"طوغان" لـ "فيتـو": قضيت 70% من عمري مع محمود السعدني
فتح لنا شيخ رسامي الكاريكاتير الفنان الكبير أحمد طوغان، صديق الساخر الكبير محمود السعدني، في ذكرى ميلاده الـ 85 التي تحل علينا اليوم "الأربعاء"، خزائن ذكرياته مع العم "السعدنى"، وسط نسيان مؤسسات الدولة بذكرى الميلاد والرحيل.. صمت "طوغان" لدقائق وبدأ في التحدث عنه فقال:
محمود السعدنى، أعتبره ابنى، منذ أيام الطفولة عندما التقيته، ولعبنا كرة القدم، وبدأنا التدخين أيضا مع بعضنا البعض، قضيت تقريبا 70% من عمرى مع محمود السعدنى، وعملنا سويًا في معظم الصحف المصرية مثل الجمهور المصرى والجمهورية، وجمعتنى به العديد من المواقف التي فرحنا فيها وحزنا وعملنا واقترضنا، وخسرنا ونجحنا فيها.
أصدرنا مجلتين ساخرتين مع بعضنا البعض، الأولى هي "السحاب"، والثانية "الأسبوع"، أصدرنا منها 9 أعداد فقط ولم نستطع أن نصدرها بعد ذلك بسبب نفاد الأموال معنا، أصدرتها أنا وصديق لى واقترضت في البداية 150 جنيهًا لإصدارها، ونفدت الأموال بعد العدد الخامس، واقترضت مرة أخرى ونفدت أيضًا الأموال فلم أستطع أن أكمل إصدارها.
ويتابع: سافرت قبل اندلاع ثورة 23 يوليو عام 1952 إلى الجزائر، والتقيت الثوار هناك، وبعد قيام الثورة عودت إلى مصر، ونظم جمال عبد الناصر حفلة كبيرة للثوار في فندق فخم ودعانى، فاصطحبت معى "السعدنى"، ولكنه فجأة وبعد قضاء نصف الوقت في الحفلة قالى لى: "أنا حاسس إنى هموت ولازم أمشى دلوقت علشان أموت وسط أولادى، فقلت له طيب متموت هنا على الأقل هتموت وسط عبد الناصر ورجال الدولة ".. وكان السعدنى يسيطر عليه "وسواس الموت" واستمريت أعالجه منه لمدة عامين، وطوال تلك الفترة قالى لى هموت أكثر من خمسين مرة وفى مواقف مختلفة.
وأضاف: في أحد المواقف أيضًا، بعثه الجرنال إلى سوريا لتغطية العدوان الثلاثى هناك، وانقطع الاتصال به، وفى ذلك الوقت تعرف "السعدنى" على "خالد بقداش"، زعيم الشيوعيين في سوريا، وعندما عاد إلى مصر بعد فك الحصار، جاء لى وقال: "أنا معايا جواب لعبد الناصر من "البقداشى"، وكان في تلك الفترة توترت العلاقات بين عبد الناصر وبين "البقداشى" والشيوعيين، فقلت له لو ذهبت بالجواب لعبد الناصر سيعتقلون في أول حملة قادمة، لا تذهب.
وبعد فترة قصيرة، سادت حملة اعتقالات وكان "السعدنى" واحدًا ممن تم اعتقاله لمدة عام ونصف العام، وعندما وقف أمام المحققين وسأله الضباط أي تنظيم تتبع؟ فقال لهم: أتبع "زمشى"، وبدأ المحققون البحث عن تنظيم "زمشى" ولم يجدوا تنظيمًا في تلك الفترة بذلك الاسم، وعندما استعادوه مرة ثانية وقالوا له لم نجد أثرًا لهذا التنظيم، فقال لهم أي تنظيم، قالوا له "زمشى" فضحك وقال: "أنا كنت بقولكم زى مانت شايف بس كنت بختصرها من التعب، وأنا لا شيوعى ولا حاجة".
أيضا يستحضرنى الآن موقفان معه، الأول ذهبت لأقترض 100 جنيه من أحد الأصحاب له وكان معى، أالرجل المال وجهز لنا العشاء، ونزلنا من بيته، فسألت السعدنى هل معك أموال لركوب "التروماى"؟ قال لى لا، وأنا لم يكن معى أيضا، فقال لى اذهب للرجل مرة أخرى ليعطيك أموالًا للمواصلات، فرفضت، فتمشينا من مصر الجديدة للجيزة، وكان في ذلك الوقت حظر تجوال، فأوقفنا شاويش وقال أين أنتم تذهبون في الحظر، فقال له السعدنى إلى المنزل، فقال وهل تحملان تصريحًا بالتجول، فسكت، فرد السعدنى نعم، وأخرج إحدى أوراق اليانصيب وكان عليها ختم النسر وأعطاها للشاويش، وسمح لنا بالذهاب عندما نظر إلى ختم النسر، وسألته ما الذي أخرجته للشاويش فقال لى: "ورقة يناصيب اشتركت فيها اسمها "الدبة".
تنهد شيخ رسامى الكاريكاتير في النهاية وقال تعلم، لم أتخيل الحياة دون "السعدنى"، ووصل الأمر بى إلى أننى استمريت أتصل على رقم منزله ليرد وأسمع صوته.