مَن يفكر للحكومة؟!
حكم الإخوان الذي استمر لمدة عام، كان فاشلًا وبائسًا وتعسًا.. كان خرابًا على الجماعة وتاريخها كما كان خرابًا على الدعوة الإسلامية ذاتها، فضلًا عن أنه كان خرابًا -ولا يزال- على الوطن كله.. لهذا قامت ثورة ٣٠ يونيو، وانحاز لها الجيش، وتمت الإطاحة بحكم الإخوان، ووضعت خارطة طريق لتحديد خطوات المرحلة الانتقالية..
بالطبع كان هناك قطاع من المصريين -ممن كان لهم ارتباط بمبارك- شاركوا في ثورة ٣٠ يونيو، ومن المؤكد أنهم كانوا وما زالوا يتوقون للعودة إلى ذلك العهد.. المشكلة أن فترة حكم الإخوان أصبحت هاجسًا يعشش في عقول وقلوب الكثيرين، سواء كانوا من الحكومة أو لجنة الخمسين أو الأحزاب، بحيث انعكس على طريقة تفكيرهم وأدائهم وتناولهم كثيرًا من الأمور..
خذ مثالًا على ذلك قانون التظاهر الذي أصبح حديث الساعة.. من المؤكد أن التظاهرات شبه اليومية التي قام بها الإخوان وأنصارهم في الأيام الفائتة في الشارع والجامعات وما ارتبط بها من تجاوزات خطيرة كانت السبب المباشر وراء إصدار هذا القانون، بالرغم من إمكانية مواجهة هذا الأمر من خلال قانون العقوبات والتعديلات التي أدخلت عليه عام ١٩٩٢..
لقد تفاوتت الآراء في قانون التظاهر تفاوتًا كبيرًا، من حيث بعض مواده وتوقيت صدوره، فضلًا عن مدى الحاجة إليه أصلًا في هذه المرحلة.. هناك من رآه مهمًا ولازمًا، وكان يطالب بل يضغط بإلحاح على الحكومة لإصداره، خاصة في هذه اللحظة حتى تعود للدولة هيبتها ولسيادة القانون احترامه، كضرورة لضبط إيقاع الحياة في كل المجالات.. من ناحية أخرى، هناك من يرى أن القانون يصادر -من حيث المبدأ- حقا أصيلا للشعب في التظاهر السلمى.. وهناك أيضًا من يعتقد أن القانون يمثل بداية لعودة ما قبل ثورة ٢٥ يناير..
الأعداد التي شاركت في تظاهرة الثلاثاء ٢٦ نوفمبر أمام مجلس الشورى كانت محدودة ومتواضعة، لا تتعدى بضع مئات، وكان المشاركون فيها من ٦ إبريل والاشتراكيين الثوريين وما سمي "طريق الثورة".. وهؤلاء موقفهم واضح من ثورة ٣٠ يونيو.. لم يشارك فيها الإخوان أو أنصارهم.. كان من الممكن أن تمر التظاهرة دون أن يشعر بها أحد.. لكن للأسف، تعامل الأمن معها بشيء من القسوة والعنف، بشكل أعاد إلى الأذهان ما كان يحدث أيام مبارك.. تم إلقاء القبض على نحو ٢٨ فردًا قدموا للنيابة.. يبدو أن هؤلاء أرادوا نصب فخ للأمن، ومن الواضح أنهم نجحوا في ذلك.. استهدفوا تصويره "متلبسًا" وهو يمارس قمعًا ضد متظاهرين سلميين، وتصدير هذه الصورة للعالم الذي تلقفها بلهفة وشوق وانتظار.. ويبدو أيضًا أن الأمن أراد أن يبعث برسالة ردع لمن خلفهم.
حتى المؤتمر الذي عقده الدكتور الببلاوى وبعض الوزراء حمل رسالة قوية يرد فيها على من يتهمون حكومته بالتردد والارتعاش(!)
أتساءل كثيرًا: هل هذه الحكومة مناسبة أو ملائمة لهذه الفترة؟ هل هناك من يفكر بشكل جاد وعميق لهذه الحكومة؟ أشك في ذلك كثيرًا.. أعلم -كغيري- أن الأجواء العامة صعبة والتحديات شرسة وضارية في كل المجالات.. لكن، دون نظرة استراتيجية تتحدد فيها الأولويات، سوف نسير نحو هاوية لا يعلم إلا الله تعالى مداها..
أضم صوتى لمن طالب المستشار عدلى منصور باستخدام صلاحياته في العفو عن فتيات الإسكندرية الـــ٢١.. نريد موقفًا يليق بمصر، مكانة وحضارة ومنزلة وتاريخًا!!