رئيس التحرير
عصام كامل

بالأرقام.. إمبراطورية «الشاطر» في سيناء.. أرباحه وصلت 750 مليون دولار بحصانة رئاسية.. شارك في إنشاء 11 نفقا لتهريب الأسلحة والسلع التموينية.. اشترى 23 منزلا في «المهدية» و«الظ

فيتو

ما كادت مصر أن تخرج من عباءة سيطرة رجال الأعمال على السلطة واستغلالها في نهب ثروات وموارد الدولة في عهد الرئيس الأسبق مبارك، حتى وجدت نفسها مرة أخرى بين فكي جماعة أرادت منذ اللحظة الأولى السيطرة على مواردها واستغلالها لأغراض سياسية.


وعلي مدى عام حاولت جماعة الإخوان بشتى الطرق استغلال موارد الدولة وتطويعها لمصالحها دون مراعاة لقانون أو حساب، غير عابئين بثورة الشعب التي لم يكن قد مر عليها عامان، على نظام مستبد تمثل في رئيس حكم البلاد لأكثر من 30 عاما.

وبعدما أزيح الستار في 30 يونيو تكشفت الحقائق وظهرت المؤامرات والصفقات التي دأبت الجماعة على تمريرها لتكريس سيطرتها وتمكين أعضائها من أركان الحكم، تحقيقات واعترافات بالجملة كشفت عنها عمليات الملاحقات الأمنية لعدد كبير من المتورطين في إرهاب الشعب بتحريض إخواني، أكدت للمصريين حسن رؤيتهم عندما خرجوا للتخلص من الإخوان.

بمحض الصدفة التي لم يكن مخططا لها على الإطلاق كشفت اعترافات عدد من المسلحين المقبوض عليهم في بؤرة الإرهاب الأبرز في مصر – شمال سيناء – عن حقائق، تؤكد تفاصيلها حجم الهوة السحيقة التي كان المصريون على حافة السقوط فيها لولا ثورة 30 يونيو.

ثمانية عناصر تكفيرية تم القبض عليهم بمنطقة «الشيخ زويد» و"الجورة"، بمحافظة شمال سيناء بواسطة قوات الجيش والشرطة قبل نحو ثلاثة أسابيع، كشفت اعترافاتهم ما كان يحيكه الإخوان وقادتهم ضد الشعب المصري وموارده وتوجيهها لجيوب كبار رموز الجماعة، تلك الاعترافات أيضا فتحت ملفات الصراع بين رموز الجماعة وبعض قادة الجيش إبان حكم المعزول.

المفاجأة التي فجرتها اعترافات المقبوض عليهم – الثمانية – 2 منهم مصريان والبقية فلسطينيون، مفادها أن الجماعة أرادت استغلال سيناء لتكوين الثروات ونهب الموارد وتجويع المصريين لحساب الأهل والعشيرة بقطاع غزة الفلسطيني.

بطل المفاجأة هو الرجل الأقوى داخل الجماعة – خيرت الشاطر – والمتحكم في معظم قراراتها حتى في وجود الرئيس المعزول بسدة الحكم والمرشد العام فوق الجميع – حسب الجماعة.

الاعترافات التي تم الإدلاء بها أمام جهات التحقيق التابعة لإحدى الجهات السيادية أكدت أن خيرت الشاطر بالاتفاق مع قيادات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" بدءوا منذ أكتوبر 2012 في استغلال الأنفاق الحدودية بين مصر وغزة لتهريب البضائع والسلاح بين قطاع غزة وسيناء.

أكدت تلك الاعترافات أيضا التي كشفت عنها مصادر سيادية أن "الشاطر قام بشراء أكثر من 23 منزلا بعدد من القرى المتاخمة للحدود بين غزة وسيناء لتخزين البضائع والسلع من احتياجات المصريين لتهريبها إلى قطاع غزة".

وأضافت المصادر أن المقبوض عليهم اعترفوا بأن تلك المنازل التي اشتراها الشاطر كانت في قرى "المهدية، والظهير، واللافتات"، وخصصها أتباع الشاطر لتخزين السلع المهربة من محافظات مصر إلى هناك تمهيدا لتهريبها إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية، إضافة إلى استقبالها للأسلحة والمعدات القتالية المهربة من قطاع غزة وليبيا والحدود السودانية وتخزينها كمؤن قتالية للمسلحين بشمال سيناء.

وأكدت المصادر أن نحو 7 منازل أخرى اشتراها معاونون لخيرت الشاطر بقرية «صلاح الدين» بنفس المنطقة، وهذه خصصت كرءوس أنفاق من سيناء إلى قطاع غزة.

وأضافت المصادر أن المعلومات التي تم التوصل إليها بعد هذه الاعترافات أشارت إلى أن نائب المرشد شارك في إنشاء نحو 11 نفقا من أهم الأنفاق بين الجانبين «سيناء وغزة»، مشيرة إلى أن هذه الأنفاق كانت تقع إدارتها تحت إشراف عناصر حركة حماس مباشرة وأن خرائطها لم يكن يعلمها إلا عدد محدود من التابعين للحركة في غزة، خاصة أنها كانت مخصصة لنقل السلع التموينية التي كان يتم الاستيلاء عليها من مخصصات وزارة التموين في مصر.

ولم يتوقف الأمر عند السلع التموينية بل استخدمت تلك الأنفاق في تهريب السلاح من وإلي قطاع غزة بالإضافة إلى أنها كانت الطريق الوحيد لعبور عناصر حماس وتنظيم القاعدة إلى سيناء للتدريب والإشراف على تجهيز الكتائب المسلحة التي كانت الجماعة تخطط لإنشائها كجيش موازٍ للجيش المصري.

وقالت المصادر: إن جهات سيادية في مصر توصلت إلى معلومات بهذا الشأن إبان حكم الرئيس المعزول وحاولت إنهاء هذه المؤامرة إلا أنها واجهت رفضا عنيفا من المعزول الذي هدد بإقالة أي مسئول بالجيش يقترب من هذه الأنفاق أو تلك القري.

وأشارت إلى أن قرى صلاح الدين والمهدية والزوارعة كانت من الأماكن الحصينة في سيناء، ولم تكن أي قوات قادرة على اختراقها بسبب سيطرة عناصر حمساوية عليها بتعليمات من جماعة الإخوان.

وأكدت أن انتشار تجارة خيرت الشاطر عبر الحدود تزايد بعد رفض الجيش إنشاء منطقة حرة بمنطقة رفح، مؤكدة على أن تعليمات رئاسية كانت صدرت حينها بعدم الاقتراب من أي من هذه الأنفاق أو تلك المنازل بحجة أنها تخفف من معاناة أهالي قطاع غزة المحاصرين من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت المصادر أن الشاطر تربح من هذه التجارة الملايين خلال أقل من عام، وذهبت كل هذه الأموال إلى حسابات سرية خارج مصر، مشيرة إلى أن المعلومات التي تم التوصل إليها أكدت أن هناك شراكة كانت تجمع الشاطر مع قيادات حماس، وأن الشاطر كان يحصل على 54% من أرباح الأنفاق في حين تحصل حماس على النسبة الباقية.

وأكدت أن خالد مشعل وبعض قيادات الحركة حصلوا على أموال طائلة من هذه الأنفاق في عهد مرسي في حين وصلت أرباح الشاطر لأكثر من 750 مليون دولار خلال الفترة التي أعقبت تولي مرسي رئاسة مصر حتى رحل عنها.

وأضافت المصادر رفيعة المستوى، أن خيرت الشاطر وزع هذه الأرباح سرًا على عدد من البنوك خارج مصر، بالاشتراك مع قيادات حماس، على رأسهم خالد مشعل، بالإضافة إلى رجال أعمال حمساويين موجودين في قطاع غزة.

وقالت المصادر: إن «الشاطر» خلال حكم مرسي، حصل على كميات ضخمة من السولار والبنزين عبر تعليمات حكومية صدرت حينها لوزارة البترول، ثم قام بتهريبها عبر الأنفاق، مقابل مبالغ مالية كبيرة، وعن طريق اشتراكه في بناء 8 أنفاق كبيرة تم تخصيصها لتهريب البنزين والسولار والمواد الغذائية ومواد البناء إلى غزة، فيما خصصت باقي الأنفاق لتهريب السلاح والأفراد من وإلي قطاع غزة.

وأضافت المصادر: إن الشاطر كان يمتلك أسطولا من سيارات النقل الكبيرة، لتحويل كل هذه المواد إلى غزة بالاتفاق مع قيادات حماس، التي دخلت في شراكة مع قيادات الإخوان لتحقيق استفادة مالية، كان النصيب الأكبر منها للشاطر.

وكشفت المصادر أيضا عن تورط مسئول كبير بمحافظة شمال سيناء إبان هذه الفترة في هذه الأعمال، مؤكدة على أنه كان يشرف بشكل شخصي على وصول البضائع والسلع المهربة إلى مخازنها بالقري الحدودية تمهيدا لتهريبها إلى قطاع غزة.

وقالت: إن عناصر تابعة للجماعات المسلحة كانت تتولي القيام بدور تأمين الأنفاق ومنع قوات الجيش والشرطة من الوصول إليها، مضيفة أن هذا الملف يتم التحقيق فيه حاليا من قبل عدد من الجهات السيادية بتعليمات رسمية، مشيرة إلى أن هناك معلومات خطيرة تم التأكد منها مؤخرا، أبرزها صدور تعليمات رسمية من رئاسة الجمهورية في عهد مرسي لعدد من الوزارات والهيئات بتخصيص نسبة من السلع والمواد البترولية لإحدى الشركات الوهمية والتي كان يمتلكها خيرت الشاطر كمنفذ لتهريبها إلى قطاع غزة.

وأكدت المصادر أن قيادات الجيش حاولت التصدي لهذه العمليات في حينها إلا أنها واجهت رفضا رئاسيا مطلقا منع القيام بأي عمليات عسكرية في سيناء وليس في هذه المناطق فقط، مشيرة إلى أن هذه الوقائع تسببت في أوقات معينة في توتر العلاقة بشدة بين قيادات الجيش ورئاسة الجمهورية، وهو ما كان سببا في دعوات بعض قيادات الجماعة حينها لإحالة بعض قيادات الجيش للتقاعد.

وأضافت: إن الأنظار توجهت دون التوصل إلى معلومات مؤكدة حول هذه التجارة قبل عملية اختطاف الجنود بأسابيع قليلة، بعد أن أصدرت الرئاسة تعليمات بوقف جميع عمليات الملاحقات الأمنية للعناصر الإرهابية بسيناء خلال هذه الفترة، مما دعا إلى الشك فيما يحاك بهذه المنطقة الحدودية حتى تم التوصل إلى خيوط تلك المؤامرة التي أكدتها اعترافات المقبوض عليهم.

وأكدت أيضا أن غالبية العناصر المسلحة في سيناء دخلت عبر الأنفاق الخاصة بخيرت الشاطر وتحت إشراف شركائه من قيادات حركة حماس، مشددة على أن معظم الأسلحة الثقيلة والخفيفة نقلت أيضا عبر تلك الأنفاق، مشيرة إلى مهاجمة المنازل وتدميرها للوصول إلى الأنفاق كانت بناء على معلومات مشابهة تم التوصل إليها عن طريق عدد من الجهات السيادية التي تعمل على إنهاء ملف العنف بشبه جزيرة سيناء.

" نقلا عن العدد الورقي"
الجريدة الرسمية