«ميت الكرما قرية العائدين من تل أبيب».. 1995 أولى الرحلات لأرض الجحيم..الأهالي يتحدثون الإيطالية بطلاقة.. والشباب يرفعون شعار الطريق للثراء يبدأ من بلاد «ولاد العم»
قرية "ميت الكرما"- التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية- تتميز بالثراء الفاحش، لتسجل أعلى نسبة ثراء في مصر، وفور دخول القرية ترى المنازل والعقارات والفيلات والمحال وشركات الصرافة على الطراز الأوربى، خاصة الإيطالى، بسبب هجرة أعداد كبيرة من أبنائها إلى إيطاليا واليونان وإنجلترا، ويقدر عدد المهاجرين بنحو 80% من إجمالي سكان القرية، بعضهم هاجر هجرة شرعية ومعظمهم هجرات غير شرعية، وتحتل المركز الأول بين قرى الجمهورية في الهجرة غير الشرعية.
وفى رحلة بحث "فيتو" اكتشفت أن السر الحقيقى وراء تلك الهجرة هي "إسرائيل"، فقد بدأ عدد من شباب القرية في التسعينيات بالسفر إلى إسرائيل من أجل العمل وكسب المال، بعد أن ضاق بهم الحال والرزق لعدم وجود أي أعمال لهم، وألقاهم طموحهم في أحضان إسرائيل ليعملوا هناك، ثم عادوا بالأموال لإنشاء شركات سياحة وصرافة وشركات هجرة شرعية وغير شرعية لتكون وجهتهم إيطاليا ويتركوا إسرائيل، لتبدأ رحلة أخرى للقرية مع الطراز الإيطالي.
ناصر السنباطى أحد أهالي القرية- يؤكد أن الهجرة إلى إسرائيل بدأت منذ عام 1995، بسفر ما يزيد على 100 شاب بشكل غير شرعى إلى هناك للعمل، وبعد عام عادوا بـ "شكائر" أموال، ليبنوا منها منازلهم وينشئوا شركات صرافة ويعيشوا كسماسرة، ولم يعودوا لإسرائيل مرة أخرى، خصوصا بعد أن هاجمهم أهالي القرية وانتقدوا سفرهم لتل أبيب.
ويضيف: ويوجد في إسرائيل ما يزيد على 20 شابا من القرية حتى الآن، يخشون العودة إلى أهلهم الذين تبرأوا منهم بسبب تلك الهجرة، ليسدل بذلك الستار على رحلة السفر إلى إسرائيل منذ عام 2000، ولكن بعد أن بنوا الفيللات وكونوا الشركات والمنازل بأموال إسرائيلية.
الحاج عبد الرحيم حسن -من أهالي القرية- يؤكد أن بداية سفر شباب القرية إلى إسرائيل كانت عندما سافر بعض الشباب من القرية لتشجيع المنتخب القومي إلى يطاليا في عام 1990، ثم تخلَّفوا هناك، وعادوا بعد عام إلى القرية بأموال كثيرة، مكَّنتهم من بناء بيوت فخمة وشراء سيارات، وهنا لم يجد عدد من الشباب ضالتهم سوى في الهجرة لإسرائيل، بعد فشلهم في السفر لإيطاليا.
محمد أبو عمر يضيف: إن آثار الهجرة لإيطاليا وإسرائيل ظهرت بوضوح على منازل أصحابها واكتسبت الطراز الأوربي خاصة الإيطالى، وكثرت الفيللات والقصور والمحال الفخمة، كما اتجه الناس لشراء أراضي البناء التي ارتفعت أثمانها لتصل إلى 8 آلاف جنيه للمتر، وانخفضت أسعار الأراضي الزراعية، ويوجد بالقرية نحو2000 محل تجاري ومطعم، يحمل 75% منها أسماء إيطالية، ويتحدث أهالي "ميت الكرما" الإيطالية بطلاقة.
ولم يقتصر الأمر على انتشار شركات الصرافة التي تأسست في شوارعها لتلبي حاجة أهلها في تغيير اليورو إلى الجنيه المصري، بل وصل إلى أن أكثر من ألف محل تجاري تعمل في الصرافة وتتعامل رسميا باليورو في الشراء والبيع، فهى العملة المعتمدة والمتوفرة بكثرة في جيوب أهالي القرية وضواحيها.
ومن سكان ميت الكرما نسبة كبيرة لم يدخل اليورو جيوبهم ولا بيوتهم، وهو ما تسبب في نقمتهم على المهاجرين، ويصف الفلاحون ممن لم يهاجر من أبنائهم بلعنة إيطاليا، ويصفون أصحاب القصور بأنهم طبقة الإيطاليين الجدد.
ويكمل محمد قائلا: لذا يعيش معظم هؤلاء البسطاء على حلم السفر إلى إيطاليا، لدرجة أن الشباب رسموا العلم الإيطالي على"التكاتك"، وبعض المحال تضعه في أحد أركانها، بدلا من علم مصر.