رئيس التحرير
عصام كامل

نكتة استشهاد مرسى!


بينما لا يكف محمد مرسي عن الصياح في وجه حراسه أنه الرئيس الشرعي وأنه سوف يسترد منصبه الذي عزل منه وسوف يعود إلى القصر الرئاسي لعقابهم وآخرين على ما فعلوه معه، فإن ابنه فاجأنا بعد أن زار والده بعد أن أكد صموده استعداد مرسي للاستشهاد من أجل عودة الشرعية! وهكذا اختلف الرجل وابنه.. الرجل متمسك بالحكم إلى آخر مدي ويهدد كل من حوله بأنه سوف يسترده وعندما يعود إليه سوف ينتقم منهم ومن الجميع، وهذا كلام رجل متمسك بالحياة إلى أبعد مدى ولا يفكر في الموت..



أما الابن فهو يحدثنا عن استعداد والده للموت في سبيل شرعيته وحكمه.. وهذا الخلاف العائلي جدا بين الرجل وابنه ليس هو المشكلة في الأمر، إنما المشكلة تتمثل في كيف سوف يستشهد محمد مرسي وهو داخل السجن؟.. فنحن نعرف أن الاستشهاد يحدث عادة خلال خوض قتال أو مواجهة مسلحة مع عدو.. وحتي إذا لم نأخذ بهذا التعريف للاستشهاد فإن الجماعات الإرهابية دأبت على اعتبار العمليات الانتحارية المفخخة نوعا من الاستشهاد.. ومرسي وهو سجين لا يخوض قتالا أو مواجهة مسلحة مع أحد، كما أنه لظروف وجوده في داخل السجن لا يمكن أن يقوم بعملية انتحارية بتلغيم جسده وتفجيره.

نعم في مقدور مرسي الانتحار وهو في السجن إذا تحايل على حراسه واستخدم رباط حذائه في شنق نفسه أو نجح أحد من زواره في تهريب شفرة حلاقة لقطع أوردة يده.. ولكن هذا الانتحار سوف يصعب على ابن الرئيس السابق وصفه بأنه استشهاد، وإن كان يمكن الادعاء بأنه قتل وليس استشهادا، فإن أجهزة الأمن من المؤكد أنها «ستمنعه»؟؟؟..

إذن حديث ابن مرسي عن استعداد والده وهو فى السجن للاستشهاد هو بمثابة نكتة سخيفة لا تختلف عن النكات السخيفة الأخري التي أطلقها الإخوان وما زالوا يطلقونها حتي الآن ابتداءً من نكتة صلاة مرسي بالرسول عليه الصلاة والسلام، وحتي نكتة اختطاف مرسي رغم أنه كان يتمتع بسجن خمس نجوم بعد أن قرر النائب العام حبسه احتياطيا على ذمة القضية التي يحاكم فيها الآن.

ولأن الإخوان لا يفكرون فيما تقوله الجماعة لهم ويصدقون كل كلامها فهذا معناه أن نكتة استشهاد مرسي هدفها رفع الروح المعنوية لأعضاء الجماعة الذين أضناهم الانتظار موعدا بعد آخر ضرب لهم لعودته إلى الحكم، فلم يعد وبدلا من عودته إلى قصره الرئاسي عاد إلى السجن الذي كان فيه قبل أن يهرب منه بمساعدة حماس مع جماعته بعد اقتحامه مع سجون أخرى وأقسام شرطة عديدة في إطار خطة إخوانية كانت معدة سلفا.. قادة الجماعة يدركون أن الروح المعنوية لأعضائها صارت في الحضيض الآن وأن اليأس انتاب عددا منهم وأن آخرين أصبحوا مستعدين للاستسلام والتسليم بالأمر الواقع المتمثل في ضياع الحكم من الإخوان ولفترة طويلة قادمة.

ولذلك هم يحاولون بكل السبل انتشال هؤلاء الأعضاء من اليأس حتي يستمرون يعربدون ويمارسون البلطجة والعنف في الشوارع والميادين مثلما يفعلون الآن، ويبدو أن تأكيدات مرسي بعودته للحكم لم تعد تجدي بل باتت تثير السخرية منه حتي من بين حلفاء جماعته، ولذلك تفتق ذهن ابن مرسي عن حكاية استعداد والده للاستشهاد! ويبدو أن ابن مرسي لم يسمع ما يردده المصريون دائما أن العقل زينة، أو لعله لا يصدق ما يقولونه بعد أن ثاروا ضد والده وعزلوه بعد أسوأ كابوس عاشته البلاد تحت حكمه هو وإخوانه! 

الجريدة الرسمية