رئيس التحرير
عصام كامل

مادة المحاكمات العسكرية والرقص على جثة الوطن!


- سألنى صديقى اللدود..هل توافق على مادة فى الدستور تقر المحاكمات العسكرية للمدنيين؟ 



- قلت: تحاكمهم على إيه؟

- قال: ليس مهما على إيه.. المهم إنها هتحاكم المدنيين وخلاص. 


- قلت: لا.. ليس الأمر كذلك .. لابد أن نعرف عن ماذا سيحاكمون وإلا أصبح الأمر مجرد حالة نفسية!

قال: لا.. ليست حالة نفسية يا سيدي.. وإنما مسألة مبدأ!

قلت: وإيه المبدأ؟ 

قال: ألا يحاكم المدنيون أمام المحاكم العسكرية. 

قلت: فى أى تهمة؟

قال: يووووه.. ده أنت هتهزر بقى.

قلت: لا والله.. أنت اللى بتهزر.. وتتكلم وتقول كلاما غير مكتمل.. وتردد كلاما تحفظه ولا تفهمه مثلك مثل الإخوان تماما.. ولا تغضب لذلك.. فأنت ترفض محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية تماما.. مهما حدث.. ومهما فعلوا.. ومهما كانت التهمة.. وأنا أرفض محاكمتهم أيضا.. إنما فيما يخص سلوكهم كمواطنين مدنيين.. إن تظاهروا.. أو احتجوا.. أو اعتصموا.. أو أضربوا عن الطعام.. أو حتى انضموا لتنظيمات سرية.. أو حتى انضموا لتنظيمات عسكرية! إيه رأيك بقي؟ حتى لو انضموا لتنظيم عسكرى مسلح.. فى أكتر من كده ياعم؟

قال: أومال أنت مختلف معايا فى إيه؟

قلت: أنت مختلف مع الوطن.. مش معايا أنا.. أنت تهتف هتافا تغير زمنه وتغير مكانه.. وما قلته لك هو ما سيضمنه الدستور الجديد - إن تم واكتمل - وهنا ممكن أسألك سؤالا؟

قال: ممكن طبعا.. قووول. 

قلت: هل الجيش مهدد؟

قال: لا.. هذه أكاذيب وأوهام ولا أؤمن أصلا بنظرية المؤامرة!

قلت: ماشي.. هل تؤمن أن مصر على عداء بدول جوار لن ينتهى الصراع معهم فى الوقت القريب؟

قال: نعم.. لو تقصد إسرائيل.

قلت: لو أن بطارية صواريخ مصرية موضوعة فى مكان سري.. وعليك أن تعلم أن مصر محصنة بالكثير منها.. وحدث أن اعتدى عليها بعض الناس.. ولم تعرف وسائل الإعلام فى الساعات الأولى بما جري.. هل تحب أن يناقش هذا الأمر الخطير علنا وأمام محاكم عادية وتحضر وسائل الإعلام الجلسات؟

-قال: سيكون الأمر صعبا.. لكن.. وإيه اللى هيودى ناس تتظاهر عند وحدة عسكرية سرية؟ 


قلت: بلاش.. ضابط فى مهمة خاصة.. مجموعة حربية فى مهمة سرية.. وتم الاعتداء عليهم ولا نعرف إن كان مدبرا أم لا.. هل تحب أن يستكمل التحقيق مدنيا وأنت تعلم أن ارتباط الإرهابيين بالخارج قوى ووثيق؟

- قال: لا.. ولكن هذا مثال نادر.. قد لا يحدث إلا نادرا.


قلت: ماشي.. ضابط يا سيدى فى التحرير.. وتم الاعتداء عليه وهو فوق دبابته وأثناء حراسته.. وإن ذهبوا للتحقيق قد يستلزم الأمر أن يلجأ محامو المواطن المدنى إلى طلب اسم نوع الدبابة أو المطالبة بمعاينتها أو مقارنتها بغيرها فى وحداتها أو أى طلبات أخرى يجيدها المحامون قد تؤدى إلى الاطلاع على أسرار عسكرية أو الحصول عليها أو زيارة مواقع حربية.. أو يتصاعد الأمر ويتطلب البعض زيارة جمعيات حقوق الإنسان للوحدات.. هل توافق على ذلك؟ 

قال: ( وبعد تفكير ) والله عندك حق.. هيكون الأمر صعبا.. لكن أيضا هذا مثال نادر.. وهنا لماذا لا نشكل محاكم خاصة.. نصفها مدنى ونصفها عسكري؟

قلت: وماذا سيفيد ذلك؟ أنت عندك حساسية نفسية وخلاص؟ ما هى هي.. والأسرار ستتسرب وسنكون لم نفعل شيئا؟

قال: طب لماذا لا نشكل محاكم مدنية سرية ..لا يحضرها أحد؟

قلت: وهل ستقبل فى طريق العدل أن تكون المحاكمات سرية؟ وإن قبلت أنت..هل سيقبل الحقوقيون؟ سيقلبون الدنيا أيضا على ما ستطلقون عليه المحاكمات السرية!
وإذا سألتك عن قضايا مثل سرقة أسلحة من وحدات عسكرية من متسللين من خارج المعسكرات.. أو تعمد - أكرر لك تعمد - الاتجار فى طعام فاسد لمعسكرات الجيش.. أو العدوان على معسكرات للجيش من أجل تهريب سلاح أو مخدرات.. هل تقبل أن تناقش أسرارها وتفاصيلها وما بها من خطورة أو ما قد يحدث ضدها عمدا من أجل الحصول على معلومات.. أمام محاكم تتابعها الدنيا كلها وأنت تعلم أن للعدو رجالا وآذانا وعيونا؟

- قال: لا.. فى الحقيقة لا.. مصلحة البلد أهم.. لكن كل هذه أمثلة نادرة الحدوث.. واردة بنسبة ضعيفة!
قلت: أهو إيه رأيك بقي.. إن هذه النسبة الضعيفة.. اللى كل شوية تقولى نادر تحدث.. نادر تحدث.. هى هذه الحالات التى تنص المادة الدستورية على إحالة المدنيين فيها إلى المحاكم العسكرية؟! قرفتنى فى عيشتى وكل شوية تقولى نادر نادر.. ولما هو نادر.. خايف ليه بقي؟ زعلان ليه بقي؟ قاعد تهتف ليه وخلاص؟ عرفت إن الحالة نفسية ليس أكثر.. يا عم أنتو عندكو فلتان حنجوري.. تلاقيك مقتنع لكن خايف تتكلم.. خايف ومرعوب من هجوم الحمقي.. والهستيريين..والهمباكيين.. ومثيري الغبار.. والطيبين لكنهم حسنو النية إلى حد أذى بلادهم.

قال: توقف وكفى إهانات. 

قلت: مستعد أتوقف.. كن شجاعا أولا.. واجه ولا تقل إلا الحق وما فيه مصلحة بلادك ولا تخش لوم اللائمين..لا تخش إلا ربك وفتش عن من يقف وراء هذه الحملة ويصدر لها الأبرياء مثلك.. وتهاجمونها بحسن نية.. وإياك وقبل أن أتركك أن تنسي.. إياك أن تنسي.. أننى ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين فى كل شيء حتى وكما قلت لك لو أسسوا وشكلوا تنظيمات عسكرية.. لأنه ورغم خطورة ذلك لكنه لن يفشى أسرارا عسكرية ولن يعرض أمن الوحدات والجيش المصرى للخطر عند المحاكمة.. وفى قانون العقوبات ما يكفي.. أما كل ما تناقشنا فيه وقلناه.. وبسببه.. يجب أن نوافق وفورا على هذه المادة.. مصر يا صديقى أهم من أى همبكة.. أو طيبة ليست فى محلها أو رومانسية سياسية قاتلة أو مرضى بالتفكير الهستيرى أو هواة البحث عن تصفيق زائف حتى لو كان على جثة الوطن !!

الجريدة الرسمية