رئيس التحرير
عصام كامل

الفقيه الدستورى د. ثروت بدوى في حوار لـ"فيتو": أعترض على استثناء ميزانية القضاء من رقابة البرلمان

فيتو

  • محاربة الإرهاب واجب قومى لكن وجود مادة في الدستور بذلك أمر غريب


الدكتور ثروت بدوى الفقية الدستورى له آراء معارضة للدستور الجديد، ربما يرجع ذلك إلى عضويته السابقة في اللجنة الاستشارية لتأسيسية دستور الإخوان ومشاركته في صياغة الإعلان الدستورى المكمل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.. "فيتو" حاورته وعرضت آراءه بشأنها من قبيل إيماننا بحرية الرأى والتعبير.

- بداية ما رأيك في دستور مصر بعد ثورة 30 يونيو ؟

لأول مرة أرى أن كل جهة تريد إقرارا دستوريا بميزانية خاصة بها، وهذا الأمر لم أر له مثيلا في العالم، كذلك الاختصاصات الضخمة التي يعطيها لرئيس الجمهورية وجعل قراراته نافذة دون موافقة الوزراء المختصين أو حتى دون موافقة البرلمان.

- ما أكثر مواد الدستور التي لك ملاحظات بشأنها ؟

أكثر هذه المواد هى المادة المتعلقة بوزير الدفاع لأنها أعطت لوزير الدفاع وضعا يعلو على وضع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وعلى غيره من الوزراء لأن الوزراء في القانون يجب أن يكونوا في مركز واحد، أما أن يكون هناك وزير لا يخضع لاختيار أو لا يكون من اختيار رئيس الوزراء الممثل للأغلبية في البرلمان إذا كان نظام الدولة برلمانيا أو لاختيار رئيس الجمهورية إذا كان نظام الدولة رئاسيا هنا يستحيل قيام نظام دولة لأن النظام السليم قانونيا يقوم على التوازى بين السلطات على الرغم من الدستور الجديد قد تضمن في ذاته وصفا جميلا يقوم على التوازى بين السلطات وأن السلطة تكون في مقابلها مسئولية، ومع ذلك وجدنا وزير الدفاع لا يخضع لأية مساءلة ولا يمكن لرئيس الجمهورية المساس به، وأيضا كون ميزانية القوات المسلحة لا تخضع للرقابة من البرلمان، وبالتالى أصبحت وزارة الدفاع لا تخضع لأى رقابة لا من برلمان أو رئيس جمهورية.

- وماذا عن المادة المتعلقة بالقضاء وميزانيته التي لا تخضع للرقابة؟

هذه وصمة عار في جبين البرلمان المقبل أن يصبح مجلسا بلا وصف، لأن جعل المادة الخاصة بميزانية القضاء رقم واحد أي أنها لا تتضمن بنودا ولا تخضع لرقابة البرلمان أمر يتعارض مع نصوص الدستور نفسه، لأن الميزانية يجب أن تكون خاضعة للدستور لكنه استثنى من ذلك ميزانية القضاء والقوات المسلحة وهذا أمر خطير جدا، ولا يوجد في أي دستور في العالم، فلم يحدث في تاريخ البشرية أن يستبعد الدستور ميزانيات من الخضوع للرقابة، لكنى أدعو كل القضاة إلى ضرورة الحفاظ على استقلال المجلس الأعلى للقضاء.

- وماذا عن تضمين الدستور مادة تتعلق بالأمن القومى ومحاربة الإرهاب ؟

محاربة الإرهاب واجب قومى لأنها متعلقة بالأمن القومى، ولكن وجود مادة في الدستور تقول بذلك أمر غريب لم أشهده طوال حياتى التي قضيتها في القانون الدستورى، ولا توجد أي دولة في العالم نص دستورها على ذلك.

- أجريت لبعض مواد الدستور تعديلات حيث تم حذف كلمة ووضعت أخرى مكانها مثل باب المقومات الأساسية الذي نص على أن الإضراب السلمى يحميه القانون ثم خرج بعده قانون التظاهر ؟

هناك فرق كبير بين عبارتى "ينظمه القانون" و"يحميه القانون" لأن الدولة بطبيعتها تحمى الحقوق باعتباره حقا من حقوق المواطن، وفى المقابل يخرج قانون التظاهر لدرء أي محاولة للتعبير عن الرأى وحقيقة هذا القانون مرفوض رفضا تاما لأنه ضد الحرية والديمقراطية وضد سيادة القانون، إذ كيف ينظم الدستور حق الإضراب ثم يصدر هذا القانون.

- مواد الحقوق والحريات في الدستور الجديد هل جاءت متوافقة؟

كل عضو في لجنة الخمسين التي تكفلت بتعديل الدستور كان يحاول الحصول على مكاسب لجماعته على حساب الشعب، فلو نظرت إلى باب الحقوق والحريات في الدستور الجديد ستجد أن جميع المواد التي تصون حق المواطن وجميع الضمانات الخاصة بحماية الحريات والدفاع عنها ألغيت تماما، وانتقلت الحريات الأساسية من حريات في الدستور لحماية المواطن إلى حقوق وحريات تحمي أشخاصا محددين يمثلون هوية معظم أعضاء لجنة الخمسين.

- وماذا عن المواد المتعلقة بهوية الدولة ؟

تغيير جملة دولة مدنية إلى مدنية الحكم أفضل، فالدولة لا تكون دولة إلا إذا كانت مدنية وهى شخصية قانونية ولها نظام يحكمها ومعنى وجود النظام أنها دولة متحضرة وليست فوضوية يسود فيها القانون فتكون دولة مدنية، وبالتالى هذا النص أعتقد أنه موفق خاصة أنه كان لحل خلاف وتوافق عليه الجميع، وهو صحيح قانونيا، لكن هناك مادة تتعلق بهوية الدولة وهى الخامسة التي تؤكد أن النظام السياسي في الدولة قائم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة.

- كان هناك خلاف حول مرجعية الأزهر في الدستور، هل تؤيد أحقية الأزهر أم المحكمة الدستورية كمرجعية؟

أولا لا بد أن أوضح أمرا مهما وهو أن ممثلى الأزهر في الدستور الجديد كان واضحا جليا عليهم تركيزهم الشديد على منصب شيخ الأزهر وتحصين منصب شيخ الأزهر، ولم يكن هناك خلاف على مرجعية الأزهر لكن كان اقتراحا برجوع التشريع إلى المحكمة الدستورية وأدى هذا التركيز على تحصين منصب شيخ الأزهر إلى إغفال باقى حقوق الأزهر الأخرى وعلى رأسها مرجعية الأزهر في الشئون الإسلامية وأرى أن استقلال الأزهر خطوة جيدة أن يتضمنها الدستور.

- هل تؤيد وجود كوتة في البرلمان؟

بالطبع أنا لا أؤيد ولا أقبل بوجود كوتة داخل البرلمان، لأن الدستور نص على أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات ولا يجوز التمييز بينهم.

- بماذا تفضل النظام الانتخابى للبرلمان المقبل؟

النظام المختلط هو الأفضل لأنه توافقى ويرضى الجميع.

- في حالة فشل التصويت على الدستور هل يمكن إقرار دستور 1971؟

دستور 71 انتهى ولا بد أن ننتهى من الحديث عن عودته مرة أخرى، لأنه كان دستورا مريبا ويوارى خلفه العديد من الجرائم القانونية لأن أغلبية المواد في دستور 71 بها ثغرات تؤدى إلى بطلانه ولا تصلح أي مادة منه للدستور الجديد أو حتى العودة للعمل به، وإن تم إقراره فهو ناقوس خطر ودليل على فشل الدولة والسلطة وسيجر البلاد إلى فوضى عارمة.

- ما أبرز الاختلافات من وجهة نظرك بين دستور 2012 ودستور 2013 ؟

الحقيقة أن دستور 2012 كان يقوم على مبدأ التوازى في السلطات وليس إعطاء سلطات واسعة لوزراء معينين، أيضا كان يعطى للبرلمان الحق في مراجعة الرئيس في قراراته ولا يمكن للرئيس أن يصدر قرارا إلا بعد موافقة الوزير المختص ودستور 2012 كان حوله بعض الخلافات لكنها لم تكن إلى هذا الحد كما في 2013.

- يردد البعض أن الدكتور ثروت بدوى يميل إلى جماعة الإخوان بسبب اختياره في الهيئة الاستشارية بتأسيسية الدستور في عهد المعزول مرسي؟

أنا لا أميل إلى الإخوان وهاجمتهم كثيرا قبل ذلك وحتى في عضويتى في لجنة تأسيس الدستور طلبت باعتبارى فقيها دستوريا، وقبلت ذلك من أجل صناعة دستور للوطن.
الجريدة الرسمية