رئيس التحرير
عصام كامل

الثغرات المضحكات فى قانون المظاهرات ! ( 2 )


أمس تسلمنا مع الشعب المصري نص قانون التظاهر.. ومن أول نظرة اكتشفنا ثغرات وعيوبا خطيرة في المضمون وفي الصياغة.. حتي إننا اضطررنا لأن يكون عنوان المقال هو الذي أعلاه.. واستكمالا للقراءة في القانون المذكور نتوقف عند المادة التاسعة التي تؤكد قيام وزير الداخلية أو من ينيبه بإبلاغ الجهة التي سيتظاهر ضدها طالبو الترخيص بالتظاهرة للوصول إلي حل.. دون أن يوضح علاقة ذلك بالقانون! بمعني: أليس الداخلية تفعل ذلك أصلا؟ وهل سيتوقف التظاهر لحين رد الجهات المعنية ؟ وماذا لو عرف المتظاهرون بإصرار المذكورين عي رفض طلباتهم؟ وما عقوبة الداخلية إن لم تلتزم بهذه المادة والسؤال الأهم : ماذا لو لم توضع هذه المادة أصلا ؟!


أما في المادة العاشرة: "يصدر وزير الداخلية قرارًا بتشكيل لجنة فى كل محافظة برئاسة مدير الأمن بها، تكون مهمتها وضع الضوابط والضمانات الكفيلة بتأمين الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات المخطر عنها، وطرق التعامل معها فى حالة خروجها علي السلمية وفقا لإطار القانون" ! ولا أعرف ما لزوم النص علي منح مديرى الأمن تفويضا بالتعامل مع المظاهرات حال خروجها عن السلمية إذا كان القانون نفسه صدر خصيصا من أجل ذلك وجاء ذلك نصا في مواد لاحقة!!!

الحادية عشر: "يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حالة حصول جهات الأمن- وقبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة- على معلومات جدية عن انصراف نية المنظمين أو المشاركين فيها إلى ارتكاب أى من المخالفات المنصوص عليها فى المادة السابعة أو أى جريمة أخري- منع الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة، وللمتضرر اللجوء إلى قاضى الأمور الوقتية، ويصدر القاضى أمره مسببا علي وجه السرعة".. هنا.. في هذه المادة.. فمن الذي يستطيع أن يكشف نيات المتظاهرين؟ وما هي سبل كشف النيات ؟ وإذا رغب المنظمون في التظاهر ضد قرار الداخلية بمنعهم من التظاهر فماذا سيفعلون؟ وماذا إذا صدر حكم القاضي.. هل وقتها سيتذكر راغبو التظاهر سبب المظاهرة الأولي أصلا؟!

أما في المادة التي تليها فتقول: "ويجوز لمدير الأمن المختص مكانيًا قبل الفض أو التفريق أو القبض أن يطلب من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة ندب من يراه، لإثبات الحالة غير السلمية للاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة، ويصدر القاضى أمره علي وجه السرعة"!

أي أنه أثناء وقوع الكوارث والحرائق والقتال والقتل يمكن لمديري الأمن المترددين أو المرتعشين أو الخائفين من أي محاكمات في المستقبل ورأينا منهم من قبل مثل حالة أسوان.. أن يترك الحرائق والقتال والقتل ويذهب ليبحث عن قاض!

ومن بين الثغرات المضحكات تحديد القانون طريقة فض التظاهرات، التي تبدأ بالتنبيه وتتصاعد حتي تنتهي إلي استخدام الرصاص الحي إذا استخدمه المتظاهرون.. ثم تأتي المادة التي تليها وتنص علي أنه لا يجوز استخدام في تفريق المظاهرات إلا ما ورد في نص المادة السابقة! والسؤال: ماذا أكثر من الرصاص؟ هل سيتم استخدام الصواريخ مثلا ؟! والسؤال الأهم: ماذا لو تحولت التظاهرة إلي قتال كبير فعلا وتم استخدام "الآر.بي. جيه" أو "القنابل" أو غيرها.. واستخدمته قوات الأمن في الرد.. هل ستكون الشرطة مخالفة للقانون ؟!

وهكذا.. نجد أن العجلة في مواجهة الإخوان كانت السبب في صدوره هكذا.. فنجد نصوصا كان من الممكن جدا أن تصاغ بشكل أفضل.. ونصوصا كان حذفها ضروريا وأخري لا معني لوجودها.. وكذلك نصوصا جيدة ومطلوبة.. لكن المؤكد الوحيد أن أكثر من يد تدخلت في الصياغة فجاء القانون نتاجا لأكثر من عقل وأكثر من مدرسة سياسية فجاء مفتقدا لكثير من التناغم والانسجام والوحدة بين نصوصه رغم أنه كان من الممكن أن يتحول إلي مكسب مهم لصاحب الثورتين.. الشعب المصري!
الجريدة الرسمية