رئيس التحرير
عصام كامل

فقط تسجيل موقف حول الدستور الجديد (3)


يُسمعك من يحاول إقناعك بالدستور الإخواني المعدل، بأنه إن لم يعجبك سيقوم مجلس الشعب بتعديله، وكأن تعديله أمراً بسيطاً، فوفقاً للمادة 226 يُشترط لتعديل الدستور كلياً أو جزئياً موافقة أغلبية مجلس الشعب، وهو عدد يزيد على الـ 300 شخص، وهو الأمر شبه المُستحيل. وبذا، فإننا في حال قبلنا بهذا الدستور الذي يُقنن لتقسيم البلاد وعودة الإخوان، نكون قد قننا لإسقاط مصر!!


ويُعد هذا الدستور مناقضاً لخارطة الطريق، على الأقل في المادة 198 منه، حيث يُميز المُحامين بحصانة، ما يمنحهم وضعا مُميزا في المجتمع دوناً عن غيرهم. حيث "يحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع"، وقد أكدت خارطة الطريق على عدم إقصاء أحد في المجتمع وتمييزه عمن دونه، وتلك المادة فيها تمييز شديد وتساوي بين المحامين والقُضاة مناقضة للقواعد البسيطة لإحقاق العدالة!!

وعودة لما أكدت عليه في مقالي السابق، من هيكل عام يؤكد على إعادة الإخوان إلى المشهد السياسي وإسقاط لثورة 30 يونيو، فإن رئيس الجمهورية وفقاً لهذا الدستور شبه "طرطور"، في بلد ذا موروث يقدر الرئيس جداً وشعب بحاجة إلى قيادة قوية وواضحة بعد 3 سنوات من الفوضى، وقد بلغت الاستهانة بموقع هذا الرئيس، ووفقاً للمادة 141 من الدستور، أن بإمكان 20 عضواً فقط من مجلس النواب البالغ عدد أعضائه ما لا يقل عن 450 عضواً، تزكية شخص للترشح للرئاسة في بلد الـ 92 مليون نسمة!!

ويعود رئيس الجمهورية لكي يُدير شئون البلاد إلى مجلس الشعب في كل شىء تقريباً بشروط يصعُب أن تتوفر دوماً كي نمضي إلى الأمام، وهو ما يعني أن السلطة التنفيذية الأساسية في البلاد، هي المجلس التشريعي وحزب الأغلبية فيه، وليس رئيس الجمهورية.

وهنا يطرأ السؤال: كيف للأحزاب المدنية الورقية بالبلاد أن يفوز أحدها بأغلبية عضوية مجلس الشعب، بينما لا تمتلك قواعد شعبية حقيقية، وأصبحت مكروهة بالبلاد؟! بالطبع هي لن تقوى على الفوز بأغلبية في هذا المجلس، وسيفوز بأغلبيته الأحزاب الدينية مرة أخرى!!

ولقد قرر السيد عمرو موسى، في أحد مؤتمراته الصحفية تعليقاً على الدستور الجديد، بأن حزب النور ليس حزباً دينياً، وهو الأمر المُدهش، حيث إن السؤال: إن لم يكن "حزب النور السلفي المُتشدد"، الذي لا يقف أعضاؤه تحية للنشيد الوطني المصري حزباً دينياً، فمن يكون؟! وهنا نرى، أنه من الطبيعي، أن يدافع حزب النور عن هذا الدستور، ليس تضحية منه، ولكن لأن مصالحه تكمن في نصوصه!!

إن هذا الدستور، هو امتداد للدستور الإخواني وسيسهل من خلال "قواعد السمع والطاعة"، أن يُعدل الدستور، وفقاً لإرادة حزب الأغلبية الديني بمجلس الشعب لما هو أسوأ، بحيث يضمن الإخوان بالديمقراطية المصنوعة في ذاك الدستور ما لم يستطعوا فعله في فترة حكمهم!!

والإخوان من السهل أن يعودوا بعد كل هذا الإرهاب الذي مارسوه ضد الوطن والمواطنين، ولكن بتغيير المُسميات والشكل العام للأحزاب العائدة، بالوكالة عنهم. وكما هو واضح من كثير من المواطنين الذين لم يتعلموا من دروس الثلاث سنوات، فإنهم سيقعون مرة أخرى في الفخ المنصوب، وسينتخبوهم رغبة في الاستقرار الذي لن يتأتى هكذا!!

إن من يسوقون "النعم" على "دستور أوباما"، يسوقونها مثلما كان يسوقها الإخوان وأتباعهم وفقاً "لغزوة مدنية للصناديق". وبديلاً عن الزيت والسكر والتخويف من العلمانيين في 2011 و2012، يقوم هؤلاء المدنيون اليوم، بتخويف المواطنين، من عودة الإخوان، الذين سيعودون مؤكداً، بتلك الطريقة!!

ولأنني أرفض إسقاط ثورة 30 يونيو، سأصوت بلا على الدستور الإخواني المعدل بأيدي اليسار،
وللحديث بقية،
وتحيا مصر
الجريدة الرسمية