رئيس التحرير
عصام كامل

الجماعة تستحم بدماء البشر


خرج علينا ما يسمى تحالف دعم الشرعية على لسان الدكتور بشر القيادى الإخوانى ورحب بالتصالح مع المؤسسة العسكرية والقوى المتحالفة بعد ثورة 30 يونيو ولأول مره تم الاستغناء عن المطلب الوهمى وهو عودة المعزول فى إشارة واضحة من الجماعة بتخليها عن المعزول مقابل الحفاظ على التنظيم.



ولكن الغريب أن الدكتور بشر أعطى مهلة تقدر بأسبوعين للموافقة على هذه المبادرة بانقضائها يصبح كأن شيئا لم يكن .

فمن علم التفاوض والمساومات تعلمنا أن الطرف الأقوى غالبا هو صاحب الشروط والطرف الأقل هو من يحاول أن يتكيف ويقبل هذه الاستحقاقات إن أراد الوصول إلى النتائج المرضية بحسب حالته.

فالدولة هى الأقوى تمتلك الآن شرعية ثورية أعطتها حق إدارة الدولة ورسم طريق المستقبل وفرضت عليها استحقاقات.. أولها تعديل الدستور ثم الاستفتاء عليه ثم إجراء انتخابات برلمانية ثم إجراء انتخابات رئاسية والدولة تسير على هذا الخط الثورى ولا ولن تحيد عنه أبدا .

أما الطرف الأقل وهو الجماعة الذى أكاد أن أجزم أنها مصابة بمرض (الشيزوفرينيا) هذا المرض هو مرض دماغى يصيب عددا من وظائف العقل منها أن العقل يميل إلى البعد عن الواقع وعدم التناغم الانفعالى والاضطرابات فى مجرى التفكير والسلوك الارتدادى، وأظن أن هذا المرض المتحكم بعقولهم جعلهم يحددون زمنا معينا للاستجابة لمبادرتهم فى إشارة ضمنية إلى أنه إن لم تتم الاستجابة لهذه المبادرة (فعلى وعلى أعدائى) فيا شعب لا تلوموا إلا أنفسكم سنقوم بالكشف عن ما لا تعلمونه فنحن نمتلك أساطيل من الدبابات والمدرعات والمجنزرات والآليات العسكرية التى ستستخدمها ميليشياتنا لكى تعيد الوضع كما كان عليه قبل 30 يونيو إذا مرت هذه المدة ولم تستجيبوا.

للأسف الشديد كم تحسرت على الدولة المصرية أن مر بها عقليات تحكمها مثل هذه العقليات.. عقليات متأخرة جامدة مريضة لا تتعلم من أخطائها ولا تتعلم من الزمن بالرغم من عمرها الكبير.. عقليات تفتقد للحس السياسى ولأهمية وخطورة عامل الزمن فى الممارسة السياسية وتفتقد القدرة على الإبداع أو الابتكار والتخطيط الجيد.. تتميز بالكذب والمراوغة والقدرة غير الآدمية على الاستحمام بدماء البشر دون أدنى ضمير مقابل عودتهم للحكم.

والأمر المقيت والمخزى تدثرهم بالدين.. وممارساتهم تدل على أنهم أبعد الناس عنه .. لو كانت قبلتهم الشريعة لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.. دماء تسيل.. أرواح تزهق مقابل عودة كرسى الاتحادية.. تاريخنا الإسلامى حافل بالمواقف التى تدل على أن حرمة وعصمة الدماء (ديننا).

ففى فترة ولاية الفاروق عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) كان سيدنا سعد بن أبى وقاص واليا على الكوفة فأرسل أمير المؤمنين رسولا ليستقصى أحوال الكوفة ويسأل عن حاكمها، فأشادوا جميعا بحكم سعد بن أبى وقاص الصحابى الجليل، فهو من العشرة المبشرين بالجنة وخال النبى (صلى الله عليه وسلم) إلا واحدا فقط كان يدعى (أبو قتادة) فقال متجنيا على سيدنا سعد "إنه لا يحسن أن يصلى ولا يقسم بالسوية ولا يسير بالسرية ولا يعدل فى القضية" فنقل هذه الرسالة رسول عمر إلى عمر مع أن العقل والمنطق يأبى أن يصدق مثل هذه الاتهامات على الصحابى الجليل، ولكن ما كان من عمر إلا أن عزل (سيدنا سعد) عن حكم الكوفة وقام وخطب فى الناس وقال "والله ما عزلت سعدا من أجل عجز أو خيانة ولكن حقنا لدماء المسلمين".. على أى شريعة أو شرعية يستندون؟؟ هذه هى الشريعة أما الشرعية فتعنى الكثير شرعية الإنجاز.. شرعية الرضا الشعبى.. شرعية دستورية وقانونية تسقط بمخالفة الدستور والقانون وهذا ما حدث.

أقول (لبشر) وللإخوان ولروافدهم "من يريد أن يلحق بقطار الدولة فليتقدم دون أى شروط أو أى مبادرات وستمضى الدولة لمحاسبة من أجرم وأخطأ فى حق الشعب لا تأبه بأى تهديد أو وعيد" .

الجريدة الرسمية