رئيس التحرير
عصام كامل

تجنب الفتنة.. عين الحكمة


سأقول نعم لمشروع الدستور الجديد مهما كان عدد المواد التي لا أرضى عنها.. وأغلب الظن أن كل من سيذهب للاستفتاء على الدستور لن يكون راضيا عن جميع المواد، لكن الحكمة تقتضى أن يوافق على الدستور كله حتى نتجاوز أولى الخطوات في خريطة المستقبل وننتقل إلى الانتخابات البرلمانية وبعدها الانتخابات الرئاسية، ليكتمل بذلك بناء الدولة الديمقراطية الحديثة وندخل مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادى مدعومة بالاستقرار الأمنى.


وعدم إقرار الدستور في الاستفتاء العام قد يثير فتنة تستغرق مواجهتها شهورا طويلة، ولذلك فإن قبول مشروع الدستور يعكس كل مظاهر الحكمة والتعقل، حتى لو كان الدستور يتضمن مواد موضع خلاف أو صراعا بين بعض الفئات، وذلك عملا بالقاعدة التى تقول إن تجنب الخطر أولى من جلب المنفعة.

وقد تنبه لذلك الحكماء والعقلاء، وكان منهم رئيس النيابة الإدارية الذي تراجع عن استقالته من لجنة الدستور الذي هو من أعضائها الأساسيين، وقال إنه كان قد قدم استقالته اعتراضا على موقف لجنة الصياغة من نص يتعلق بالسلطة القضائية وأنه سحب الاستقالة تجنبا لوقوع انشقاق داخل اللجنة، وكانت القصة قد بدأت بنزاع بين النيابة الإدارية ومجلس الدولة، وإصرار النيابة الإدارية على حقها في نظر الدعاوى التأديبية خاصة أن لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين جعلت الاختصاص التأديبي للنيابة الإدارية، بينما لجنة صياغة الخمسين جعلت القضايا التأديبية من اختصاص مجلس الدولة..

ودفع ذلك رئيس النيابة الإدارية إلى تقديم استقالته من لجنة إعداد الدستور احتجاجا على ما يراه من تحيز غير مبرر من لجنة الصياغة.. وترتب على ذلك تعثر نظر المواد الخاصة بالسلطة القضائية في لجنة الدستور لحين حسم النزاع حول الاختصاص التأديبى لأعضاء الهيئات القضائية..

ومهما كانت أهمية الاعتبارات التي تقف وراء كل من الجهتين المتنازعتين على سلطة التأديب في الهيئة القضائية، فإننا نرى أن تسليم أي طرف من الطرفين للآخر يعكس حكمة وتعقلا نحن أحوج إليه الآن حتى نقر مشروع الدستور في موعده تمهيدا لطرحه للاستفتاء، وأتمنى أن يسود التعقل وتغلب الحكمة علينا جميعا يوم نذهب إلى صناديق الاستفتاء فنقول نعم للدستور، ونمضى في خريطة المستقبل حتى تتحقق كل أهدافها.
وعلى الله قصد السبيل
الجريدة الرسمية