مسئولية الإخوان عن صحيح البخارى !
يحتوي صحيح البخاري، علي آلاف الأحاديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم، النسبة القليلة منها صحيحة وموثوق بها، وأكثرها مشكوك فيه، فهل تعرف من المسئول عن دس هذه الأحاديث المنسوبة للرسول؟ إنه حسن البنا وجماعته بالتعاون مع الأمريكان والصهاينة !
ألم تسمع عن المصاحف المزورة التي يعلن الأزهر بين وقت وآخر عن ضبطها؟، من زوّر وحرّف كلام الله في هذه المصاحف؟، إنهم جماعة حسن البنا، يتلاعبون بتشكيل الكلمات، فيرفعون المنصوب، وينصبون المرفوع، ويغيرون مواضع الآيات الكريمة !
هكذا كان سائق التاكسي يتحدث إليّ بكل ثقة، لم يترك لي أي فرصة لتصحيح هذه المعلومات الغريبة والشاذة، حتي ظننت أنه يمكن أن يتهم الإخوان المسلمين بأنهم وراء الفتنة الكبري التي ضربت الدولة الإسلامية في أعقاب مقتل الخليفة عثمان بن عفان !
السائق يمكن أن يكون محدود الاطلاع، وربما يردد كلامًا سمعه من غيره دون أن يدرك عدم منطقيته، لكن دلالة الموقف إجمالاً تعبر عن إحدي الخصال المهمة في الشعب المصري، إنه يحب بصدق، ويكره بعنف، إذا أحب حاكمًا رفعه إلي مصاف الأنبياء والقديسين - ربما تأثرًا بفكرة الفرعون الإله - وإذا كره حاكمًا سخر منه، وألصق به كل نقيصة، وربما افتري عليه بما ليس فيه بهدف الانتقام، وهكذا كره المصريون الإخوان فحولوهم – عبر خيال شعبي خصب - إلي شياطين تمشي علي الأرض !
وأهم سلاح يستخدمه المصريون للتشهير بحكامهم هو النكتة، وقد ذكر الكاتب عادل حمودة في كتابة "النكتة السياسية.. كيف يسخر المصريون من حكامهم "أن جمال عبدالناصر كان يهتم بالنكتة ويتلقي تقريرا دوريًا عنها من المخابرات، وقد نشطت النكتة في الستينيات عقب هزيمة يونيو 1967، لكن لو تأملت نماذج من هذه النكات ستجد أنها كانت تستهدف الجيش وعبدالحكيم عامر أكثر من استهدافها لجمال نفسه، لأن القطاع الأكبر من المصريين كان متعاطفا مع ناصر وخرج في مظاهرات حاشدة بعد خطاب التنحي يطالبه بالاستمرار في السلطة، لكن ناصر لم ينج بالطبع من سخرية المصريين، فركزت نكاتهم علي غياب الحريات، وقمع أصحاب التوجهات المعارضة (مرة رجل وقف في الشارع وقال بصوت عالي منك لله يا عبد الستار، راح مخبر ضربه على قفاه وقال له: وكمان مش عارف اسم الريس )..
وكان للسادات ومبارك نصيب الأسد من نكات المصريين، الأول اختار الخيال الشعبي أن يستثمر ما أشيع عن حبه للحشيش، فقالوا عنه إنه كان يتحدث عن خلافه مع البابا شنودة وعمر التلمساني مرشد الإخوان وهو مسطول فقال "وأنا حذرت البابا شنودة وقلت له عيب .... عيب يا تلمساني !!
أما مبارك فكانت النكات تدور حول ذكائه المحدود، وفساد رجال دولته (زار مبارك أحد المصانع والتقى سيدة من العاملات سألها: إنتى بتاخدى كام؟، قالت له المبلغ فسألها: عندك أولاد؟ فقالت له: ثلاثة ياريس، فعاد ليسألها: إنتى متجوزة ؟)!
وخلال العام الذي حكم فيه الإخوان مصر كانت النكتة والإفيه أسلحة في غاية الأهمية ساهمت في إسقاطهم، لكنها اتخذت أشكالًا حديثة تتماشي مع روح العصر، فاستغلت الإنترنت، والفوتوشوب، والكومكس، وكانت نكات باسم يوسف وإفيهاته الساخرة سلاحًا لا يستهان به لكشف عورات نظام الإخوان، وحتي بعد سقوطهم استمر المصريون في تأديبهم بالنكات اللاذعة تارة ( مرسي دخل السجن فاستقبله أحد السجناء وطلب منه أن يرسم علي الجدار نخلة ثم يتسلقها ليحضر بعض البلح)، وبالشائعات والمبالغات تارة أخري، وحديث سائق التاكسي يندرج تحت النوع الأخير!
والمشكلة الحقيقية في رأيي ليست في انتقام الخيال الشعبي المصري من حكامه، إنما تكمن المشكلة الأخطر فيمن يحبهم المصريون فيحولهم هذا الحب إلي ملائكة لا يخطئون، وآلهة لا يصح الاقتراب منها، حدث هذا مع جمال عبدالناصر، أحبه الناس بسبب انحيازه للفقراء، واهتمامه بالعدالة الاجتماعية، والمشروعات الكبري التي نجح في إقامتها، لكن جاء يونيو ليهزمه، وعرف الناس أنه ليس إلها ولا ملاكًا، بل واعترف هو بأنه يتحمل المسئولية كاملة..
حدث ذلك أيضا مع السادات عندما حوله نصر أكتوبر 1973 إلي بطل وزعيم شعبي، ثم إلي فرعون لا يجد غضاضة في أن يسجن كل المعارضين دفعة واحدة حتي يتمكن من تنفيذ تصوراته التي يعتبرها الأفضل للوطن رغم أن كل معارضيه يؤمنون بعكس ذلك!
والآن يمارس المصريون نفس الهواية مع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، هم يحبونه الي درجة العشق، ويقدرون له أنه غامر بحياته لينقذهم من جبروت مرسي وجماعته، يتمنون اليوم الذي يصبح السيسي رئيسًا لهم، وساعتها لن يسمحوا لأحد بانتقاده أو معارضته، سوف يحول الخيال الشعبي المصري كل المعارضين له إلي خونة، وهذا هو مكمن الخطر، فالمواطن الذي حمل الإخوان مسئولية وجود أحاديث مدسوسة في صحيح البخاري لأنه يكرههم، يمكن أن يحول حاكمًا آخر الي إله، لو أحبه !!