رئيس التحرير
عصام كامل

آكيو


تلقيت الكلام التالى عبر الإنترنت، وليس لى فيه فضل سوى الترجمة لأننى لم أستطع مقاومة إغراء نقله إلى القراء العرب، فأعتذر وأطلب الرأفة.

هناك صف للصغار فى مدرسة أمريكية والمعلمة تقول لطلابها: دعونا نراجع بعض التاريخ: مَنْ قال: أعطنى الحرية أو الموت؟ ورفع آكيو، وهو ولد يابانى فى المدرسة ضمن برنامج دولى لتبادل الطلاب يده وقال «باتريك هنرى عام 1775».

وقالت المدرّسة جيد جدا، وسألت مَنْ قال: حكومة من الشعب، وبالشعب (أى أن الشعب ينتخبها) ومن أجل الشعب؟ وصمت الطلاب إلا آكيو الذى قال: «أبراهام لنكولن عام 1863».

وقالت المعلمة: عظيم، وأكملت بأنها ستحاول جعل الأسئلة أصعب، وسألت: مَنْ قال: «لا تسألوا ماذا سيفعل وطنكم لكم. اسألوا ماذا ستفعلون لوطنكم؟». ومرة أخرى لم ترتفع غير يد آكيو الذى قال: «جون كنيدى عام 1961».

وبَّخت المعلمة الطلاب الأمريكيين على جهلهم، وقالت إن آكيو طالب صغير غريب ومع ذلك يعرف عن التاريخ الأمريكى ما لا يعرفه الأمريكيون، واستاء الطلاب إزاء هذا التوبيخ وقال أحدهم: «ليذهب اليابانيون إلى الجحيم».

وسألت المعلمة بغضب: مَنْ قال هذا؟ وردّ آكيو: «الجنرال مكارثر عام 1945».

وسألت المعلمة هل يعرف الطلاب مَنْ قال: عندى حلم؟ وصرخ آكيو: مارتن لوثر كنغ عام 1963 خلال زحف على واشنطن لأنصار الحقوق المدنية.

وقالت المعلمة حسنا، لكن هل تعرفون مَنْ قال: بليون دولار هنا، بليون دولار هناك، بعد قليل سيصبح الحديث عن فلوس حقيقية؟ ومرة أخرى قفز آكيو وسط صمت الطلاب وقال: السيناتور إيفرت ديركسون خلال حرب فيتنام (الأرجح أن ديركسون لم يقل هذه العبارة التى تُنسَب إليه، وهو صرَّح يوما بأن صحفيا نقلها عنه خطأ وأعجبته فلم ينفها).

وعلَّق طالب أمريكى على ردود آكيو بالقول: أشعر بأننى سأتقيأ. وسألت المعلمة مرة أخرى وقد زاد غضبها: مَنْ قال هذا؟ ورد آكيو: جورج بوش الأب لرئيس وزراء اليابان عام 1991.

وثار أحد الطلاب وخاطب آكيو هازئا: هل هذا صحيح تعال إلىّ يا جميل وسأريك... ورد آكيو: بيل كلينتون لمونيكا لوينسكى عام 1997.

الأولاد الأمريكيون فى الصف هاجوا وماجوا، وقال أحدهم للولد آكيو: يا حثالة... إذا قلت شيئا آخر سأقتلك.

وصرخ آكيو بأعلى صوته: مايكل جاكسون للأطفال الذين كانوا يشهدون ضده، بتهمة التحرش، فى المحكمة.

المعلمة أغمى عليها واجتمع الطلاب حولها وهم لا يدرون ما يفعلون، وقال واحد منهم: يا ساتر، وقعتنا مهبِّبة.

وصرخ آكيو مرة أخرى: الشعب المصرى بعد أربعة أشهر من انتخاب محمد مرسى رئيسا.

ما سبق طرفة، إلا أن الأسئلة والردود عليها جزء من التاريخ الأمريكى، وهى ذكرتنى بخفة دم المصريين فى هتافاتهم وشعاراتهم فى ميدان التحرير ضد حكم حسنى مبارك.

وأكمل بمقارنات سمعتها من زملاء وهم يخطفون دقائق لتدخين سيجارة فى الشارع والحرارة فى لندن دون الصفر.

الصومالى موجود ليبدو السودانى ثريا بالمقارنة.

السودانى موجود ليبدو المصرى ثريا بالمقارنة.

كان معمر القذافى موجودا ليبدو كل زعيم عربى إماما عادلا بالمقارنة.

الثورة فى ليبيا موجودة ليبدو تغيير الحكم فى اليمن أفضل بالمقارنة.

اللبنانى موجود ليبدو الأردنى معتدلا ومنطقيا بالمقارنة.

الأردنى موجود ليبدو العراقى باسما سعيدا بالمقارنة.

النظام السورى موجود ليبدو نظام آيات الله فى إيران مسالما بالمقارنة.

الثورات العربية قامت لنبكى على الأنظمة الراحلة (ورب يوم بكيت منه فلما/ صرت فى غيره بكيت عليه).

إسرائيل موجودة ليحمّلها كل نظام عربى مسئولية فشله إزاء شعبه.
نقلا عن الحياة اللندنية
الجريدة الرسمية