شرطة العادلي في العجوزة
كنت قد عزمت الأمر على ألا أتحدث في هذا الأمر الآن، ربما لحساسية التوقيت، وربما لأنني كنت طرفًا فيه، وربما لأنني أؤمن بأن قوات الشرطة تتعافى وتعود وعافيتها، وعودتها من الأمور الإيجابية التي يجب أن نشجعها عليها، غير أن تعقد الأمور وتزايد الحديث في الأمر دفعاني دفعًا إلى تناوله.
كانت دقات الساعة تشير إلى الثامنة مساء عندما فوجئ سائق سيارة "فيتو" بسيارة ميكروباص تسير في عكس الاتجاه أعلى كوبرى أكتوبر.. كان الحادث طفيفًا غير أن عم غريب - سائق سيارة "فيتو" - تصرف بوعي وأصر على أن تسير الأمور في مجراها الطبيعي مساهمة منه في إعادة الأمور إلى نصابها، وإيمانًا منه بمواجهة الظواهر السلبية في الشارع المصري.
تحفظ عم غريب على السائق واتصل بنا ولأن الحادث أعلى كوبري أكتوبر وفي المسافة الأقرب إلى قسم العجوزة تحرك أحد زملائنا على الفور إلى القسم للإبلاغ عن الحادث وهو يتصور واهمًا، أنه يساهم مع قوات الأمن في ضبط الشارع.
كان مأمور القسم يتجول داخل مملكته في خيلاء وهو يتسلى بعلكة في فمه ويمضغها بطريقة مستفزة عندما التقاه زميلنا وأخبره بالحادث، وأن الناس يتحفظون على سائق الميكروباص أعلى الكوبرى.. كان رد المأمور غريبًا وشاذًا عندما قال له: إذا كانت لديكم وثيقة تأمين على السيارة فإن المشكلة "محلولة"، وإذا لم يكن لديكم تأمين فاحمدوا الله إنها جت سليمة!.
أصر زميلنا على موقفه، فلم يكن من المأمور المنشغل بـ"اللبانة" الحائرة بين فكيه إلا أن قال له: ابحث عن ضابط مرور في المنطقة واصطحبه إلى موقع الحادث أفضل لك فليس لدينا وقت نضيعه معك!!
مشكلة المأمور "أبو لبانة" هي مشكلة كل ضابط شرطة لا يعرف حجم التغيير الذي حدث في المجتمع المصري، وقبل هذا وذاك فإنه لا يقدر حجم التضحيات التي يقدمها زملاؤه على خط النار في مواجهة الإرهاب الأسود، ولا يعرف معنى التضحيات التي دفعها أبناؤنا من رجال الشرطة الذين يحملون أرواحهم على أيديهم في كل عملية يقومون بها في شعاب سيناء ووديانها.. مثل هذا الضابط لا يعرف من الشرطة إلا أسوأ ما ورثت من تركة الحكم الديكتاتوري.
ومثل هذا المأمور يروق له أن يتمترس خلف دبابتين تحرسانه في برجه العاجى.. تحرسانه من الناس ومشكلاتهم، فهو لا يرغب في التحرك ولا يدرك حجم مسئولياته التي وضعها الله أمانة في عنقه، ولا يقدر الدماء التي تسيل من زملائه في مواقع المواجهة، ولا يعرف كم تدفع مصر من دماء أبنائها لإقرار نعمة الأمن.
المأمور نموذج لمحتوى أمني جعل الثوار والأمناء بهذا الوطن يتحدثون مؤخرًا، عن عودة غير حميدة لفساد يستشري داخل الجهاز الأمني أصبحت من الضرورة مواجهته حرصًا على دماء الشهداء الأطهار من أبناء الجهاز نفسه، إذ لا يجوز أن نسمح لهؤلاء بأن يسيئوا إلى بطولات تروي أرضنا بدماء طاهرة.
حدث آخر لا يقل خطورة، عندما داهمت قوات الشرطة التابعة لأحد أقسام الشرطة بمنطقة شعبية أحد المنازل لتفتيشه دون إذن نيابة.. ما علينا.. سنقول "اشتباه".. المهم فتشوا كل من داخل المنزل، وأيضا فتشوا كل حجرات البيت.. لم يجدوا شيئا.
كان مأمور القسم يتجول داخل مملكته في خيلاء وهو يتسلى بعلكة في فمه ويمضغها بطريقة مستفزة عندما التقاه زميلنا وأخبره بالحادث، وأن الناس يتحفظون على سائق الميكروباص أعلى الكوبرى.. كان رد المأمور غريبًا وشاذًا عندما قال له: إذا كانت لديكم وثيقة تأمين على السيارة فإن المشكلة "محلولة"، وإذا لم يكن لديكم تأمين فاحمدوا الله إنها جت سليمة!.
أصر زميلنا على موقفه، فلم يكن من المأمور المنشغل بـ"اللبانة" الحائرة بين فكيه إلا أن قال له: ابحث عن ضابط مرور في المنطقة واصطحبه إلى موقع الحادث أفضل لك فليس لدينا وقت نضيعه معك!!
مشكلة المأمور "أبو لبانة" هي مشكلة كل ضابط شرطة لا يعرف حجم التغيير الذي حدث في المجتمع المصري، وقبل هذا وذاك فإنه لا يقدر حجم التضحيات التي يقدمها زملاؤه على خط النار في مواجهة الإرهاب الأسود، ولا يعرف معنى التضحيات التي دفعها أبناؤنا من رجال الشرطة الذين يحملون أرواحهم على أيديهم في كل عملية يقومون بها في شعاب سيناء ووديانها.. مثل هذا الضابط لا يعرف من الشرطة إلا أسوأ ما ورثت من تركة الحكم الديكتاتوري.
ومثل هذا المأمور يروق له أن يتمترس خلف دبابتين تحرسانه في برجه العاجى.. تحرسانه من الناس ومشكلاتهم، فهو لا يرغب في التحرك ولا يدرك حجم مسئولياته التي وضعها الله أمانة في عنقه، ولا يقدر الدماء التي تسيل من زملائه في مواقع المواجهة، ولا يعرف كم تدفع مصر من دماء أبنائها لإقرار نعمة الأمن.
المأمور نموذج لمحتوى أمني جعل الثوار والأمناء بهذا الوطن يتحدثون مؤخرًا، عن عودة غير حميدة لفساد يستشري داخل الجهاز الأمني أصبحت من الضرورة مواجهته حرصًا على دماء الشهداء الأطهار من أبناء الجهاز نفسه، إذ لا يجوز أن نسمح لهؤلاء بأن يسيئوا إلى بطولات تروي أرضنا بدماء طاهرة.
حدث آخر لا يقل خطورة، عندما داهمت قوات الشرطة التابعة لأحد أقسام الشرطة بمنطقة شعبية أحد المنازل لتفتيشه دون إذن نيابة.. ما علينا.. سنقول "اشتباه".. المهم فتشوا كل من داخل المنزل، وأيضا فتشوا كل حجرات البيت.. لم يجدوا شيئا.
أثناء تفتيشهم أحد شباب المنزل وجد أمين الشرطة معه ألفين وسبعمائة جنيه.. أخذها الأمين ولم يكتف بذلك.. اصطحب الشاب معه وعندما سأله صاحب المنزل لماذا تصطحبه، قال له: قضية سلاح أبيض.. لم يكن مع الشاب سلاح ولا دياولو.. صمت الرجل وصمت الرجال أصعب كثيرًا من كلامهم.
قال لي الرجل قصته ورجاني ألا أكتبها خوفًا من بطش زملائه إذا ما وصل الأمر إلى الوزارة وحققت فيها.. كتبتها الآن دون الإشارة إلى تفاصيل أصحابها احترامًا لمخاوف الرجل وهواجسه.. في الأحياء الشعبية يتكرر مثل هذا الحادث ومع تكراره تتزايد العاطفة من جماعة الإخوان الشيطانية.
صحيح شرفاء الشرطة هم الأغلبية، وهم الذين يتحملون المسئولية التاريخية، ولكن هذا العفن الساكن داخل الجهاز آن الأوان لحماية الجهاز من خطره.. هؤلاء لا يقلون فسادًا عن جماعة الإخوان التي يتخلص الوطن منها ومن آثارها، ومع التخلص من هذه الجماعة الضلالية يجب أن نتخلص من هؤلاء أيضًا، ويجب على الجهاز الأمني تفعيل الطرق الفنية التي يستطيع من خلالها فرز رجاله والتخلص من كل فاسد يصنع بفساده عدوًا للشرطة.
بعضهم يتصور أن هناك ثأرًا بينه وبين الشعب.. هؤلاء أيضا، يجب اجتثاثهم والخلاص منهم إذ أن الإبقاء عليهم هو إبقاء على سوس ينخر في عظام جهاز وطني فرضت عليه الظروف أن يتحمل مسئولية تاريخية.. هؤلاء أخطر من الإرهابيين وأخطر من اللصوص، وأخطر من التكفيريين، لأنهم يدفعون الشعب دفعًا لمعاداة من يجب احتضانهم!!