رئيس التحرير
عصام كامل

أردوغان.. في ظلال الوهم

رجب طيب اردوغان رئيس
رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي

يبدو أن سرقة الإخوان لثورة الشباب في مصر.. بحسب تعبير جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ـ أسال لعاب أردوغان رئيس وزراء تركيا وعضو التنظيم الدولي للإخوان لإحياء حلم الخلافة العثمانية من جديد، وتصبح مصر فيه مجرد ولاية تابعة للباب العالي لا يحق لواليها التصرف إلا في حدود الفرمانات السلطانية، فضلا عن شعبها الذي لا حق له. خاصة وأن الإخوان يحملون ذات الفكر الأممي الذي لا يعترف سوي بالعقيدة وطنًا، ولا يعرفون للأوطان حدودًا، والوطن محدد بحدود المكان الذي يتواجد فيه المسلم، ومن ثم فلا غضاضة لديهم في أن يحكم مصر ماليزيًا أو تركيًا أو أفغانيًا أو أن تكون مصر مجرد ولاية تابعة لأي باب عال في أي بقعة من بقاع الأرض.


وزاد من إغراء أردوغان بالاستغراق في حلمه أنه صعد إلى حكم مركز آخر خلافة إسلامية ـ زورًا وبهتانًا ـ في الآستانة مدفوعًا بالتأييد الأمريكي المستند إلى ما تخطه الأيادي الخفية لـ C I A، لكي يكون زعيمًا للمنطقة في ظلال القطب الأمريكي الأوحد في العالم.

ويبدو أن أردوغان لم يذاكر درس التاريخ جيدًا، لأنه لو ذاكر الدرس لوضع لأحلامه سقفًا معلومًا. فسقطت الدولة العثمانية، وقبل سقوطها بما يزيد على المائة عام تخلص الشعب المصري من وصايتها، في أحداث قريبة الشبه مما عاشته مصر في 30 يونيو 2013 م، ففي عام 1805 م اشتعلت ثورة الشعب، تحت قيادة الأزهر ونقابة الأشراف وكبار التجار، وتحددت أهداف الثورة في شعار واحد " الشعب يريد إسقاط خورشيد باشا".

وثار الشعب على حكم الإخوان، وتحددت أهداف الثورة في شعار واحد " الشعب يريد إسقاط حكم المرشد ". وواجه خورشيد ثورة الشعب بقوله: " إني مولي من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاحين ولا انزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة " .. كما واجه مرسي ثورة الشعب بقوله " أنا الرئيس الشرعي فلا أعزل بأمر المتظاهرين ولا انزل من القلعة إلا بأمر الصندوق " .. وذهب خورشيد وجاء محمد على بأمر الشعب. وبعد مائتي سنة ذهب مرسي وجاء رئيس المحكمة الدستورية بأمر الشعب.

إلا أن الفارق بين أردوغان والسلطان العثماني أن الأخير رضخ لإرادة الشعب بعزل خورشيد وتولية محمد على. أما أردوغان الذي بذل وسعه باعتباره عضوًا في التنظيم الدولي ورئيسًا لوزراء تركيا لدعم حكم الإخوان وترسيخ أوتاده في مصر، باعتبار أن مصر تقع موقع القلب من العالم العربي والإسلامي، والسيطرة عليها والهيمنة على حكمها هيمنة على الأطراف فلم يتصرف على نحو ما تصرف سلفه. إذ لما ثار الشعب المصري على " مرسي باشا "، وتنادي بهتاف واحد " يسقط يسقط حكم المرشد " تبخرت أوهام أردوغان واستحال حلمه كابوسًا يقض مضجعه جعل يتصرف تصرف من فقد عقله وضاع صوابه، وكأنه جلس على كرسي العرش، وأخذ يصدر فرامين الباب العالي، ويتهم شعب مصر بالعصيان والتمرد.

وليت الأمر وقف عند حد الأقوال، فالكلام لا يجمرك، وإنما تخطي الكلام إلى الفعل المتآمر من تمويل وإيواء للخارجين على الإرادة الشعبية، وتأليب المجتمع الدولي واستعدائه على الدولة المصرية، واستضافة تنظيم الإخوان الدولي في اجتماعات تآمرية تهدف إلى زعزعة الاستقرار في مصر، إلى عبث المخابرات التركية بالتنسيق مع مخابرات غربية وأمريكية وتآمرهم على سلامة وأمن مصر، إلى تدريب كوادر إرهابية على القيام بأعمال تخريبية ضد المصالح المصرية في الداخل والخارج. وما طرد السفير التركي إلا صفعة خفيفة على قفا هذا الأردوغان المتغطرس حتي يفيق من سكرة أوهامه وأضغاث أحلامه.
الجريدة الرسمية