رئيس التحرير
عصام كامل

"الحجاج" عمل «الجلاشة» مع «شضاض الضبي».. خُط العصر الأموي

فيتو

شيخ منصر الصعاليك، زعيم مافيا قطع الطرق والعصابات، خُط العصر الأموي، العرب ضربت فيه المثل وقالت «ألص من شضاض»، أما لقبه «الضبي» لأنه كان من بني ضبة.. ودا اسم عيلته أو قبيلته مش «بضب» يعني..


كلمة «شضاض» دي ممكن يكون حصلها إبدال في اللغة وبقت شداد، والاسم دا كتير هتلاقيه منتشر في مناطقنا الشعبية، يعني شداد بلطجي الوراق ولا إمبابة ميعرفش إن اسمه دا متحرف من اسم جده الكبير الصعلوك شضاض...

شضاض زيه زي أي شيخ منصر، كان له عصابة، وعصابته دي كانت مكونة من أبي حردبة المازني، وغويث بن كعب بن حنظلة، ومالك بن الريب، ودي زي عصابة برعي سن الفيل وحنكورة الأشرم ومحمد كرع وسبع الليل أبو زعبل اللي في فيلم عفريت مراتي..

وإن مكانش شضاض يرجع زي زمان هيحطوا السيخ المحمي في صرصور ودنه.. وأكيد مراته كانت طول الليل بتقول له شيلنى يا شضاض...

ولقد أفزعت هذه العصابة المواطنين وروعتهم، زي إخوانا البعدا بتوع اليومين دول، وقد شاع خبرهم في أرجاء الدولة الأموية وتناقل الناس أخبارهم، وتجنبوا المرور في طرقاتهم وحذروا من مفاجآتهم، فكانوا يقطعون الطريق على الحجيج ببطن فلج ويخيفون عابري السبيل فيه...

ورغم أن شضاض كان ابن ليل وحرامي إلا إنه كان شاعرا.. وله شعر في كتاب «أشعار اللصوصية».. حاجة تفكرك كدا بسعيد صالح في ربع دستة أشرار لما كان غاوي الربابة وبيغني:

يا حليوة وخبريني يا بوي على اللي ملوع سليم

أنا لو رحت الإذاعة يا بوي يلغوم عبد الحليم

ونجاة تحاربني برضه يا بوي وأنا ماحربش الحريم...

لكن التاريخ حفظ لينا شعره وموجود لحد النهار ده..ومن أشهر أبياته

رَبِّ عَجوزٍ مِن نُمَيرٍ شَهبَرَه****عَلَّمتُها الإِنقاضَ بَعدَ القَرقَرَه

وعشان متغلبش روحك أنا هشرحلك معنى البيت وقصته.. في يوم عمنا شضاض دا كان راكب جمل مش قد كدا..معضم وطلعان عينه..شاف ست عجوزة معاها جمل إنما إيه جامد وأحسن من اللي معاه ميت مرة..فقرر أن يسرقه بس باللطافة.. دخل على الست العجوزة وقال لها: ممكن طلب يا مدام؟
قالت له: أو نو..أنا لسه آنسة لو سمحت..
قال: معقولة القمر دا كله ولسه مودموازيل ؟!
قالت: عشان لسانك اللي بينقط شهد أأمر.. كنت عايز إيه ؟
قال: بس ممكن تمسكي الجمل دا لمدة «فيمتوثانية» وانا هرجعلك على طول..
طاوعته ومسكت الجملين.. ولأنها ست كبيرة مقدرتش على الجملين.. قام جملها ساب من إيديها وجري.. وعمنا شضاض جري وراه وخد الجمل وقال يا فكيك.. يعني شهبرة هي الست العجوزة والإنقاض هو البعير الصغير التعبان اللي صاحبنا «سابهولها».. أما القرقرة فهو البعير الكبير المليان اللي خطفه شضاض..

عصابة شضاض وشركاه.. رعبت الناس وخوفتهم.. والناس خافت من شرها.. فراحوا اشتكوا لمروان بن الحكم.. وهو عامل معاوية على المدينة..يعنى زى المحافظ كده..اللي بعت حملة من عساكره يدوروا عليهم..لكنهم الظاهر كدا شموا خبر من المرشد اللي زارعينه في قسم الدرب الاصفر اللي لازق في سوق بغداد..المخبر بلغهم إن فيه كبسة هاتطب عليهم دلوقتي فهربوا.. فكتب إلى الحارث بن خاطب الجمحي، وهو عامله على بني عمرو، وحنظله اللى طلع حملة هو كمان للقبض عليهم، لكنهم شموا بيها خبر فهربوا منها برضه..

وأخيرا وبعد كر وفر وحياة صاخبة مليئة بالمفاجآت والمعاناة، وقع شضاض الضبي في إيد اللي مايعرفش أبوه «الحجاج بن يوسف الثقفي» اللي كان نادر ندر إنه يعمل معاه «الجلاشة» لو وقع في إيده، ومن غيظ الحجاج منه لم يجلده كحد للسرقة وهي العقوبة المعروفة للسرقة، إنما صلبه بالبصرة تشفّيا وانتقاما وغيظا !
الجريدة الرسمية