رئيس التحرير
عصام كامل

سهرة على السطوح.. مع نجم ! ( 2 )


.. كان ضروريا أن نسبق المذيعة والمخرجة إلي بيت أحمد فؤاد نجم.. لإعداد ترتيباته التي تسبق الجميع وتحيط بعملهم..وهناك..في المقطم..وفي قلب السوق الشعبي..كان السؤال بسيطا مقتضبا لتاجر الخضراوات: "هل تعرف بيت الشاعر أحمد فؤاد نجم..؟" كان الرد كفيلا لنعرف أن تاجر الخضراوات لا يعرفه وحسب.. وإنما بات الرجل متضجرا من كثرة سؤاله عن العنوان وكأنه الوحيد الذي يسأله كل القاصدين إلي الفاجومي !


كان بيت نجم بالمساكن الشعبية مدهشا ! فالكل يعلم أنه يقيم في حي شعبي..والكل يعلم أنه يقيم في المساكن الشعبية للحي الشعبي..والكل يعلم أنه يقضي وقته علي سطح العمارة الشعبية التي بالمساكن الشعبية التي بالحي الشعبي..لكن لم نكن نعلم ولا غيرنا يعلم أن الفاجومي يقيم بالدور الأخير..وأنه قام باختراق السطح إلي أعلاه ..وأنه في أعلاه أقام مستعمرة كاملة..صنع منها عالمه البسيط..عاش فيه ببساطة غير ممكنة..غير معقولة..فلا قيود ولا نظام ولا حدود علي الإطلاق..اللهم إلا الكرم والشهامة والجدعنة والتلقائية واللانظام..هو بجلبابه..يستقبلنا بترحاب وطيبة وبشاشة لا مثيل لها..حكاء من طراز فريد..ومتدفق في السرد بشكل يحسده الكثيرون عليه..سأل عن أحوال التليفزيون المصري واستهجنها..تحدثنا عن جمال عبد الناصر والسادات ومبارك..تحدثنا عن بعض الدول العربية والواقع فيها..هدد أنه لن يسجل معنا إن لم يأت حمدي رءوف..وأبلغناه بأننا اتصلنا برءوف وأنه في الطريق..!

وصل فريق الفنيين.. وبدأنا سهرة من الضحك والسخرية بين البحث عن مصادر للكهرباء وبين مكان غير مهيأ للتصوير وبين أشياء مطلوب نقلها وحملها وكل همسة كان له عنها تعليقا وسخرية..واستكمل سخرياته في الحلقة التي أدارتها عزة مصطفي باقتدار وكانت من الحلقات النادرة التي أعيدت في برنامج "ضي الليل" أكثر من مرة!

كانت السهرة مع ثنائي نجم ورءوف ممتعة..ربما حاول استبدال الشيخ إمام بحمدي رءوف .. إلا أن رءوف لم يكن الشيخ إمام..فلكل منهم حالته وأحواله..وموهبته وطريقه وطريقته..ولم تكن الظروف كالظروف أيضا ..لكن..كانت سهرة تاريخية علي السطوح ..وعن قرب لابد أن تكتشف طبيعة وحقيقة رجل كأحمد فؤاد نجم..ابن البلد..الشهم..الطيب..والأب الحنون خصوصا مع ابنته الوقورة جدا "زينب" التي تكفلت بضيافة كريمة لا مثيل لها..ومن أب طيب وكريم إلي أقصي حدود الطيبة والكرم..

نجم ظاهرة فريدة لن تتكرر بسماتها ولا بتفاصيلها وبرحيله سيشعر الكثيرون بشىء ما ينقص الحياة العامة في مصر..!
وفي الأخير لا نملك إلا القول إنا لله وإنا إليه راجعون..وداعا أحمد فؤاد نجم..!
الجريدة الرسمية