رأي فى التطبيع
بمناسبة زيارة وفد من الصحفيين إلى الضفة الغربية من الأرض المحتلة وزيارة القدس، قامت نقابة الصحفيين المصرية بإعلان أنها ستقوم بالتحقيق مع الوفد الصحفي الذي سافر إلى فلسطين لأن ذلك يعتبر تطبيعا، والحقيقة أن الموضوع لا يخص نقابة الصحفيين وحدها لكن أيضا وتقريبا كل النقابات المهنية وغير المهنية وعلى رأسها نقابات مثل السينمائيين والموسيقيين والممثلين وكذلك اتحاد الكتاب.
وطبعا قد يلتقط البعض هذا المقال ويقول الحق دعوة للتطبيع! لكني طبعا لا أدعو إلى ذلك. فقط أنبه إلى أشياء مهمة مثل ما معنى القطيعة مع الفلسطينيين، وما معنى أن يتم الحديث عن التطبيع مع شخص دون آخر. مثلا الشاعر هشام الجخ ذهب إلى الضفة الغربية وقابل "أبو مازن" ولم يقل أحد شيئا، ومن قبل منذ سنوات حضر علاء الأسواني معرضا للكتاب في فرنسا كانت إسرائيل فيه ضيف شرف. لم يقاطعه بل قام بتوزيع بطاقات تدين العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ولم يعترض أحد اللهم إلا مقال للأستاذة مديحة عمارة في جريدة العربي الناصري.
وبالمناسبة جميع المعارض الأوربية والأمريكية التي يذهب إليها الأدباء، إسرائيل تكون مشتركة بها لكن الأدباء لا يقتربون من جناحها، كما أن عددا من الفنانين ذهب إلى الضفة الغربية من قبل ولم يتحدث أحد. لم يتحدث الأدباء أصحاب الصوت العالي ولا الفنانون ولا الصحفيون، وأنا طبعا لا أدين أحدا لكن فقط أوضح أن مسألة المعارضة ليست مبدأ في كل وقت!
الفلسطينيون في عزلة عربية يتمناها العدو الإسرائيلي قبل غيره. الحجة القديمة كانت أن العبور للضفة أو غزة يعني ختم جواز السفر بخاتم إسرائيل، ومعروف أن العبور للضفة من الأردن لا يستدعي ذلك والعبور من رفح المصرية لغزة لا يستدعي ذلك أيضا، والآن أفكر معكم إلى متى سنظل نقاطع الشعب الفلسطيني؟ وما ذنب الفلسطينيين لا نؤازرهم إلا كلاما في كلام؟ ثم نظرة للتاريخ توضح لنا مثلا أن بريطانيا كانت تحتل مصر ولم تنقطع زيارة المصريين لها ولا البعثات إليها. الأمر نفسه بالنسبة لفرنسا وما كانت تحتله من العالم العربي. وأنا طبعا لا أدعو لزيارة إسرائيل بناء على ذلك. فقط أدعو هذه النقابات أن تفتح حوارا موضوعيا حول التطبيع.
هل الفلسطينيون جزء منه؟ وإذا لم يكونوا كذلك وهم ليسوا كذلك، فكيف تكون اللقاءات معهم؟ الفلسطينيون في الضفة وغزة في عزلة عن إخوانهم العرب، وفي الضفة أكثر من غزة، ورغم ذلك صارت كلمة تطبيع سيفا مسلطا على رقاب العباد رغم أنها تحدث في السر والعلن للبعض ولا يتحدث أحد، ورغم أن زيارة الضفة ليست تطبيعا بأي حال من الأحوال لأنها ليست تبادلا مع إسرائيل، ففلسطين معترف بها في الأمم المتحدة. إن اتحاد الصحفيين العرب سيعقد اجتماعه المقبل في الضفة الغربية وليت اتحاد الكتاب العرب يفعل ذلك أيضا حتى تنتهي هذه القصة التي صارت باردة.