رئيس التحرير
عصام كامل

الصراع الصيني الأمريكي في جنوب شرق آسيا والباسيفيك.. نمو قوة بكين وتراجع هيمنة واشنطن.. زيارة جو بايدن لطلب التهدئة.. إقامة منطقة حظر جوي صيني لفرض السيطرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أعلنت الصين في خطوة غير متوقعة متحدية الولايات المتحدة وحلفاءها إقامة منطقة دفاع جوي في بحر الصين الشرقي في أخطر إجراء ضمن سلسلة إجراءات في نزاعها المتصاعد مع اليابان بشأن مجموعة من الجزر، تنفيذًا لحلم الصين بتحقيق العظمة الوطنية الذي يجسده شعار «حلم الصين الكبير» بفرض الهيمنة الإقليمية المتمثلة في سيادة الصين على نحو 80% من بحر الصين الجنوبي والشرقي.

وتعد مشكلة جزر«سينكاكوكو» انعكاسا لنزاع عالمي يلوح في الأفق غير قابل للحل أو التوسط بعد أن قال رئيس الوزراء الصيني إن عهد إذلال الصينيين قد ولى دون رجعة، ما يعني مواجهة حتمية لا مفر منها بين واشنطن المنهارة والصين الصاعدة، وكل ما يجري على الساحة هو التحضير لهذه المواجهة، لكن أمريكا المنهارة لا تريدها مواجهة مباشرة لذلك يقوم «جو بايدن» بزيارة للصين للدعوة للحوار وضبط النفس، في حين تريد بكين تأجيل الوضع قدر المستطاع حتى يتحقق بقايا الانهيار الأمريكي لذالك أجلت رد الفعل على الاختراق الأمريكي لمنطقة الدفاع الجوي، ولكن كلا الطرفين مدفوع بحكم طبيعة تلك لأحداث العالمية الجارية نحو المواجهة.

يرى مراقبون أن السقوط الأمريكي بات وشيكًا أمام الأمة الصينية بعد تمزق تحالفات واشنطن لأنها اختارت الغدر بالأصدقاء بعد كشف فضيحة التنصت على دول أوربية صديقة.

ويضيف المراقبون إلى ذلك التدخل العسكري الإرهابي في حل القضايا الخلافية مع دول أخرى، وعبثها بالشئون الداخلية لدول العالم باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين يؤكد المراقبون أن الصين ستقود العالم بأسره بلاشك لأنها تسللت في كل بقعة على وجه الأرض بشريًا واقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.

ويؤكد المراقبون أن واشنطن تعلم جيدًا أن تبنى خيار الدفاع عن حلفائها اليابان أو كوريا الجنوبية خيار خاسر في نهاية الحرب فالصين ليست العراق أو أفغانستان.

يقول خبير روسي إن واشنطن لن تتدخل في النزاع الصيني الياباني لأنها تعلم أن دخولها سيؤدي إلى انتصار الصين وتكون هي القوة الأولى عالميًا، أما إذا انتصرت أمريكا فيكون بعد استنزاف تام لمواردها مما يؤدي إلى تولي روسيا زمام القيادة العالمية.

من جهة أخرى يرى سياسي أمريكا أن تراجع واشنطن عن تعهداتها بدعم اليابان في النزاع القائم على الجزر الثلاث يعني كارثة إقليمية بتفكك التحالف الياباني الكوري الأمريكي ليكون هذا التفكك إعلانًا رسميًا من واشنطن أن الصين هي القوة الأولى في العالم. 

فشلت زيارة «جو بايدن» إلى الصين وغادر آسيا قائلًا «هي الحرب من أجل أصدقائنا» ليضع واشنطن في ورطة أو مواجهة محتومة مع الصين التي تقول إن عهد إذلال الصينيين قد ولى دون رجعة والولايات المتحدة التي ترى في الحرب خسارة وفي الانسحاب سقوط.

دليل السقوط الأمريكي في آسيا جاء على لسان وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هيجل» حين قال إن معاهدة الدفاع المشترك بين واشنطن وطوكيو تدعم اليابان في النزاع القائم حول الجزر الصغيرة، حيث أقامت الصين منطقة الدفاع الجوي الجديد الأسبوع الماضي، وردت أمريكا بإجراء روتيني حيث أرسلت واشنطن قاذفتين أمريكتين من طراز «بي-52» (أكدت أنها غير مسلحة ) لتحليق فوق المنطقة المتنازع عليها شرق بحر الصين من دون إبلاغ بكين.

تشديد البيت الأبيض على عدم تسلح الطائرات الأمريكية التي قامت بالتحليق فوق الجزر أكد للصين أن الهيمنة الأمريكية باتت تسقط وأن «بايدن» قادم لطلب لتهدئة وضبط النفس، لذا لن تتراجع بكين لأن الخطوة الصينية جاءت عقب حسابات سياسية وعسكرية دقيقة من قبل الصين تفيد أن حليف طوكيو «واشنطن» لن يتمكن من تقديم أي دعم لليابان في نزاعها مع الصين وذلك بسبب حالة التراجع في النفوذ واشنطن عالميا وتمزق حلفائها وحالة التشكك في قدرات واشنطن من الدخول في صراع جديد مع دولة قوية مثل الصين بعد فشل واشنطن في مهاجمة سوريا. 

الإعلان الصيني أثار مخاوف عالمية خطيرة لأن منطقة الدفاع لا تؤثر فقط على اليابان ولكن على طائرات من بلدان أخرى في جميع أنحاء العالم التي تحلق بشكل روتيني فوق المنطقة.

ويؤكد مسئولون أمريكيون أن المنطقة المتنازع عليها تهدد الطائرات المدنية والتجارية وشركات الطيران الأمريكية وطالب هولاء المسؤولين بضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة كي تحلق الطائرات الأمريكية بأمان فوق بحر الصين الشرقي.

بسبب تلك المخاوف العالمية والأمريكية ينتظر العالم من المسؤولين في البيت الأبيض وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي شهده العالم بالأمس القريب يحمل كتاب انهيار أمريكا، أما التدخل والتصعيد الذي سيعني الانهيار الحتمي لهذه الأمة لتكون أمة من التصنيف الثاني مثل بريطانيا وفرنسا، أو التراجع مثلما فعلت في الأزمة السورية مما يعني أيضا انتصارًا صينيًا ويشجع دول أخرى على تحدي واشنطن. 

وهاهو «جو بايدن» أعلن التزام الولايات المتحدة في حماية حلفائها في آسيا والمحيط الهادئ، ولا سيما كوريا الجنوبية في مواجهة جارها الشيوعي في الشمال عملًا بالإستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة. 


الجريدة الرسمية