رئيس التحرير
عصام كامل

«رحلة سقوط الإخوان».. «بديع» لقيادات المحظورة: لن يكون لنا مرشح في الرئاسة.. سنحول ممتلكاتنا المنهوبة مقارًا لـ«الحرية والعدالة».. «حشمت»: لم أفهم علاقتنا بالحز

الإخوان المسلمين
الإخوان المسلمين

أقل من 5 أشهر مضت على سقوط نظام الإخوان الذي ظل يبحث عن السلطة لمدة تزيد عن الثمانين عاما، وحينما وصل لقمة الهرم سقط في أقل من عام!!

الشهور الخمسة التي تلت سقوط النظام الإخواني كانت كفيلة بكشف كافة فضائحه، على الرغم من كونه تنظيما عرف عنه السرية في العمل ووصفه البعض بـ«التنظيم الحديدي» إلا أن سقوطه المروع كشف العديد من الأسرار والخبايا.

وخلال عام حكمهم حاولوا تحويل مصر لقلعة إخوانية حصينة ونقطة انطلاق لدولة الخلافة أو أستاذية العالم وفقا لما تربوا عليه من كتابات زعيمهم مؤسس الجماعة ومرشدها الأول «حسن البنا»، لكن حدث ما لم يتوقعوه، فقد خسروا كل شيء دفعة واحدة في أقل من عام بسبب رغبتهم في السيطرة السريعة وقيامهم بإقصاء الآخر.

الرغبة الإخوانية كانت واضحة منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها الجنرال الراحل عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الأسبق، ونائب رئيس الجمهورية الأسبق تنحي محمد حسني مبارك عن الحكم، وتكليف المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد.

لم يُضع الإخوان وقتا وبدأوا في التحرك سريعا لاقتناص الفرصة ووضعوا الخطة وشرعوا في عقد الصفقات والتحالفات، ولكونهم الأكثر تنظيما والأعلى تمويلا استطاعوا أن يحققوا ما صبوا إليه في فترة وجيزة.

السؤال.. «كيف تم ذلك؟»..إجابة السؤال تتلخص في «فيديو» صوت وصورة، لأولى اجتماعات مجلس شورى الجماعة في أعقاب إعلان تنحي مبارك ونقل السلطة للمجلس العسكري، وهو الاجتماع الذي حصلت «فيتو» على «الفيديو» الخاص به الذي كان بحوزة أحد أكبر قيادات الجماعة، وهو الفيديو الذي حدد فيه مجلس الشورى العام محددات العمل خلال المرحلة الانتقالية ووضح فيه إصرار الجماعة على «التمكين» والسيطرة على كل شيء. وهو آخر اجتماع عام لشورى الإخوان شهده مقر الجماعة بشارع الملك الصالح بمنطقة المنيل.

وفي هذا الاجتماع حضر معظم أعضاء مجلس الشورى العام للإخوان، ويظهر في الفيديو العديد من الوجوه على رأسهم الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة ونوابه الدكتور محمود عزت والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور رشاد البيومي، والأمين العام للجماعة الدكتور محمود حسين، والدكتور محمد مرسي الذي أصبح رئيسا للجمهورية فيما بعد، والدكتور محمد سعد الكتاتني والمهندس سعد الحسيني والدكتور جمال حشمت والدكتور عصام العريان، ومحمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة.

يتضح منذ الوهلة الأولى لمشاهدة هذا الفيديو أن الاجتماع كان احتفالا بنصر الإخوان وتمكنهم من فتح مصر وسيطرتهم على كل المؤسسات وتحويلهم المجتمع للفكر الإخواني وفقا لمناهج التربية الخاصة بالجماعة.

فهذا الفيديو ينقل اجتماع مجلس شوري الإخوان في الانعقاد الثاني بدورته الرابعة( 2010-2014) وكانت هذه الجلسة في النصف الثاني من شهر إبريل 2011. وترأس الجلسة مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع، وأمين عام الجماعة محمود حسين.

الاجتماع ناقش تأكيدات من المرشد بعدم ترشيح أي عضو من الجماعة في انتخابات الرئاسة 2012، وأن أي عضو سيترشح ستوقع عليه عقوبات من قبل الجماعة.

وطالب بديع أعضاء الجماعة في الجلسة بالغزو والخروج وترك المنازل، لإحياء فكرة الغزو، وأنهى حديثه بقوله «ألقاكم في حرب فلسطين» وابحثوا في كل محافظات مصر عن ممتلكات الإخوان المنهوبة لتكون مقرًا لحزب الحرية والعدالة.

بدأت الجلسة بتأكيد الدكتور بديع- المرشد العام للإخوان- على عدم وجود مرشح للإخوان لرئاسة الجمهورية والجماعة لن تقدم مرشحا للرئاسة، مبررا ذلك بقوله: «وهذا ليس لعدم وجود عناصر من جماعة الإخوان تصلح للمنصب، فقد حملوا على عاتقهم أعباء تفوق هموم الدولة كلها»، مشيرًا إلى أن الإخوان قدموا خدمات لمصر والعالم العربي والعالم أجمع، كلما حلت النماذج الطيبة للجماعة، مستشهدًا برأي مؤسس الإخوان حسن البنا، قائلًا: «الإخوان أعقل من أن يتقدموا لقيادة الدولة في هذه الظروف» ولديهم من العقل والحكمة أن تستمر روح الثورة المصرية، فالقضية هي الأهم، وكما حمل كل أبناء مصر هم الثورة يحملون هم النهضة ببلدهم ولن يتأتي ذلك بوجود الإخوان في السلطة.

وقال بديع: مما ترتب على عشرات السنين من الكيد والحقد والتشويه المتعمد الذي أثر في الكثيرين حول الإسلام وشريعة الإسلام، وبالتبعية جماعة الإخوان لأن من تشوه فهمه عن الإسلام تشوه فكره عن الإخوان».

وطالب بديع الإخوان في الاجتماع بإعداد مصر أولًا من خلال فكر وثقافة الإخوان لتنطلق فيها بكل قوة، لتصبح لمؤسسات الجماعة دور في التربية الإخوانية، وذلك نتيجة ما وصفه بإبعاد الإسلام عن الحياة وليس الإخوان، قائلًا: إن البعض تعمد تجفيف منابع الإسلام والله جمع نياتهم السيئة في آية (يبغونها عوجا) والأمر يحتاج لإعداد طويل وجهد مضن، كنا نبذله، ونحن يضيق علينا، متسائلًا فهل يعقل التقاعس عند التوسيع علينا؟

بديع ذكر أن أمام الإخوان هما واحدا «أن يجلي ما أصاب الإسلام من غبار التشويه والافتراء والتبعية عن جماعة الإخوان»، مطالبًا الإخوان أن يروا الناس ما أراد الله منهم خيرا، حتى يحببوا الناس في الله.

وأكد بديع لمجلس شوري الإخوان أن نشاطهم ودعوتهم أهم لرفع القيم وتفهيم المسلمين والمسيحيين الإسلام وعدالته، مشيرًا أن دور الإخوان ليس التنافس على السلطة والرئاسة، بل الانطلاق والتعريف بقيم الإسلام، قائلًا: «من هنا كان قرار الجماعة بعدم المنافسة على الرئاسة، وعدم ترشيح أي أحد من الإخوان، وعدم دعم أي شخص من الإخوان يرشح نفسه للرئاسة، لأنه بذلك سيخالف مجلس شورى الإخوان وقرار المرشد».

وتحدث في الاجتماع محمد مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان، قائلا: جماعة الإخوان عريقة ولها أصول ومبادئ وأخلاق ومشروع حضاري، وتنظيمها عظيم يبدأ بالمرشد ومجلس شوري الإخوان والمكاتب الإدارية، وعلينا أن نحافظ على الإخوان.

مضيفًا: ليس في الإخوان من يخالف، وأسمع الآن عن استقالات، من أراد الاستقالة- من الجماعة- مرحبًا به ومن أراد خدمتها من خارج المنظومة فمرحبًا به.

وأكد عاكف أن مجالس الإخوان لابد أن تحترم، قائلا: لا أحد فوق الجماعة، وإذا كان بقرارات الجماعة نقص علينا أن نكمله.
وطالب مجلس شوري الجماعة بالحفاظ على الجماعة ومنظومتها وأخلاقها ومشروعها، وأن يتركوا الناس أحرارا يفعلون ما يريدون، ودعا الله للجماعة بالنصر والتمكين ولمصر النصر والسداد.

في هذا الاجتماع، أعلن محمد بديع عن تشكيل «لجنة دائمة للتحقيق» بالجماعة، قائلًا: «إذا عرض شيء يحتاج فصلًا قضائيًا، سأحيل لها الأمر وخاصة أن لدى بعض المشكلات، وهذه اللجنة تقوم بالتحقيق في المخالفات الخاصة باللائحة والتنظيم، وكان بعضها يمسني شخصيًا كمرشد، وحقي الشخصي أتنازل عنه، لكن حق الجماعة لا أتنازل عنه، فمكانة الجماعة لها التبجيل من الإخوان».

وحكى بديع في الاجتماع أن رجلًا من أشراف مكة ورئيس إحدي جامعاتها، قال له «والله ما فتحت باب السيارة لملك أو وزير أو أمير، لكن أفتحه لمرشد الجماعة».

وأكد بديع في الاجتماع أنه سيخرج خارج دائرة الخصومة والخطأ، قائلًا: يعرض لنا الأمر لنكون حكمًا فيه، مشيرًا إلى أنه ليس هناك تنازع للمسئوليات بين مجلس شوري الإخوان ومكتب الإرشاد، وأنه لا يُعقل أن يتصور أو يحدث أن يأخذ مكتب الإرشاد سلطات مجلس شوري الإخوان أو يؤثر نفسه بها.

وقال بديع لمجلس شوري الجماعة: عندما تتاح الفرصة تعرض جميع القضايا، وما تريدوا أن تأخذوه للجماعة فهو لكم، أنتم الهيئة العليا التي تمسك اللجنة. مضيفًا: كل ما كنا نتمنى أن يحدث ولم نكن نستطيع تنفيذه للجماعة سترونه تباعًا، فهذه الجماعة نشأت على التربية وطلب الآخرة، كل مسئولي الإخوان بحاجة للعمل على التربية- الإخوانية- ونحتاج نبعًا صافيًا نغتسل فيه من أدران أعمالنا هكذا قال بديع، وأن الجماعة بدأت تعد نفسها، مشيرًا إلى أن الجماعة بدأت في إنشاء قناة فضائية وستدخل كل برامجها الدعوية في القناة.

وقال بديع: «سنعود كما علمنا البنا»، إننا روح جديد متسائلًا: هل نحن الآن روح؟.. لو كنا جسدا لن نستطيع التحرك في عروق الأمة لتحيها بالقرآن إلا إذا كنا فكرا وعملا جديدا.

وفي هذا الاجتماع ناقش مجلس شورى الجماعة العلاقة التي ستكون بين الجماعة وحزب الحرية والعدالة. فقال الدكتور محمد جمال حشمت:» لم أفهم العلاقة بين الجماعة والحزب لأن بها علاقة مرجعية وتنسيقية، فالأولى ثوابت مرجعية والثانية تنسيقية ولو جاءت المرجعية في المبادئ والأهداف بنسبة 93% والمرجعية في كل شيء بنسبة 53% والمرجعية في الأهداف يكون الباقي تنسيقيا».

وهنا تدخل الدكتور محمود حسين أمين عام الجماعة للرد على حشمت قائلا:«مرجعية الأهداف ومرجعية الانتخابات والثالثة تنسيقية قبل وبعد التفويض، وانتهينا منها».

الفيديو الذي حصلت عليه «فيتو» نسف تأكيدات الجماعة السابقة حول أن مؤسسات الجماعة لم تكن تدير حزب الحرية والعدالة بالريموت كنترول، ففي هذا الاجتماع الذي كان في شهر إبريل تم اختيار رئيس الحزب ونائبه وأمينه العام على الرغم من أن الحزب تأسس رسميا بعد ذلك بشهرين!!

ففي الاجتماع، حدد محمود حسين الأمين العام للجماعة ما خلص له الاجتماع من قرارات، في التالي أولًا: اعتماد اللائحة والبرامج وتفويض الجماعة والحزب، ثانيًا: قرار اختيار الدكتور محمد مرسي رئيسًا للحزب وعصام العريان نائبا للرئيس، ومحمد سعد الكتاتني أمين عام الحزب، ثالثًا: اعتمادات إشهار الحزب، رابعًا: اللجنة الدائمة للتحقيق برئاسة محمود حسين وعضوية اثنين آخرين، خامسًا: التأكيد على عدم المغالبة على مجلس الشعب، ولكن المشاركة بنسبة من 35 حتى 45%، ويترك للمكاتب الدخول بالنسبة المناسبة، سادسًا: تفويض مكتب الإرشاد لاختيار نائب لرئيس الحزب، سابعًا: لن ننافس على الترشيح للرئاسة ولن نرشح أحدًا منا، ولن نؤيد أي أحد منا يرشح نفسه.

ومع قرب نهاية الاجتماع قال بديع: قال الله تعالي «وذكرهم بأيام الله» وأذكركم بالمعيشة النفسية لمن لم يغزُ، أن يجدد نفسه بالغزو وليس الجهاد، بل الخروج وترك المنازل لنحس بالله ونحمده على النعمة.

وقال بديع: كنا مستضعفين في الأرض نخاف أن يتخطفنا الناس، ونحن نجلس الآن في أمان في مجلس شوري الإخوان، وسيكون على الملأ، وسيحظر من حظرنا ويحل من حصرونا، يقينا الله يحقق الأماني، والله لن يخزيكم، كما قالت جدتكم خديجة، وكونوا خير الناس بنفعكم للناس.

مضيفًا: جماعة الإخوان في الطليعة في حمل الهموم وتقديم الخيرات والوقوف في وجه الفاسدين، وقد استرد شعب مصر حريته.
بديع قال: إن للثورة لصوصا فاحذروا لصوص الثورة ولصوص الدولة من شياطين الإنس».

واختتم بديع كلمته بوعد مجلس الشورى قائلًا ألقاكم في حرب فلسطين من جميع الأماكن، وطالب الإخوان بالبحث عن كل ممتلكات الإخوان التي وصفها بالمنهوبة في كل المحافظات لتكون مقرات للحزب.

نقلا عن «العدد الورقي»
الجريدة الرسمية