رئيس التحرير
عصام كامل

جدل واسع حول المحاكمات العسكرية للمدنيين.. تزايد الرفض الشعبي حول المادة ودعوات لمقاطعة التصويت.. مسعد أبو فجر: مدنية الدولة ضمانة ضد الإرهاب.. خبير عسكري: القاضي الطبيعي لا يقدر الجرائم العسكرية

جانب من الاحداث
جانب من الاحداث

جاء تحديد لجنة تعديل الدستور المصري بداية الشهر المقبل كموعد لإنهاء مهامها، في ظل الكثير من الخلافات العالقة بشأن مواد الدستور، أبرزها محاكمة المدنيين عسكريًا، والتي لا يزال الجدل حولها مطروحًا داخل اللجنة وخارجها.

فجرّت الصيغة الجديدة للمادة 174، من الدستور المعطل، والخاصة بالجرائم التي يمثل بسببها المدني أمام القضاء العسكري الكثير من الخلافات لم يكن آخرها انسحاب مسعد أبو فجر، ممثل سيناء، بلجنة الخمسين، ولكن توالت خلال الساعات الماضية حالات تجميد وتعليق العضوية بين أعضاء لجنة التعديل، ردًا على فض مظاهرة، الثلاثاء الماضي، التي طالبت بإلغاء محاكمة المدنيين عسكريًا.
وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد المقبوض عليهم وصل لنحو 97 متظاهرا أمام مقر انعقاد اللجنة بمجلس الشورى.

ويعلق الكاتب والروائي مسعد أبو فجر، عضو لجنة تعديل الدستور المصري، على المادة 174 لـDW عربية قائلًا: "حينما جرى التصويت على هذه المادة، فكرت بأن التصويت برفض المادة لن يكون كافيًا، ولن يؤثر، لهذا فضلت الانسحاب من جلسة التصويت، وليس من اللجنة".

ويرى أبو فجر، ممثل بدو سيناء داخل اللجنة، أنه إذا تمّ إقرار المحاكمات العسكرية للمدنيين في تعديل الدستور المعطل، فسيكون لذلك تأثير سلبي على بدو سيناء بشكل خاص، خاصة أن الوضع في شبه الجزيرة المصرية حاليًا مؤسف، لعمليات القبض العشوائي على المواطنين وإحراق منازلهم، إلى جانب العديد من الإجراءات غير القانونية بدعوى الحرب على الإرهاب.

وأوضح قائلا: "إقرار المحاكمات العسكرية سيكون بمثابة منح أداة لاستمرار ذلك في سيناء، والوسيلة الوحيدة للقضاء على الإرهاب أن تكون مصر دولة مدنية".

وتابع: "إذا مرت المادة 174، مضاف إليها مواد الجيش تكون مصر قد تحولت إلى دولة عسكرية، وهذا أمر غير قابل للاستمرار، مصر ليست خارج العالم، في العصر الذي نعيش فيه لا يمكن أن يستمر وضع كهذا".

وأضاف معلقًا: "من يصر على صياغة الدستور بهذه الطريقة يعيد أسلوب الإخوان حينما أعدوا دستور 2012"، معتبرا أن الجدل المثار حاليا حول تعديلات الدستور سببه عدم إدراك بعض ممثلي مؤسسات الدولة أن هناك "ثورة قد حدثت"، وأن الدولة بمؤسساتها "يجب أن تسمع وجهات نظر مختلفة وجديدة".

وأكد أن مصر شهدت حراك سياسيا واسعا ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين، والتي طالب الثوار بوقفها منذ 2011، ودائرة الرافضين لها في تزايد، لكن هناك من يتمسك بهذه المواد داخل لجنة الخمسين، لذلك نحاول أن نوقف هذا حرصًا على تحالف 30 يونيو.
وأضاف أن هدفنا أن تكون المؤسسة العسكرية قوية، ولكن أن يكون وضعها سليم، وبما يتناسب مع الدولة الحديثة والمدنية".

لا يقتنع عضو لجنة الخمسين بالمبررات المطروحة من جانب مؤيدي المحاكمات العسكرية للمدنيين ويقول عنها: "ينبغي التعامل مع الانتهاكات الموجودة في المادة باعتبارها جرائم عادية، جريمة مثل سرقة أحد الكابلات الكهربائية الخاصة بمنشأة عسكرية مثلا ليست جريمة عسكرية، وإنما هي جريمة سرقة فقط".

من ناحية أخرى، كان إجراء تحويل المدنيين للقضاء العسكري مطعون بعدم دستوريته أيام مبارك، قبل الثورة المصرية، لهذا سعت المؤسسة العسكرية مع كتابة دستور جديد للبلاد إلى إقرار هذه المحاكمات دستوريًا، وكانت المحطة الأولى في دستور 2012 الذي أقرها، وحتى الآن لم تحسم هذه المسألة.

من جانبها ترى حركة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" بأن النص المطروح داخل لجنة تعديل الدستور "يعطي ظهيرًا دستوريًا للمحاكمات"، كما اعتبرت أن الأعضاء في لجنة الخمسين "أمام خيارين لا ثالث لهما إما التصويت بـ"لا" على النص المقترح في تلك المادة أو خوض معركة حقيقية من أجل حظر تام للمحاكمات العسكرية للمدنيين أو أن يهدروا حق المصريين في العدالة ويلحقوا بمن سبقهم ممن كتبوا دستور 2012 الذي سقط وسقطوا معه".

ومن أجل ذلك نظمت الحركة وقفة احتجاجية للمطالبة بحظر أية محاكمات عسكرية محتملة للمدنيين احتراما لحقهم في المثول أمام قاضي مدني، الثلاثاء الماضي أمام مجلس الشورى، مقر انعقاد لجنة تعديل الدستور المصري.

وطالب المتظاهرون بإلغاء المادة، لكن الوقفة لم تستمر لأكثر من نصف ساعة، بعد أن قامت قوات الشرطة بفضها، والقبض على المتظاهرين.

من ناحية أخرى توسعت المادة مثار الجدل في الجرائم التي سينظر فيها القضاء العسكري، والتي شملت الاعتداء المباشر على منشآت القوات العسكرية أو معسكراتها أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها، أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم.

وعلق المجلس القومي لحقوق الإنسان أن المادة المطروحة توسع المجال لهذه المحاكمات "لأسباب ليس لها صلة مباشرة بسلامة وأمن القوات المسلحة"، كما طالب المجلس بأن ينص الدستور "على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري".

وتجلت حالة الرفض العام للمادة المثيرة للجدل في حملة لجمع التوقيعات بين السينمائيين بعنوان "خالد يوسف (ممثل السينمائيين) لا يمثلني"، ردًا على موافقته على المادة، كما جمع الصحفيون توقيعات لإلزام نقيبهم، وعضو لجنة تعديل الدستور، ضياء رشوان برفض أي مادة تسمح بمحاكمة عسكرية للمدنيين، داخل الدستور المعدل.

من جانبه يقول الخبير العسكري طلعت مسلم لـ DW عربية أن "المادة المطروحة بمسودة الدستور المعدل مناسبة، والتي تقرر أن المدنيين لا يخضعون لمحاكمة عسكرية إلا في ظروف محددة، وهذه الظروف تتعلق، في أغلبها، بالأمن القومي المصري بشكل مباشر.
وتابع قائلا: " ليس من المعقول أن يرتكب أحد جرائم ضد المنشآت العسكرية وينظر فيها القضاء العادي".

عن رأيه في مطالبة محاكمة المدنى أمام قاضيه الطبيعى قال: " القاضي المدني لن يعلم ولن يقدر خطورة هذه الجرائم، لأن القضاء العسكري وحده المختص بالقانون العسكري وجرائمه. كما أن هناك جرائم مثل عدم إطاعة الأمر، وهى جريمة كبيرة في القضاء العسكري، وجوهرية في الجيش وهذه الجريمة غير موجودة في القانون العادي.. لهذا يجب أن يتم تمرير المادة".

وتساءل مسلم مستنكرًا "كيف سيكون التعامل إذا كانت الجريمة مختلطة أي ارتكبها مدني وعسكري..هل سيحاكم كل منهما أمام قضاء مختلف؟"، معتبرا أن "القضاء العسكري يتسم بسرعة إنجاز العدالة والممارسات المنضبطة بشكل أكبر. كما أن الادعاء بعدم استقلالية هيئة القضاء العسكري مردود عليه بأن الأفضل من حظر محاكمة المدنيين أن يقر الدستور والقانون الضمانات لاستقلال هذا القضاء، وأن يكون عادلًا".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية