رئيس التحرير
عصام كامل

"سوريا مغناطيس القاعدة بالشرق الأوسط".. دول أوربية تعتقل شبكات لإرسال مقاتلين.. تركيا تكتوى بنار الإرهاب وأردوغان يتحول لحمامة سلام.. الجبهة الإسلامية تتمرد على النظام والمعارضة وتتمسك بوصية بن لادن

الأزمة السورية -
الأزمة السورية - صوره ارشيفيه

التجاوب الغربي لعقد مؤتمر "جنيف 2" بهدف الخروج بحل سياسي ينهى الأزمة السورية القائمة، لم يأت من وحى الرومانسية السياسية لهذه الدول، أو حرصها على دماء العرب التي تسال كل يوم فوق الأراضى السورية، إنما تفكك شفرة المعادلة العقدة، التي أدت إلى تراجع الموقف الأمريكى والتجاوب الأوربي.


وكذلك دعوة تركيا مؤخرا، بالمشاركة مع إيران، إلى ضرورة إيقاف القتال لإعطاء الفرصة لحل سياسي، كما أن ظهور تنظيم القاعدة بقوة داخل سوريا والإعلان الرسمي عن النية في إقامة الدولة الإسلامية، كلمة السر التي حولت الدفة من دعم المظاهر المسلحة إلى المطالبة بالجلوس على طاولة الحوار.

سوريا مغناطيس القاعدة
مع الإرهاصات الأولى لثورة الشعب السوري السلمية، ضد الفساد والاستبداد المستشري داخل أروقة الحكم، تعاطف الجميع مع شعب يحلم بالحرية والعدالة الاجتماعية، وهى مطالب مشروعة لا يمتلك انكارها، لكن استغلال قطر وتركيا للحدث وسعيهما الدءوب إلى تحويل سلمية التعبير إلى عنف مسلح، من خلال ذراعها التقليدية جماعة الإخوان، حولت أنقرة حدودها مع دمشق إلى بؤرة لتمرير جميع أنواع التسليح.

كما جاء ذلك وسط مباركة الداعية الإسلامي صاحب فتاوي التخريب الشيخ يوسف القرضاوي، الذي نجح بلسان المتلونين في تكييف ذريعة الحرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بذرائع مذهبية وحول مطالبات الشعب بالحقوق المدنية إلى بركان حرب طائفية حذر منه الرئيس السوري في بداية الأزمة دون أن يلتفت إليه أحد.

فتاوي القرضاوي الطائفية، جعلت من سوريا "مغناطيس" جاذبا لعناصر تنظيم القاعدة من دول الجوار، خاصة العراق التي هاجر منها تنظيم دولة الشام والعراق الإسلامية "داعش" فرع القاعدة بالعراق، والذي انضم إلى حليفه السوري "جبهة النصرة"، ووقف الجيش السوري الحر الذي قامت بصناعته تركيا وقطر وجماعة الإخوان، موقف المتفرج وظهر جليا للمجتمع الدولى أكذوبة هذا الجيش المزعوم وعجزه حتى في الدفاع عن نفسه، أمام ميليشيات القاعدة المتمرسة على القتال والعنف، وتحديدًا أن التنظيم أرسل إشارات السرية لأتباعه بالدول الغربية والعربية، وشهدت الشهور الماضية تطورات يشيب لها الولدان بعد أن كشفت القاعدة عن وجهها القبيح داخل المناطق التي نجحت في السيطرة عليها.

أكثر من 80 جنسية تقاتل بسوريا
خلال وقت سابق نشرت المواقع الإخبارية ومنها موقع "المنار" تقارير موثقة لمراكز أبحاث أوربية وأخرى سورية، عن مقتل 6113 مقاتلا أجنبيا، في سوريا، وقال التقرير إن القائمة تضم عددا من الجنسيات "المفاجئة" وغير المتوقعة مثل ترينيداد، فنلندا، ليتوانيا وغيرها.

وأضاف التقرير أن القتلى تأكدت جنسياتهم بالاعتماد على أوراقهم الثبوتية مع الإشارة إلى أن بعضهم دُفن في سوريا والبعض على الحدود مع تركيا، في حين رحلت جثامين البقية إلى بلدانهم الأصلية، أما عدد المفقودين الأجانب فيبلغ وفق ما نقله التقرير 17 ألفا انقطع الاتصال بهم أكثر من 6 أشهر.

وشدد التقرير على أن عدد القتلى بالأسماء والوثائق بلغ 6113 يتوزعون على 82 جنسية أهمها 729 سعوديًا، 640 ينتمون إلى منظمة "مجاهدي خلق"، 489 مصريًا، 439 لبنانيًا، 439 شيشانيًا، 301 أفغاني، 263 ليبيًا، 261 باكستانيا، 207 عراقيين، 188 روسيًا، 167 تركي، 129 أردني، 117 صومالي، 109 كويتي، 90 فرنسيًا، 67 ألمانيًا، 66 بريطانيًا، 50 تونسيًا، 55 أندونيسيًا، 53 جزائريًا، 52 يمنيًا، 19 قطريًا، 45 بلجيكيًا، 40 أوزبكيًا، 35 أمريكيًا، 31 من كوسوفو، 21 من آذربيجان، 31 من مالطا -من أصل لبناني-، 7 من موريتانيا، 6 من سيراليون و6 من سورينام.

تخوف أوربي من العائدين
عدد من الدول الأوربية والتي تبنت خطابا معاديا لنظام بشار الأسد، ودفعت باتجاه توجيه ضربة عسكرية لدمشق، لم تسلم من النيران السورية، وكشفت تقارير صحفية نشرت مؤخرا، عن قيام الأجهزة الأمنية بهذه الدول باعتقال أشخاص وتفكيك شبكات تقوم بتوريد مقاتلين أوربيين للانضمام إلى صفوف القاعدة بسوريا، وكان آخر هذه الضربات الوقائية ما أعلنت عنه الشرطة الفرنسية بشأن اعتقال رجل يبلغ من العمر 35 عاما بتهمة الانتماء لشبكة تدريب جهاديين وإرسالهم إلى سوريا للقتال، حسب ما أفاد مصدر قريب من التحقيق.

وتقدر أجهزة الاستخبارات الفرنسية عدد المقيمين في فرنسا الذين ذهبوا إلى سوريا أو يرغبون بالذهاب إليها للالتحاق بالجماعات المسلحة الجهادية بـ440 شخصا، وتخشى السلطات الفرنسية أن تصبح البلاد أرض الجهاد الجديدة للعائدين من سوريا.

تركيا تكتوي بنار الإرهاب
حنجورية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، تجاه الأزمة السورية، لم تدم طويلا وتحول إلى حمامة تطلب السلام، عقب نجاح المقاتلين في دولة العراق والشام الإسلامية في الوصول إلى الحدود التركية، واستهداف جنود من الجيش التركي، علاوة على ما ذكرته مؤخرا وزارة الداخلية التركية، بأن نحو 500 مواطن تركي عبروا الحدود التي تفصل بين بلدهم وسوريا للقتال في سوريا في صفوف الجماعات المسلحة القريبة من تنظيم القاعدة ذي الفكر السلفي التكفيري.

وقالت الوزارة في تقرير نشرته صحف تركية عدة، خلال الأسبوع الجاري، إن هؤلاء الأتراك التحقوا بجبهة النصرة وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" التابعين للقاعدة.

ونقلت صحيفة "زمان" خصوصا عن هذا التقرير أن "بعض هؤلاء تلقوا تدريبات في معسكرات القاعدة في باكستان وأفغانستان"، وتحدثت الوزارة عن مقتل 13 تركيًا كانوا يقاتلون في صفوف جبهة النصرة و75 مواطنًا تركيًا آخرين في سوريا.

الأمل في الحل الدبلوماسي
في نهاية المطالف ومع تعقد المشهد وبزوغ نجم القاعدة التي تأمل في دولة تحقق وصية مؤسسها "أسامة بن لادن"، واختارت الأراضى السورية لوضع بيضة هذا الحلم فوق ترابها، قابل الظهور القوى للقاعدة، ضعفا ووهنا داخل صفوف المعارضة السورية، خاصة الخارجية التي قدمت نموذجا بارعا في الفشل ودليلا دامغا على غيابها عن الواقع الحقيقى لأبعاد الأزمة ومخاطرها الأمنية، والذي تجسد بقوة في إعلان "الجبهة الإسلامية" التي تأسست الجمعة الماضي، اندماج 7 فصائل إسلامية مسلحة وينضوي تحت لوائها عشرات آلاف المقاتلين، أنها ترحب بأي دعم يساعد على إسقاط النظام، بشرط ألا يكون مسيسًا أو يهدف لانحراف مسار الثورة أو يحتوي علي أي إملاءات خارجية تصادر قرارها.

وشددت الجبهة على أن كل عملية سياسية لا تعترف بأن التشريع حق لله وحده لا شريك له، هي مناقضة للدين ووسيلة غير مشروعة لا يمكن للجبهة المشاركة فيها أو الاعتراف بها.

وأوضح الميثاق أن الجبهة ترفض العلمانية كما ترفض الدولتين المدنية والديمقراطية وبرلماناتها، وذكر أن أمر هذه الأمة لا يصلح إلا بالشورى.

في ظل هذه المتغيرات الجذرية ربما لا ينجح الائتلاف السوري المعارض في اللحاق بقطار "جنيف 2" الذي غادر مخدعه، وأعلن عن انعقاده فعليا، ومن المتوقع أن يعود وفد بشار الأسد حاملا تفويضا دوليا بالقضاء على القاعدة واعتقال المعارضين، قبل احتراق العالم والمنطقة بنيران القاعدة حال نجحت في إقامة دولتها المنشودة.
الجريدة الرسمية