُرت معه أنه يعرف ما تحمله الصياغة الموضوعية من مصائب، ولكنه كان يُدافع عن اشتراكه في الصياغة، لأنه تجسد في الفعل.


وقد بدأ بعض ممن يسوقون "للنعم" على الدستور، حملة تخويف وترهيب، من أن البديل، هو العودة إلى دستور الإخوان وتهديدات جمة لمصر وسقوط لثورة 30 يونيو. وبالطبع هذا هُراء، وهم يعرفون ذلك. فالسيدة المستشارة تهاني الجبالي، وهي ممارسة للقانون وليست هاوية، وبينما تؤيد الدستور الإخواني المعدل، أكدت أن "اللا" على الدستور، تجعل البديل بمنتهى البساطة هو دستور 1971.

وبينما اختلف مع المستشارة الجليلة، إلا أنني احترم هذا الاختلاف، لأنه يقوم على الحق، بينما ما دونه يقوم على الباطل. فلماذا لا يصدُق مُرهبو المصريين، حديثهم حول بديل دستورهم، بينما يرون أنه أفضل دساتير العالم؟ هل المرأة الجميلة، بحاجة لأن تقول للناس إنها جميلة، أم أن الناس يشهدون على ذلك دونما كلمات منها لأن جمالها ظاهر للعيان؟!

ومن يقولون إنهم يعترضون على بعض المواد بالدستور، ولكنهم ولمصلحة مصر سيصوتون "بنعم"، وسيتغاضون عن تلك المواد، إما أنهم لم يقرأوا الدستور أو أنهم قرأوه ولم يفهموا ما دُس به من سُم في العسل. ولا أُخوِنُ أحداً، رغم أن من يقولون بذلك قامات، لا أظنها جاهلة. فالاعتراض ليس على مواد اقتصادية أو مواد حتى خدمية، ولكن الاعتراض على مواد من شأنها أن تُسقط مُجمل الدولة في براثن تجار الدين مرة أُخرى!!

لقد دُست الكثير من العطايا الجذابة للمواطنين في هذا الدستور، والتي لا يمكن إنكارها. فلا توجد وثيقة في العالم يراد لها أن تنال رضاءً شعبياً، لا توجد بها بنود جذابة. إلا أن المواد الشائكة، تتخطى الخط الأحمر للأمن القومي، ومن المأساوي أن يُقال إن المسألة يمكن تخطيها لمصلحة الوطن، لأن في صُلب تلك المواد إضرارا شنيعا بمصلحة الوطن!!

إلا أنني وكما قلت في المقال الأول، على يقين بأن هذا الدستور سيكون مؤقتاً، ولن يصمد وسيسقط إما بالقضايا ضد لجنة الخمسين حيث تجاوزت مُدتها قانوناً وفقاً لتفسير فُقهاء، قالوا بشمول الإجازات فترة الـ 60 يوماً الخاصة بانعقادها أو من خلال برلمان رُبما حصل المُستقلون المدنيون على الأغلبية المُطلقة فيه أو ربما بنزول الشعب لإسقاطه حال اكتشاف الخديعة، التي ليست خديعة حقيقةً، ولكنها ظاهرة للغاية، إلا أن هناك كثيرين ممن باعوا "واجبهم الوطني" في أن يقرأوا واعتمدوا على نخبة سبق وأن أغرقتنا!!

إلا أن إطالة الأمد بالعمل بهذا الدستور وفقاً لما حواه بابا السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بالتحديد، من شأنه أن يوصلنا إلى الفوضى.

وفي النهاية أُفضل أن أكون بين "القلة المندسة" التي سترفض الدستور الإخواني المُعدل بأيدي اليسار، والذي إن صوت عليه اليوم، وبسبب الدعاية الإعلامية له، سيمر بنسبة مئوية عالية للغاية، .. وليتحمل كلُ منا قراره، ولا يتعلل بالجهل!!

وهكذا قلت أهم ما أفكر فيه حيال تلك الوثيقة، وأتمنى أن يكون رأيي خاطئا، لأنني أثق أن غالبية المصريين يتمنون صالح مصر، ولا أُعادي أحداً سيصوت بنعم، لأنه يجب أن احترم رأي الأغلبية، طالما أُتيح لي إبداء رأيي، لأن مصر وطن لنا جميعاً.
وتحيا مصر..
الجريدة الرسمية