رئيس التحرير
عصام كامل

أمراء الانتقام


شاهدنا جميعا على مدار عام كامل من حكم الرئيس المعزول وجماعته، كيف أنهم حرصوا منذ اللحظة الأولى التي تولوا فيها السلطة، على تبني سياسة انتقامية ضد كل من له صلة من قريب أو بعيد بالنظام الأسبق، وكيف أن تركيزهم على هذه القضية، وما ترتب عليه من إهمال لمعظم قضايا وهموم الوطن، كان له دور كبير في إسقاط حكمهم.



لست ضد الانتقام من النظام الأسبق، لأنه أخطأ وأجرم في حق هذا الشعب، ولابد من محاسبته، ولكني ضد الخطوات التي اتبعها نظام الإخوان لمحاسبته، والتي بدأت بإصداره لإعلان دستوري باطل بحجة تطهير مؤسسات الدولة، وكان الهدف الحقيقي منه تحقيق مصالحة وتنفيذ مخطط التمكين، وانتهت بخطاب الكراهية الذي تبناه النظام السابق، وعلى رأسه المعزول، ضد كل من أيد النظام الأسبق، أقصد هنا المواطنين الذين أيدوا نظام مبارك فقط، ولم يتورطوا في أي أعمال إجرامية قام بها مبارك ورموز نظامه.

وعلى الرغم من الثورة على نظام الإخوان وإسقاطه، إلا أن هذا المشهد الانتقامي ما زال مستمرا كما هو، مع اختلاف الفاعلين فقط، فنظام ما بعد 30 يونيو لجأ أيضا منذ اللحظة الأولى لتوليه السلطة إلى إهمال كافة مشاكل وهموم المواطنين، والتركيز فقط على تبني سياسة انتقامية ضد كل من له صلة من قريب أو بعيد بجماعة الإخوان. 

فمثلما لجأ نظام الإخوان إلى اتخاذ إجراءات استثنائية مخالفة للقانون لتنفيذ سياستها الانتقامية، يلجأ أيضا النظام الحالي إلى إجراءات قد تبدو مختلفة إلى حد ما عن الإجراءات التي اتخذها الإخوان، إلا أنها تصب أيضا في نطاق الاستثناء، مثل عمليات القبض والقتل العشوائي، والتي اتسعت بشكل غير مسبوق.

وكما حاول من قبل نظام الإخوان استخدام مجلس الشورى الذي كان مشكوكا في شرعيته، لسن قوانين مصيرية لتنفيذ سياسته، ورفضه الانتظار لحين انتخاب مجلس النواب، يحاول أيضا النظام الحالي سن قوانين مصيرية مثل قانوني التظاهر والإرهاب، رافضا الانتظار لحين إجراء الانتخابات البرلمانية، ومتجاهلا أن ما يتضمنه قانون العقوبات الحالي يكفي لمواجهة عمليات العنف والإرهاب التي يشهدها الشارع المصري.

وأخيرا مثلما قامت أيضا جماعة الإخوان بتكفير كل من أيد نظام مبارك، تقوم أيضا السلطة الحالية بتخوين كل من أيد أو يؤيد نظام مرسي، وتصفه بالإرهابي، أقصد هنا المواطنين الذين يؤيدون نظام مرسي فقط، ولم يشاركوا في أي أعمال عنف أو إرهاب.

في النهاية أود أن أؤكد على أنني لست ضد الانتقام من كل من نظامي مبارك ومرسي فكلاهما أخطأ في حق هذا الوطن، إلا أنني ضد أن يكون هذا الانتقام خارج إطار القانون، أو أن يشمل هذا الانتقام مواطنين لا ذنب لهم، فالانتقام يجب أن يكون من خلال إطار قانوني، مُتفق عليه، يضمن محاسبة كل من أخطأ في حق هذا الوطن.
nour_rashwan@hotmail.com

الجريدة الرسمية