رئيس التحرير
عصام كامل

الأغا "التركي"


يقولون في الدبلوماسية "شخص غير مرغوب فيه" وباللغة اللاتينية "بيرسونا نون جراتا"، وتشير المقولة إلى شخص أجنبي محظور دخوله أو بقاؤه في بلد معين من قبل حكومة ذلك البلد، وهو أكثر أشكال الاستهجان التي يمكن أن تطبقها البلد على الدبلوماسيين الأجانب، وفوجئ السفير التركي بمكالمة من الخارجية المصرية، تقول له "عايزينك حضرتك في الخارجية"، ولم يتصور السفير في أقصى تقدير له وهو في طريقه للخارجية على كورنيش النيل أن تستقبله مديرة المراسم بالوزارة لمدة سبع دقائق فقط، لتقول له "أنت شخص غير مرغوب فيه وعليك مغادرة البلاد خلال ٢٤ ساعة".


الصفعة كانت قوية من الخارجية المصرية للحكومة التركية، والرسالة واضحة ليس فقط للسفير وإنما تركيا التي ظنت أنها تعيد إحياء الخلافة العثمانية على جثة مصر، ولعل الرسالة الأوقع التي يجب أن تفهمها تركيا، ليس في تجميد العلاقات أو تخفيضها، فهذا أمر أصبح مؤكدا، ولكن في ذلك الربط بين قرارين في بالغ الأهمية اتخذتهما الدولة المصرية، الأول قرار السفير الأمريكي في الصباح.

والثاني مؤتمر صحفي لوزير الداخلية المصرى بعد الظهر ليعلن فيه عن قائمة طويلة من الإرهابيين وعملياتهم ومخططاتهم، حتى أنه قال "إن عناصر من المشاركين في اغتيال المقدم محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني، من بينهم مخططون لعملية اغتياله، سافر بعضهم إلى تركيا كهشام علي عشماوي، الذي تلقى تدريبات على تصنيع المواد المتفجرة، وشارك في اعتصام «رابعة العدوية»، وعثر في شقته على كمية من المواد المتفجرة".

وليس لتصريح وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الأخير معنى آخر بشأن سفر أحد الإرهابيين المطلوبين في مقتل المقدم محمد مبروك إلى تركيا، سوى أن أردوغان يرعى الإرهاب في مصر، وأن المخابرات التركية متورطة بشكل أو بآخر في تنفيذ هذه العمليات الإرهابية عبر خلايا جهادية، خاصة أن بيان وزارة الخارجية بشأن السفير التركي قال صراحة عن أردوغان ونظامه إنهم يدعمون "اجتماعات لتنظيمات تسعى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد".

وكانت الصفعة الثانية.. وفارق التوقيت الضيق في قرار الخارجية ومؤتمر وزير الداخلية أكد أن الدولة المصرية علقت "الجرس" في رقبة "الكلب التركي"، وهذا "تجريس" يفهمه كل قادة العالم. الغريب في الموقف التركي، أنهم كما العهد عند الإخوان ليس لديهم خيال حتى في صناعة القرار أو الابتكار وهو أمر يفتقده الإخوان، فالخارجية حين استدعت السفير المصري وبادرت بذلك وهذا حقها، خرج مسئول في الخارجية التركية ليقول إن السفير المصري "شخص غير مرغوب فيه"، وهو أمر يدعو للسخرية، إذ كيف أقول إن هذا السفير شخص غير مرغوب فيه إذا كانت مصر في الأصل قد قامت باستدعائه، وهو رد فعل أرادت به تركيا أن تحفظ ماء وجهها، ولكنه جاء متأخرا، كعادة الإخوان دائما.
الجريدة الرسمية