رئيس التحرير
عصام كامل

المواطن - الحكومة - الفقر


بعد ثورة يوليو1952 وبعد أن تم إنصاف المواطن المصرى بأن تم إخراجه من ساحة العبيد لدى مجموعة من الإقطاعيين بإصدار قانون الإصلاح الزراعى فأصبح بموجب هذا القانون من حق الفلاح المصرى تملكه للأراضى الزراعية وتم رفع الرؤوس عاليا، ولقد كانت هناك أيضا آليات أخرى لتحقيق هذا المفهوم منها مجانية التعليم، فقد كان التعليم قبل يوليو مقصورا على أبناء الطبقة العليا اللهم إلا التعليم الأساسى فلقد كان يشترك فيه الفقراء بفضل حكومة النقراشى، ولكن بعد يوليو أصبح التعليم بجميع مراحله مجانيا فأصبح الأطباء والمهندسون والمدرسون والضباط والمهنيون من أولاد الفلاحين وهذه نقلة نوعية فى هذه المرحلة.



وفى الحقبة الساداتية ورغبة من الرئيس الراحل (السادات) فى الانفتاح عندما قال قولته الشهيرة "إن 99% من أوراق اللعبة السياسية فى أيدى أمريكا" فبدأ فى سياسة الانفتاح والاقتصاد الحر تمشيا مع الرأسمالية الأمريكية، وللأسف الشديد تم تمكين كثير من رجال الأعمال من السلطة بدون غطاء دستورى، فهذا الخطأ فى الممارسة نتج عنه أن تم القضاء على الطبقة الوسطى فى المجتمع المصرى وازداد الفقراء فقرا إلى أن جاءت ثورة يناير وأكملت المسيرة ثورة يونيو لتنادى فى أحد مبادئها بالعدالة الاجتماعية وأصبح الطموح بتحقيق هذا الهدف كبيرا إلى أن قفز على السلطة حزب الإخوان الذى يتبنى الاقتصاد الرأسمالى الفاشى، الذى ليس له علاقة بمفهوم العدالة الاجتماعية، فهو منفصل عن مصالح الفقراء من ناحية وعن مصالح الشعب المصرى من ناحية أخرى، والمفارقة الغريبة هى أن من كان سببا فى صعود الإخوان إلى السلطة هم الطبقة الكادحة، هؤلاء الذين لم نجدهم على أجندة الإخوان إلا بشكل موسمى أثناء التصويت على أى استحقاق انتخابى .

وبما أننى أنتمى فكريا وأيدلوجيا إلى اليمين الوسط فأنا أؤمن باقتصاد السوق الحرة ولكن لابد لهذه السوق أن تقدم اختيارات حقيقية للناس، فأنا أرفض كلا من السوق التى تتقيد فيها الحرية بالاحتكارات أو الاقتصاد المنفصل عن مصالح المواطنين .

وفى ذات مرة التقيت بالسياسى المخضرم المحترم سيد عبد العال رئيس حزب التجمع وقال لى إنه أبلغ رئيس الجمهورية فى اجتماع دار بين الرئيس ورؤساء الأحزاب لمناقشة الأوضاع الحالية والمستقبلية للدولة وقال إنه لا مانع لديه إذا تبنت الحكومة البرنامج الاقتصادى لحزب المصريين الأحرار نظرا لأن البرنامج الاقتصادى للحزب يلمس بالدرجة الأولى قضية العدالة الاجتماعية.
وبناء على ذلك يجب على الحكومة التى تفتقد فى جزء كبير من عملها إلى القرارات الثورية أو النشاط المطلوب أو الرؤية السليمة لهذه المرحلة أن تعمل على تحقيق الرخاء للشعب فى ظل نظام اقتصادى مبنى على الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية من خلال خلق مناخ جذاب للاستثمار وإزالة كل التعقيدات البيروقراطية التى تعوق عملية الاستثمار بشكل مخيف.

ويجب أيضا على الحكومة الحالية والحكومات التى تليها تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال الحد من إهدار موارد الدولة وزيادة حجم الاستثمار فى مشروعات تحسن من مستوى الخدمات وتوفر فرص عمل جديدة وترفع من مستوى معيشة المواطن بهدف تقليل الفروق بين الطبقات لصالح توسيع الطبقة الوسطى هذه الطبقة التى تم تقليصها وتهميشها على مدار العقود الماضية .

يجب على الدولة أن تعلم أن للمواطن حقا فى التأمين الصحى والاجتماعى بمستوى يليق به آدميا.
الفقر والجهل عاملان رئيسيان فى تخلف الشعوب ورجعيتها وهذا كان شعار الأنظمة السابقة لكى يتم إحكام السيطرة على الحكم فى الدولة.

يجب على الدولة أن تحارب الفقر وتقضى على الجهل (العيش الكريم والحرية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية المصونة بتلبية رغبات المواطنين ونقلهم معيشيا وفكريا إلى مراحل متقدمة)، هذه ثوابت لا يمكن التخلى عنها وهى مبادئ غير قابله للتفاوض .

أما المواطن فسيقوم بحراسة مكتسباته ويطالب بحقوقه وسيقضى على من لا يلبى نداءه وأكاد أجزم أننا إذا كنا فى مرحلة غير هذه لكانت هذه الحكومة فى تعداد الحكومات التى قضى عليها وعزلت وتمت محاسبتها . 

الجريدة الرسمية