مرسى والقانون لا يجتمعان
سمعت بالأمس نكتة من العيار الثقيل فى خطاب رئيس الجمهورية الإخوانى، حيث قال فى خطابه المُتعلق بالمأساة التى تحياها مصر: "إن أحكام القضاء واجبة الاحترام منا جميعاً"، وتكلم عن أنه يتابع "الإجراءات القانونية" ساعة بساعة لتقديم المجرمين للعدالة، ثم وقُبيل نهاية الخطاب تكلم عن عدم التراجع عن عدة أمور، من بينها "القانون"!!.
لقد اندهشت من حديثه حول وجوب احترام أحكام القضاء ومتابعته للإجراءات القانونية لتقديم المجرمين للعدالة وعدم التراجع عن سيادة القانون، لأنه انتهك كل هذا، وشعُرت وكأن الرجل لا يعى ما يقول، وأنه يقول كلاماً ذراً للرماد فى العيون فقط!.
فلا يمكن لمرسى بالذات، أن يتكلم عن القانون، لأننا أدركنا وأصبح لدينا يقين فيما لا يتجاوز الشهور السبعة، أن مرسى والقانون لا يجتمعان!!.
فمن الواضح أنه لا يعى أنه انتهك القانون مرات ومرات، بدايةً بإعلانه الدستورى الصادر فى أغسطس 2012، والذى بمُقتضاه اقتنص السلطة التشريعية لنفسه، بالإضافة للسلطة التنفيذية، ثم إعلانه الدستورى الذى أصدره فى نوفمبر 2012، لتحصين الجمعية التأسيسية الباطلة بدايةً، وإقالة النائب العام السابق وتعيين النائب العام الجديد، ثم إجازته تمرير دستور وافق عليه 10.5 ملايين مواطن من إجمالى 52 مليونا لهم حق التصويت، وهو ما يبطله لأن هذا العدد لا يمثل الشعب أو 50 % + 1، من عدد هؤلاء الذين لهم حق التصويت، على أقل تقدير!!.
فوفقاً للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011، ليس لرئيس الجمهورية الحق فى إصدار أى إعلان دستورى من الأصل، وهى قضية منظورة أمام المحاكم!!.
ثم إنه انتهك أيضاً دستوره الباطل هذا، حينما عين رئيس البنك المركزى، دون موافقة مجلس الشورى كما هو منصوص فى المادة 202 منه، ثم ووفقا لما نُص عليه فى نفس الدستور، كان عليه إلغاء وزارة الإعلام وتدشين مجلس وطنى للإعلام محلها، وهو الأمر الذى لم يحدث حتى هذه اللحظة، وفى نهاية المطاف أعلن العمل بالطوارئ بمدن القناة، فى مُخالفة صريحة للمادة 148 من دستوره، والتى تتطلب أخذ رأى الحكومة وعرض هذا الإعلان على مجلس النواب!!، أى أن مرسى مستمر فى انتهاك حتى الدستور الذى مُرر فى عهده هو، بالمُخالفة لرأى أغلبية المصريين، فانتهاك مرسى للقانون يجرى لديه مجرى الدم، وهى طبيعته، حتى مع القوانين التى أجازها هو، فهل لا يزال هناك من يُدافع عنه من سدنته؟!.
إن الوضع الذى نحياه، هو نتيجة طبيعية، لانتهاك مرسى المُستمر للقانون وقواعد العدل المعمول بها، وقد كان يتكلم فى خطابه يوم أمس الموافق 27 يناير 2013، حول التزامه بالقانون، بينما نص الخطاب فى حد ذاته ينتهك القانون، فيما يتعلق بإجراءات إعلان حالة الطوارئ!!.
ثم إننى ولأول مرة أستمع إلى شخص ما، يفرض حالة الطوارئ "لمدة 30 يوماً"!! "هل يعيد إنتاج فيلم "30 يوما فى السجن" مثلاً؟!، هل هذا منطق؟، هو فيه إيه؟، حبك أوى القانون خلاص، مقطع بعضه "الالتزام بالقانون" من مرسى، ومن مرسى بالذات؟!، الرحمة من عندك يا رب!!".
إن الثورة على مرسى، نابعة بالأساس من اعتدائه المُستمر والفطرى فى سلوكه، على القانون، ودعوته للحوار تدل على أنه لا يعترف أيضاً بأخطائه، حيث إنه أجرم فى حق الشعب ويجب مُحاسبته وفقاً لجريمة "القتل بالترك" فى المواقع المختلفة منذ أن أصبح رئيساً للجمهورية، وعلى وجه الأخص، فى موقعة "الاتحادية" فى بداية ديسمبر 2012، والأحداث الجارية منذ اندلاع العنف فى 24 يناير!!.
إن من يُجرى حواراً اليوم، مع الرئاسة، إنما يدوس على رقاب الشُهداء، حيث لا يجوز الحوار مع القتلة!، فالأمر مع وضوح الجُرم المتعلق "بالقتل بالترك"، يستوجب مُحاسبة الجُناة وفقاً للمسئولية السياسية، وقد دلت الأحداث على أن ما حدث ليس مُلتبساً، كما كان فى حالة تُهم الرئيس السابق!، ومن الواضح أن من سيُجرى حواراً اليوم مع الرئاسة، إنما يقوم بانتحار سياسى بخس الثمن، ويلقى نفسه بذلك فى أقرب سلة لمُهملات التاريخ!!.
إن مرسى انتهك وينتهك وسينتهك القانون، لأن تلك عادة لديه وقد تطبع بها، والحل فى شأنه، هو مُحاكمته على ما اقترف فى حق هذا الشعب، فإن كنا نريد أن نرعى القانون فعلاً ونبنى دولة يسود فيها، فإن أول خطوة هى تطبيق أحكامه، بل وتطبيقه على مرسى قبل أى شخص آخر، فالرئيس يُفترض أن يكون القدوة، فإن كان هو من ينتهك القانون، فلما نغضب من المواطنين "العاديين" إذا فعلوا؟!.
والله أكبر.. والعزة لبلادى.
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.