الأممية الإسلامية فى مواجهة الوطنية المصرية!
لم نكن مبالغين حين ركزنا منذ التسعينيات فى تحليلنا للمشروع الاستراتيجى
لجماعة الإخوان المسلمين على حلمهم الوهمى باسترداد الفردوس المفقود أو نظام
الخلافة الإسلامية!
كل يوم يمر يدل على أن قادة الجماعة مهووسون بتنفيذ الحلم الجماعى
الأحمق الذى يجافى حقائق النظام العالمى الراهن، ويقف مضادا لحركة التاريخ، ويمثل
عدوانا صارخا على سيادة الدول وعلى قيم الدولة الديمقراطية.
وحتى لا نتهم بأننا نركز على موضوع ثانوى فى منظومة الأفكار التى تصدر
عنها جماعة الإخوان المسلمين، نشير إلى الحوار الممتد الذى أجريته عام 1994 على
صفحات الأهرام مع الشيخ الجليل الدكتور "يوسف القرضاوى" والذى كان قد
نشر فى مقالة فحواها "الحلم بعودة الخلافة".
وطرحت عليه أسئلة حاسمة حول طريقة تعيين الخليفة، وهل ستكون بالتعيين
أم بالانتخاب، وحول تداول السلطة وهل سيحترمها الخليفة المنتظر أم سيظل قابعا على
أنفاس ملايين المسلمين إلى أن يرحل بحكم القضاء والقدر، وسألته أخيرا ماذا سيفعل
بطابور ملوك ورؤساء جمهوريات البلاد الإسلامية، وهل سيصدر أمرا بفصلهم من وظائفهم
حتى يخلو الطريق أمام الخليفة أم لا، إن الدكتور "القرضاوى" عجز عن الرد على هذه
الأسئلة وذكر أنه لم يقم ببحث فى الموضوع وأن الأمة الإسلامية هى التى ستقرر شكل
نظام الخلافة!
وقد لفت نظرى بشدة تصريح الدكتور «بديع» المرشد العام للإخوان
المسلمين بعد نجاح جماعة الإخوان المسلمين فى الحصول على الأكثرية فى مجلس الشعب
المنحل حين قال –لا فض فوه- يبدو أن حلم "حسن البنا" فى استعادة الخلافة
الإسلامية قد قارب على التحقق".
ما هذه الهلاوس الفكرية؟ وما علاقة حصول الجماعة على الأكثرية فى مجلس
الشعب بتحقيق حلم الخلافة الإسلامية؟
ولكن الرجل فى الحقيقة كان صادقا مع نفسه! فهذا هو حلمهم الأزلى والذى
يتناقض جوهريا مع قيم الوطنية التى تقدس حدود الدولة، والتى استشهد آلاف من المقاتلين
المصريين فى سبيل الدفاع عنها.
والدليل على ذلك إعلاء جماعة الإخوان المسلمين، التى أصبحت تحكم مصر.
لعلاقاتها مع جماعة حماس على مقتضيات الأمن القومى المصرى.
وقد صدرت تصريحات مشبوهة من قبل عن إعداد معسكرات للاجئين فى سيناء
للاجئين الفلسطينيين الذين قد يتدفقون على الأراضى المصرية نتيجة العدوان الإسرائيلى،
والغرض هنا التمهيد بصورة غير مباشرة لتحقيق سيناريو "الوطن البديل" من
خلال توطين الفلسطينيين شمال سيناء.
جماعة الإخوان المسلمين لا تؤمن بقداسة الحدود الوطنية، وليس لديها
مانع فى ظل حلم الخلافة الإسلامية من أن يحكم مصر رئيس "ماليزى" ما دام
مسلما كما صرح المرشد السابق للإخوان ذات مرة!
غير أن خطورة هذا الاتجاه إزاء الأممية الإسلامية، وإهدارها لقيم
الوطنية المصرية تظهر فى مجال الاقتصاد.
ويشهد على ذلك المشروع المشبوه عن "الصكوك الإسلامية" والذى
لا يتورع أصحابه من مشرعى الإخوان المسلمين عن محاولة تمريره بأى ثمن ولو بحذف
كلمة الإسلامية، ليكون بابا واسعا لبيع الأصول الاقتصادية للدولة والشعب لمن يشترى
من الأجانب أو الإسلاميين أيا كانت جنسياتهم.
ووصلت الحماقة بهم أن يصدر أحد المسئولين من الجماعة تصريحا له دلالة
خطيرة مبناه:
لا تخافوا فقد تم الاتفاق على استثناء الأهرام ونهر النيل وقناة
السويس من التعامل فى مجال هذا الصكوك!
أليس فى هذا التصريح اعتراف ضمنى بأن كل أصول مصر ستكون معروضة للبيع
لكل من يدفع الثمن بمن فى ذلك الأجانب؟
وأليس فى ذلك ضرب من ضروب الخيانة الوطنية؟
eyassin@ahram.org.eg