ثورة بورسعيـد بدأت
على عادتها تدفع بورسعيد الثمن، وعلى عادتها تظل هى صاحبة البطولة المتفردة، متفردة فى كل شىء، لم تكن المعارك النضالية الخالصة من بنات أفكار التسليح غير المعتاد، فبورسعيد لم تتسلح طوال معاركها البطولية إلا بعزائم شبابها، وأطفالها، وشيوخها، ونسائها.
وبورسعيد التى لا يعرفها الإخوان صاحبة نظريات جديدة فى الحروب على مستوى العالم، ولمن لا يعرف عليه بمراجعة معركتى إيلات ورأس العش، أما الإخوان فعليهم مراجعة قواهم العقلية وذاكرة الأسماك التى يمتلكونها، بورسعيد -ياسادة- هى من انتفضت فى العدوان الثلاثى لتصد عن كل مصرى جحافل جيوش امبراطوريات الشر العالمية، وبورسعيد -يا سادة- التى لا يعرفها مرسى ورفاقه المناضلون فى ظلام الوطن، أو لإظلام الوطن هى من قادت الحركة الوطنية، فصنعت من إرادة الإنسان ما هو أقوى من صواريخ فرنسا، ومدافع بريطانيا، ودانات إسرائيل، بورسعيد هى التى زرعت لهذا الوطن تاريخاً مشرقاً نفخر به على مدار تاريخنا.
بورسعيد هى التى تفرد شعبها ببديهة المقاومة فى أحلك لحظات التاريخ، بورسعيد هى التى رفعت شعار المقاومة، ودفعت ثمن ذلك فى كل العصور، وآخرها عصر الإخوان وقبلها عصر مبارك، الذى رفعوا فيه على عشش زرزارة شعار "عبرنا ولا حد عبّرنا".. بورسعيد التى دفعت فى سويعات قليلة اثنين وثلاثين زهرة ربيعية فى عمر الثورة المصرية، مع بداية هذا الأسبوع، لن تذل، ولن تضام ولن تركع، فليس من عادة أهلها إلا الركوع للواحد القهار، وليس من شيم شعبها الاستسلام، فهى لم تسلم لثلاث امبراطوريات من قبل، ولن تسلم لامبراطورية الشر الوطنى!!
الإخوان الذين قدموا الشكر والتحية لوزير الداخلية بعد اغتيال اثنين وثلاثين شابا من خيرة شباب مصر لا يعرفون قدر المدينة الباسلة، لا يدركون أن بورسعيد التى كانت قبرا لكل معتد أثيم، لن تصمت، ولن تسكت، ولن يخبو نورها ولن تنطفئ شموعها.
بورسعيد التى أقصيت فى عصر مبارك، وهمشت وحوربت فى قوتها، ورزقها، وعيشها لأنها مارست حق الاحتجاج من أجل وطن، وليس من أجل بناء سرى ظل طوال ثمانين عاما لا يرى فى الوطن إلا همه ومشاغله ومشاكله، تنظيم مارس العمل السرى ليس من أجل وطن، وإنما من أجل فكرة يراها أوسع من الوطن، تنظيم لا يرى غضاضة فى تسليم تاريخه لقطر التى تمارس ما فشلت الصهيونية فى تحقيقه على أرض مصر، وقلبها النابض بورسعيد.
بورسعيد التى اكتست بالسواد لا تعرف اللين، وليس فى قاموسها مفردات الاستسلام، أو الهوان .. بورسعيد ستصمد، وستصنع واحدة من حلقات الخُلد الأبدى، بفضل همتها، وتفردها، وتضحياتها.
بورسعيد التى رفعت رايتها، ورأسها، وهامتها أمام جيوش العالم، عندما كان مرسى ورفاقه يختبئون فى سراديب الخوف والغمز واللمز، لن تترك محتلا جديدا ينعم بخيرها، أو يعيش فوق ترابها، لن يهنأ كل من تورط فى اغتيال براءتها، ولن تصمت -مهما كان الثمن، فبورسعيد وطن الأبطال، وواحة الأمجاد، وسر الخلد، وبلد عسران!!
ومن المثير أن جماعة الإخوان التى لا تعرف بورسعيد تتورط بشكل مباشر فى الإساءة إلى مدن القناة من السويس إلى الإسماعيلية، وحتى بورسعيد، وكأن لسان حالها يدفعهم شعب القناة إلى النزعة الانفصالية، وقد تناست جماعة الريس مرسى أن أمن القناة خط أحمر على المستوى الوطنى والدولى.