شرطة قوية لا شرطة قمعية
ما حدث من قوات شرطة محمد إبراهيم الذي نطالب بإقالته منذ عهد المعزول تجاه متظاهرين سلميين وقفوا احتجاجا على قانون التظاهر.. يطرح في أذهاننا سؤالا مهما إلى متى ستكون الإهانة وجرح الكرامة وقمع الإنسانية هى وسيلة شرطة مصر لفض أي تظاهر أو اعتصام؟
كما يتبادر للذهن مباشرة مجموعة أسئلة عن إصلاح الداخلية المصرية.. وما هي التجارب التي مرت بها دول أخرى في إصلاح أجهزتها الأمنية في المرحلة الانتقالية عقب الثورات؟ وما هي الخطوات المطلوبة للوصول إلى مصالحة حقيقية بين المواطن وجهاز الشرطة؟
لنتفق مبدئيا أن ما تمارسه الشرطة الآن هو عبارة عن الأخذ بالثأر من كل من شارك في ثورة يناير إلى ما حدث عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.. فالإسلوب واحد ولم يتغير ولن تتغير قناعة الشرطة المصرية.. فهى سلاح من يجلس على عرش مصر لقمع ما تبقى من إنسانية الشعب المصري فى ظل ثورة لا تحكم.. سيظل الأمل فى الإصلاح مرهونا بضغط شعبى والشرعية الثورية التى يتحدث عنها الكثير دون أن يدركوا معناها وكالعادة وبعد كل كارثة نعود للحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية.. ولتدقيق المفهوم فما يقصده من يتناولون هذا الموضوع هو إصلاح مؤسسة الداخلية.
يا سادة إعادة الهيكلة هى محور من ثلاثة محاور لإصلاح أى مؤسسة، وإعادة الهيكلة وحدها دون المحورين الآخرين لن تكون ذات قيمة.. فهى فى واقع الأمر المحور الثانى من عملية الإصلاح وليس المحور الأول الذى هو التطهير والمحور الثالث والأخير هو إعادة التأهيل.
فبعد أن ضاع من عمر مصر فترات ما تسمى بالمرحلة الانتقالية لنبدأ مرحلة الانتقال الديمقراطى.. والتى ستقتضى بالضرورة وكخطوة أولى فى هذا المجال الإصلاح المؤسسى ليس فقط فى وزارة الداخلية.. وإنما فى كل مؤسسات الدولة عبر تطهير يزيح القيادات القديمة المتورطة فى الفساد ليس المالى فحسب وإنما كذلك السياسى والأمنى.. بحيث يطول قيادات الصف الأول والثانى المتورطين مباشرة فى هذا الفساد ممن هم فى مستوى أدنى مثل الضباط الصغار المتورطين فى قتل المتظاهرين إن لم يفلح سحلهم.
ثم إعادة الهيكلة بحيث يعاد بناء هياكل هذه المؤسسات بما يحقق ثلاثة أهداف أساسية:
1- قدر من اللا مركزية التى تتيح مزيدا من التخصص.
2- قدرة على الاستقلال عن السلطات ليس فقط التنفيذية وإنما كذلك التشريعية.. بما يضمن حياد أجهزة الدولة.
3- أن تسمح هذه الهياكل بشفافية كاملة تجعل من تداول المعلومات الخاصة بهذه المؤسسة مسألة متاحة سواء داخل هذه المؤسسات أو أمام المجتمع ككل.
فتجربة بعض دول أوربا الشرقية فى هذا المجال وصلت إلى حد أن وزارات الداخلية أصبحت كلها مبان زجاجية بحيث يتمكن أى مار فى الطريق من رؤية ما يحدث داخل الوزارة.
وثالث المحاور هو إعادة التأهيل.. ويهتم ببعدين الأول المهنى ويختص برفع الكفاءة الخاصة بالضباط.. والثانى هو الثقافة الخاصة بهم ليس فقط تغيير العقيدة فى حال المؤسسات الأمنية.. وإنما كذلك إقناعهم بأن عملية التغيير فى صالحهم.. أى ربط مصلحتهم بعملية الإصلاح وبمصالح المجتمع ككل.
وهناك دور للمجتمع المدني يتمثل في بناء ثقافة المجتمع الآمن المتسامح ببرامج محددة.. أما قانون التظاهر فما حدث من قوات الشرطة تجاه متظاهرين سلميين يدعوني للدعوة لمحاكمة المتسبب في ذلك أمام محكمة العدل الدولية طبقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.. فليس التحرش بالبنات وهتك أعراض الرجال من تطبيق القانون.. كفى إهانة لإنسانية من خلقه الله مكرما لعنكم الله.