إيفون الزعفراني: مواد الدستور الخاصة بالمعاقين "عصير ليمون"
بعد التصويت على مواد دستور 2013 والتي شملت ذوي الإعاقة، يرى العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة، أن الدستور جاء مخيبا لآمال جزء كبير من ذوي الإعاقة أو مضيعا للحقوق.
قالت إيفون الزعفراني -محامية معاقة- مؤسس حركة معاقين ضد التهميش: بعد متابعتي لعدة جلسات استماع أدركت أنه سيكون دستور "عصير الليمون" الذي سنتجرع جميعا حموضته بدعوة تجاوز المرحلة الانتقالية بأمان تحقيقا للأمن الوطني والاجتماعي لذلك فأنا لا أعول عليه كثيرا في تقرير حقوقنا كذوي إعاقة رغم تفهمي للفرق بين الدستور والقانون.
وأضافت: لكن ذلك لا يمنع أن يكون لي بعض الملاحظات على المواد الخاصة بنا، المادة التي يراها كل ذوي الإعاقة الأهم هي المادة (81) من الدستور ونصها الذي تم الموافقة عليه (تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الأعاقة والأقزام صحيا وأقتصاديا وأجتماعيا وثقافيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة وممارستهم جميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين أعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص).
بداية أقول إن لجنة الخمسين، ظلمت الأقزام بذكر كلمة والأقزام طبقا لما ورد بالنص لأن الأقزام طبقا لتعريف الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة والموقعة من الحكومة المصرية عام 2008 فهو بالفعل ينطبق على الأقزام وبالتالي فكان الأجدر أن تبدأ المادة بأنه تقرر الدولة ضم الأقزام للأشخاص ذوي الأعاقة.
وبذلك فالمادة ضمنت لهم نفس حقوق ذوي الإعاقة المقررة بالاتفاقية الدولية المذكورة وبالقوانين المصرية المقررة لنا حقوق كذوي إعاقة، وخاصة أن الأقزام لا ذكر لأي حقوق لهم على الإطلاق بالقوانين المصرية فكيف ينص بالمادة (81) على ضمان حقوق الأقزام؟؟ فأين هي تلك الحقوق من الأصل حتى تضمنها الدولة؟؟
وبنظرة عامة نجد أن نص المادة (81) استخدم عبارات إنشائية مطاطة للحقوق فقط لا غير دون وجود ما يضمن بالفعل تفعيل تلك الحقوق، حيث أن اشكالية حقوقنا كمعاقين ليست في ضمانها فكثيرا من القوانين واللوائح والقرارات تنص على حقوق لنا وتلك هي الضمان ولكن هو ضمان بلا تفعيل.
بالإضافة إلى أن كل ما نسعى إليه كذوي إعاقة هو تفعيل الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحيث إن النص الخاص بنا لا قيمة له على الإطلاق فإن ما نعول عليه حاليا هو نص المادة (93) من الدستور (تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة) حيث إن هذا النص يجعل الدولة ملتزمة بكل ما هو مقرر لنا بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية (هذا إن اعترفت الدولة أن المعاق إنسان).
كما أن اقتصار النص على الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية دون غيرها مما هو إقليمي أو عربي فهو يجعلنا معرضين للحكم بعدم الدستورية إذا طالبنا بحق مقرر باتفاقية أو معاهدة أو ميثاق غير دولي ولكن مصر موقعة كما ذكرت ما هو إقليمي أو عربي.
وأضافت الزعفراني: جاءت المادة (53) المقررة للمساواة بعدم التمييز بسبب الإعاقة وهذا شيء جيد جدا حتى نكون منصفين فجميعنا نعاني من التمييز السلبي بسبب الإعاقة، وكذلك فإن نص المادة (54) الخاص بحالات تقييد الحرية والذي ذكر توفير المساعدات اللازمة لذوي الإعاقة ولكنه لم ينص على اللتزام بتوفير الأماكن المناسبة والمهيئة لاحتجازهم وفقا لإعاقاتهم، فقد تدارك ذلك في نص المادة (55) حيث نص على توفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتلك النصوص جيدة وتضيف لنا حقوق غير واردة بالقوانين.
ولكن جاءت المادة (11) الخاصة بالمرأة قاصرة وخالية من تقرير حقوق للمرأة المعاقة والمعيلة لمعاق بشكل واضح وصريح، حيث جاء بها ( كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والنساء الأشد احتياجا) وبكل تأكيد سيبرر ذلك بأن مصطلح (النساء الأشد احتياجا) يشمل المعاقة والمعيلة، ولكن إن كان هناك جلسات استماع مجتمعي حقيقية وليست صورية، لكان هناك نظرة عملية وموضوعية أن معاناة المرأة المعاقة والمعيلة لمعاق تتجاوز المصطلح المستخدم بمراحل، ولا طاقة لبشر بتحملها، وبالتالي كان يجب أن ينص عليها صراحة.
كما جاءت المادة (80) المقررة حقوق الطفل بشكل عام والتي ورد بها (تكفل الدولة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع) وجاء بالفقرة التالية لها بنفس المادة (وقررت أن لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره) وتجاهلت دمج الطفل المعاق في التعليم المبكر مع غيره من الأطفال حيث إن ذلك السن هو الركيزة الأساسية لعملية الدمج التعليمي والمجتمعي لذوي الإعاقة ككل.
واختتمت: رغم كل تلك السلبيات بدستور ينتقص من حقوقنا، إلا أنني أدعوا للتصويت بنعم استخداما لعصير الليمون حتى يتحقق الاستقرار كما وعدونا.