رئيس التحرير
عصام كامل

«عفوا.. مصر مغلقة لحين إشعار آخر».. القطارات بلا حياة.. «محطات المترو» تتحول لمدن أشباح.. مظاهرات «الجامعات» تهدد بتعليق الدراسة.. الميادين العامة محاصرة بالمدرعات.. الحد

مظاهرات انصار المعزول
مظاهرات انصار المعزول - صورة ارشيفية

«مات نظامان في 3 أعوام وبقت ثقافتيهما واحدة».. فمصر المنفتحة على أبنائها وضيوفها حولت الكتل الخرسانية والأبواب الحديدية والمظاهرات والاشتباكات شوارعها ومؤسساتها وجامعاتها ووسائل مواصلاتها، إلى مواقع مغلقة خوفًا من كل ما هو مجهول.


ولأول مرة منذ إنشائه يتم إغلاق محطات المترو خشية أعمال العنف الناتجة عن التظاهرات مثل محطتي «السادات والجيزة»، وهو مشهد مماثل شهدته بعض الهيئات الحكومية والميادين العامة كـ«التحرير ورابعة العدوية والنهضة والجيزة»، في بعض الأوقات، وما بين الحين والآخر تطل برأسها أزمة المرور التي تخنق الشوارع وتغلقها للساعات فتحولت مصر بفعل هذا الأزمات إلى «دولة مغلقة لحين إشعار آخر».

في الوقت نفسه، طالب الدكتور حسين عويضة رئيس نادي هيئة التدريس بجامعة الأزهر، بإغلاق المدينة الجامعية التابعة لجامعة الأزهر لحين عودة الاستقرار، لأن طلاب جماعة الإخوان بالجامعة لا يطيعون سوى أوامر قيادتهم التي سيطرت على عقولهم سيطرة تامة ويقومون بأعمال تخريب وعنف داخل الجامعة.

ففي 14 أغسطس الماضي، تم وضع قطارات السكك الحديدية «رهن الإقامة الجبرية»، تزامنًا مع فض اعتصام جماعة الإخوان المحظورة بميداني رابعة العدوية والنهضة يوم «14 أغسطس»، فتوجهت قطارات السكك الحديدية بأوامر سياسية إلى ورش الصيانة في فترة هي الأطول من نوعها، وخسرت خلالها هيئة السكك الحديدية ما يتجاوز النصف مليار جنيه، كما لحقت الأضرار بما يقرب من 200 ألف مسافر يستقلون القطارات يوميا، وما بين خسارة الوقت والأموال واستغلال سائقي الميكروباصات الموقف برفع تسعيرة الأجرة يعيش المواطن في «وجع قلب».

محتطا مترو «السادات والجيزة»، يسيطر عليهما سكون شديد وكأنهما مدينتان صغيرتان للأشباح، ويمتد الحصار الأمني وأحيانا الغلق التام لمحطات أخرى مع محاولات الإخوان للزحف إلى المحطات أو الميادين القريبة منها.

الأزمة الحقيقية تكمن في أن محطة مثل «السادات» لم يعتد المواطن على صمتها، وتحديدًا أن أصوات الباعة والهتافات المطالبة بالتغيير على مدى عامين توقفت فجأة وجدران المحطة التي تسجل سقوط أنظمة واعتلاء أخرى، وصوت «سارينة» القطار التي تدوي وأعداد لا حصر لها من البشر بطول الرصيف، فوق الأرض ثورة وتحتها ثوار، كل هذا توقف فجأة وكسى الظلام المكان، أيضًا كانت تغلق محطتا الشهداء بـ«رمسيس» والجيزة ما بين الحين والآخر، عقب تصاعد حدة المظاهرات.

ومع كل إعلان عن تظاهرات سواء مؤيدة لعودة المعزول أو داعمة لخارطة الطريق، كانت تغلق الشوارع والميادين العامة، فما بين الاعتصام برابعة والنهضة ومقر الحرس الجمهوري ورمسيس والاتحادية، بالإضافة إلى شارع قصر العيني وسيمون بوليفار ومحمود محمود، تعاني مصر من شلل مروري يؤدي إلى اختناقها يوما بعد الآخر.

لم يتوقف الإغلاق عند الشوارع والميادين فقط، بل امتد في فترة ما إلى حديقتي الحيوان والأورمان بعدما كانت الحديقتان متنفسا للمصريين في الأعياد وأغلقتا فجأة في وجه الزوار لحين إشعار آخر، فما بين احتلال الإخوان لهما خلال الاعتصام وتأمينها بزجاجات المولوتوف والرصاص الطائش، يبقى التساؤل: «متى تعود مصر التي نعرفها؟».
الجريدة الرسمية