رئيس التحرير
عصام كامل

البلاك بلوك والمقاومة الإسلامية


اندلعت الأحداث فى مصر فى كافة المحافظات على نحو عنيف، وكأنه قد كان هناك حالة من الغليان المكبوت وقد جاءت ذكرى ثورة 25 يناير لتكون بمثابة المنفذ لها فطفت على السطح فيما شاهدناه، لقد كانت حادثة بورسعيد ليست بمثابة السبب فيما حدث من عنف، ولكنها قد كانت بمثابة القشرة الضعيفة التى ثارت منها الحمم البركانية .. لقد أصبحنا الآن فيما نسمعه ونرآه الآن من تلك الظواهر التى قد تبدو للبعض غريبة، ولكنها ليست كذلك فهى محصلة لما حدث ووقع من أحداث عنف سابقة وممارسات خاطئة، ولكنها لابد وأن تقود إلى كارثة محتمة .. إذا أنها قد وضعت مصر بالفعل على طريق ما نخشاه ونتجنبه وهى الحرب الأهلية وهى لم تعد ببعيدة بل تقترب منها يومًا بعد الآخر وذلك بفعل هذه الحالة من الاستقطاب الحاد والاحتقان الذى بات فى كل مكان وموضع وعلى مستوى مصر لكنها ليست فقط استقطابًا سياسيًا، ولكن أيضاً طائفى ولكن أوسع من المفهوم الطائفى ليأخذ بعدًا جغرافيًا، كما رأينا فيما حدث فى واقعة بورسعيد بعد إصدار حكم المحكمة واندلاع أعمال العنف، ورأينا أننا يمكن أن نصبح أمام نموذج للبننة الأوضاع فى مصر أو الاقتراب من ذلك النموذج المعروف الذى انقسم فيه المجتمع اللبنانى ما بين شمال وجنوب على الرغم من أن الأمر قد كان طائفيًا، فإنه قد اتخذ وضعًا جغرافيًا قد ساهم فيه الوضع الاقتصادى، وهو ما حدث لدينا أو ما يشبهه عندما رأينا ردود الفعل فى حادث بورسعيد بعد إصدار حكم المحكمة، وكيف أن البعض قد أعلن أنه سوف يتمسك ببلده أو محافظته وجعل منها هويته وذلك على حساب مصريته وإنه قد رأى أنه غلب البعد المحلى على القومى ظاهرة خطيرة لابد وأن يعنيها .. هناك أيضًا ما سميت بجماعة البلاك بلوك ورغم أن المسمى أجنبى وغريب إلا أن مضمونها هى مقاومة العنف بالعنف وقد حاول البعض تدثيرها رداءً طائفيًا على أساس أنها تتبع الكنيسة، وذلك على خلاف الحقيقة إذ أنها قد نشأت نتيجة العنف الذى وقع فى الاتحادية، ولكن محاولة تدثيرها بعباءة الطائفية ينطوى على خطر كبير إذ أنه على الجهة المقابلة قد أعلنت جماعة عن نفسها تحت مسمى المقاومة الإسلامية وذلك لمقاومتها .. هذه كلها تعنى أن الأرض قد مهدت الآن لحرب أهلية ولاسيما مع توفر السلاح بكافة الأنواع والكميات ونخشى أن تقود الطائفية الأحداث ولا نقصد بها الطائفية الدينية وحدها وإن كان ذلك صحيحًا، ولكن الطائفية بمفهومها الواسع والتحزب فى ظل غياب الدولة ورخاوتها على المستوى الأمنى والسياسى والاقتصادى حمى الله مصر ووقاها شر الطائفية والحرب الأهلية.

الجريدة الرسمية