رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب انهيار الثورة المصرية


ماذا يحدث فى مصر فالمشهد غريب ومتخبط وفوضوى ويعكس حالة من العشوائية فى كل شىء بداية من طريقة إدارة الدولة مرورا بالمسرحية السخيفة الهزلية المتمثلة فى الحكومة والمعارضة نهاية لشعب فقد القدرة على الحلم ويرى الحياة الآن بصورة ضبابية، فهو لا يعرف هل ستنهض مصر أم ستظل على هذه الحالة الغريبة من تدهور اقتصادى واجتماعى وكأنه وطن يغتصب من أبنائه؟ الجميع يسعى لمصالحه وأهدافه بكل ما يستطيع من قوة وكل الوسائل مستخدمة ومباحة فالأهم من وجهة نظرهم جميعا تحقيق مصالحهم الضيقة على جثة وطن ينزف حزنا على ما يحدث وكأنهم اتفقوا جميعا على اغتصاب هذا الوطن ولا يتعلمون من دروس التاريخ وكيف انتقم هذا الوطن من كل معتد ومغتصب، فمصر بها شعب صبور طيب يرى كل شىء ويحلل ويدقق ولا يثور إلا عندما يشعر أن صبره قد نفد وأنه لا مجال للحياة سوى التغيير .


والأهم أن هذا الوطن على مر التاريخ لم ينجح أحد فى استغلاله فمصر وطن قهر الجميع منذ فجر التاريخ حتى الآن فهل يتعلم الجميع الدرس ويعملون لمصلحة هذه الأرض الطيبة التى تعطى بلا حدود ولا تنتظر المقابل أم سيظل الجميع دائبون على استغلالها واغتصابها ويشاركون بجهلهم وطمعهم فى انهيار الثورة المصرية؟ ويوجد العديد من هؤلاء فى مصر الآن ومنهم:


تيار وصل للحكم فى مصر عبر شعارات براقة واستغل تعاطف المصريين معه لأنه استطاع النزول للشارع والتعامل مع المواطنين على أنه المخلص والمنقذ من فساد النظام السابق وأنه قادم لتطبيق شريعة الله فى أرضه ويحمل الخير لكل الناس وهذا ليس فصيلا واحدا كجماعة الإخوان المسلمين بل هو تيار كامل يتجمع تحت مسمى تيار الإسلام السياسى فبعد عامين من الثورة المصرية لم نر منهم سوى إصرار على الوصول للحكم بكل الوسائل الممكنة من عقد صفقات أو تحالفات وهى كثيرة ولا مجال لسردها فالجميع يعلمها وأتمنى لهم النجاح لأن مصر للجميع ولكنى لا أرى منهم سوى مراهقة سياسية فهم يحكمون بمنطق الهواة ولا توجد لديهم رؤية متكاملة واضحة للمستقبل ولا يستطيعون احتواء معارضيهم ومخالفيهم فهم يتعاملون مع الجميع الآن بمنطق أنهم السادة الحكام الجدد ومن معهم فائز ومن سيعارضهم منبوذ ولن يحصل على شىء وسيخسر كل شىء فهم القادرون على الفوز بالانتخابات وتنظيم المليونيات.


تيار المعارضة المصرى من الأبطال الأساسيين فى جريمة تفجير مصر، فهم بكثرة عددهم وأحزابهم وحركاتهم وقياداتهم التى تملأ الوطن تصريحات ووعودا وآمالا وطموحات يمارسون ما يمارسه النظام الحاكم لكن من الباب الخلفى وهو المعارضة فهم لا يتفقون على شىء ولا يتجمعون سوى للشكوى من قرارات الرئيس وتصريحاته وكأنهم لا يتعلمون من أخطاء الفترة الماضية، فسلاح قهر الإخوان والقضاء عليهم هو الصناديق فبدلا من ادعاء الوطنية والصراخ ليل نهار والتواجد الدائم فى الفضائيات ووسائل الإعلام عليهم النزول للشارع والعمل وسط المواطنين بشكل حقيقى فهم يريدون نصرة الشارع بلا مقابل، وأين هم من هموم المواطن؟ فالشعب يريد الحياة ولا يريد الشعارات البراقة والعبارات الرنانة.


يمارس الإعلام المصرى سواء الخاص والحكومى دورا مهما فيما يحدث من شيطنة كل شىء فكل صحيفة أو قناة لا تبحث عن مستقبل هذا الوطن بشكل فعال وحقيقى بل تبحث وتسعى بكل قوة نحو مصالح ملاكها وأهدافهم وتوجهاتهم السياسية، فصحف وقنوات الدولة تسبح بحمد الرئيس وتصنع منه المنقذ والمخلص ورجل المستحيل المدعوم من الله وصحف الأحزاب تهاجم الرئيس لسياسات أحزابها وتوجهاتها ورغباتها السياسية والقنوات الخاصة التابعة لرجال الأعمال تعبر عن مصالح وتوجهات الملاك الجدد والجميع تجاهل مستقبل مصر فبنظرة سريعة نجد أن تصفية الحسابات وتشويه الخصوم والقضاء عليهم هو شعار الإعلام المصرى وأتحدى أن نجد صحيفة أو قناة فضائية تخصص مساحة للأفكار الحقيقية التى تهدف لبناء مصر والخروج من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.


البحث عن السلطة والأضواء والشهرة فى مصر أدخل العديد من الشخصيات المجهولة سياسيا وشعبيا إلى المشهد السياسى المصرى بكل قوة وبعضهم توهموا أنهم قادرون فى هذه اللحظة التى تحمل تخبطا وفوضى فى كل شىء والحصول على مكاسب سياسية سواء من التهليل للحزب الحاكم وتبرير كل أخطائه والتشهير بمعارضيه وهؤلاء فريق كامل يتصدر القنوات والصحف التابعة لتيار الإسلام السياسى وهم يرون بتصريحاتهم وأفعالهم أنهم يخدمون الإسلام وهم يحصدون الآن الثمار من تعيينات فى مجلس الشورى ومن قبله المجلس الأعلى للصحافة والمجلس القومى لحقوق الإنسان وغيره وفى المقابل نجد طابورا طويلا من أنصاف المتعلمين وأشباه المثقفين بعضهم يؤيد المعارضة ويملأ الصحف والفضائيات تصريحات وتحليلات سياسية تنم عن جهل ورغبة فى إفشال الرئيس وكأن هذا الوطن مجرد تركة يريد الجميع تقسيمها وكأنهم لا يتعلمون من دروس التاريخ أن مصر وطن لا يمكن احتكاره وعلى الجميع التعاون والعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

 
المشهد الحالى فى مصر يرسم مجموعة من البشر يلهثون بأقصى سرعة نحو هدف واحد ولا يرون إلا أنفسهم ويستخدمون كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق مصالحهم الضيقة فى الوصول لحكم مصر وجميعهم خاسر لا محالة، فمصر لن يستطيع فصيل واحد حكمها وسيفشل بلا منازع وسيخسر الفرصة التاريخية ليكتب اسمه من نور فى تاريخها، فهل يتعلمون الدرس؟


مستقبل مصر الحقيقى خارج هؤلاء جميعا فى شبابها النقى الطاهر الذى لم تلوثه خبايا وصفقات السياسة ولا أموال ومليارات رجال الأعمال، فهم الأمل المنتظر لبناء هذا الوطن ووحدتهم وتوافقهم هو الحل الوحيد لإنقاذ مصر من كل مغتصب يريد اختطافها واحتكارها وهم قادرون على ذلك بحكم التاريخ والإرادة المصرية.


dreemstars@gmail.com

 

الجريدة الرسمية