«الحرب المقدسة».. الجيش يواجه «دولة البغدادي» ورجال «الموصلي» بسيناء.. أكبر عملية عسكرية منذ حرب أكتوبر.. البحث عن رجال «أردوغان» و«الظواهري» بالجبال
«إنها معركة المصير».. بهذه العبارة بدأ مصدر سيادي حديثه لـ «فيتو»، تعليقًا عما يجري في سيناء في أعقاب استشهاد 10 مجندين على الأقل وإصابة 31 آخرين في انفجار سيارة مفخخة، استهدفت موكب حافلات عسكرية تقل جنودًا ينتمون لكتيبة مشاة بطريق «العريش- رفح» بشمال سيناء، كانوا في طريقهم لقضاء إجازة، في مشهد جديد من مشاهد الإرهاب الأسود.
المصدر قال إن «سيناء» باتت ساحة حرب مفتوحة لحين تطهيرها من الإرهابيين، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة أهل المنطقة من أبناء مصر الذين يرون أنه لا استقرار لمنطقتهم إلا باستئصال البؤر الإجرامية، وبدأوا في مساعدة قوات الجيش بكل ما يمتلكون من أدوات.
الرد على العملية القذرة التي ارتكبها عدد من عناصر «الإرهاب الأسود» جاء سريعا هذه المرة.. فسيناء يبدو أنها باتت شبه معزولة عن العالم - بعد قطع الاتصالات والإنترنت عنها- حتى لا يستطيع الإرهابيون التواصل والهرب ككل مرة، كما أن طائرات «الأباتشي» و«الهليكوبتر» تغطي سماء سيناء بحثًا عن القتلة.. وباختصار شديد - ووفقًا للمعلومات القليلة المتاحة - فإن ما يحدث في شبه جزيرة سيناء حاليا يعد أكبر عملية عسكرية تقوم بها القوات المسلحة منذ حرب أكتوبر المجيدة 1973.
فالعقيدة التي يؤمن بها أبناء القوات المسلحة الآن أن «الجيش» يخوض حاليا «حربًا مقدسة» هدفها الوحيد هو القضاء على التنظيمات الإرهابية التي زرعها الإخوان في مصر وتحديدًا سيناء.
ووفقا للمعلومات المتاحة أيضًا، فإن الجيش بدأ فعليا في مواجهة هذه التنظيمات على الأرض وهي التنظيمات التي تتواصل بشكل مباشر مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان قد أبلغ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان -الشهر الماضي- أنه سيتصرف في «المسألة المصرية» كما يحلو له، وهو ما حدث بالفعل. فالرجل بدأ في إجراء اتصالات موسعة مع عدد من قادة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن ليدعوهم لمساندته في «مصر» على أن يقوم «أردوغان» برد هذا الجميل على طريقته الخاصة.
«أردوغان» استعان لتنفيذ مخططه بعدد من قادة الإخوان في العالم أبرزهم «إبراهيم منير» وشخص آخر سورى الجنسية من عائلة «غالب همت» أحد أبرز قادة التنظيم الدولي، وشخص ثالث من التنظيم الإخوانى في العراق، إضافة إلى قيادى إخوانى يمنى وآخر سودانى الجنسية.
بدأ «أردوغان» خلال الشهر الماضى في التواصل مع «أبو بكر البغدادي» واسمه الحقيقى إبراهيم عواد إبراهيم السامرائى ويلقب بـ «أبو دعاء» وهو أحد أبرز قادة تنظيم «القاعدة» وزعيم ما يسمى بـ «دولة البغدادي» وتم التوافق بين الاثنين بعد تدخل قيادى في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين كنيته «أبو عبيدة».
خطة «أردوغان» مع «البغدادي» اعتمدت على قيام الأخير بتوسعة حدود دولته المزعومة لتضم إلى جانب العراق وبلاد الشام وشبه جزيرة سيناء. وأقنع «أردوغان» «البغدادي» بخطته وأخبره أنه لن يجد أدنى مقاومة في سيناء.
وفى ذات الوقت، تواصل «أردوغان» بواسطة «إبراهيم منير» مع بعض زعماء التنظيمات الإرهابية في «سيناء» ودعاهم لمبايعة «البغدادي» أميرًا لدولة الشام ومصر وأقنعهم أن هذا جزء أصيل في طريق إعادة الخلافة الإسلامية التي ستتزعمها مصر وتركيا في المستقبل.
وبالفعل بايع أمراء الإرهاب في سيناء «البغدادي» على السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر، وكان في مقدمتهم أمير جماعة أنصار بيت المقدس وهى الجماعة المسئولة عن معظم العمليات الإرهابية في سيناء وعن محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
الخطة «الأردوغانية» التي تم التنسيق فيها مع «البغدادي» اعتمدت على استخدام «كتيبة بغداد» التي يتزعمها شخص كنيته «أسد الموصلي» وهو عراقى الجنسية ويبلغ من العمر 43 عامًا وتم في هذه الخطة الاتفاق على تشكيل لواء عسكري من «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين» ويتم تسهيل دخول مرور أعضاء هذا اللواء إلى مصر سواء من أنفاق غزة أو من الحدود السودانية.
وتم الاتفاق أن يضطلع «لواء بغداد» بمهمة تفجير السيارات عن بعد والقيام بعمليات تفجير عن بعد باستخدام متفجرات وقنابل زمنية. «أردوغان» اتفق مع «البغدادي» على القيام بالعديد من العمليات التي تستهدف الجيش والشرطة وبعض المؤسسات الحيوية في القاهرة وبعض المحافظات.
وتم الاتفاق على أن يتم إدخال أسلحة ومعدات خاصة عبر طريقين الأول وهو عبر بعض الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، والثانى عن طريق الحدود المصرية السودانية.
الغريب في الأمر أن «البغدادي» أصدر أوامره -بعد عدة اتصالات بينه وبين أردوغان- لرجاله في جبهة النصرة بسوريا وهى خاصة بضرورة قيامهم بالاستعداد للجهاد في مصر. «البغدادي» طلب كذلك من «جبهة النصرة» أن تطلب من مقاتليها المصريين بترك سوريا والذهاب إلى مصر للانضمام لصفوف المجاهدين في سيناء للوقوف في وجه الجيش.
المعلومات التي حصلت عليها «فيتو» تشير إلى أن «أردوغان» وضع مع «البغدادي» خطة كاملة لنقل أكثر من 3 آلاف مقاتل من سوريا والعراق واليمن إلى مصر في غضون شهرين.
بالإضافة إلى رجال "البغدادي" الذين يواجههم الجيش حاليا .. فإن هناك عدة تنظيمات أخرى تعمل جنبا إلى جنب مع "البغدادي" ويتم التنسيق الكامل بينهم في العمليات الإرهابية التي ينفذونها.
وهناك تنظيم «التوحيد» - كانت «فيتو» قد انفردت في فبراير الماضى بنشر تفاصيل نشأته وتحركاته - ووفقا للمعلومات فإن الدكتور «محمود عزت» نائب المرشد العام لجماعة الإخوان استطاع عبر حركة «حماس» التنسيق مع بعض التنظيمات المسلحة الموجودة في سيناء لتنفيذ مخططاته، وعلى رأس من تواصل معهم «عزت» شخص فلسطينى كنيته «أبو النضال» وهو زعيم لتنظيم التوحيد، وبدأ تشكيله في سيناء أواخر عام 2011 واعتمدت على بعض الفلسطينيين والسوريين والمصريين والليبيين الهاربين من بلدانهم منذ سنوات ومعظمهم كان يعيش في جبال وكهوف أفغانستان منذ حقبة التسعينيات من القرن الماضي.
المثير في الأمر أن هذه الحركة تقع تحت قيادة موحدة للزعيم المجهول «أبو النضال» الذي يصر على أن تظل حقيقته مجهولة للجميع؛ فالرجل لا يقابل إلا 5 من قيادات الحركة الآخرين وهم ممثلون لخلايا عنقودية تم تشكيلها داخل جبل الحلال في سيناء أواخر عام 2011 في حين يكتفي بإصدار أوامره وتوجيهاته لبقية خلايا التنظيم المنتشرين في ربوع مصر عبر وسائل اتصال حديثة ومعقدة كبرنامج «سكايبي» للاتصالات والدردشة.
والقائد الأوحد لحركة «التوحيد» - وفقا للمعلومات - يصر على أن يناديه رجاله الخمسة المختلطون به بـ «أبو النضال» وهو في أواخر الأربعينيات من عمره وقضى أكثر من 15 عاما متنقلا في كهوف وجبال أفغانستان، ولازم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الراحل لمدة خمس سنوات كاملة، ويعد أحد منظري القاعدة المجهولين الذين كانوا يخططون للتنظيم وعملياته ويضفون عليها صفة الجهادية.
«أبو النضال» تسلل بعد ثورة يناير 2011 إلى جبال سيناء عبر الأنفاق قادما من غزة ومعه بعض المقربين منه ليبدأ في تشكيل حركة جديدة تسير على خطى تنظيم «الناجون من النار» الذي سقط في أواخر الثمانينيات، وكان يتخذ من عشوائيات منطقة الخصوص في حينه مكانا للتخفى وسقط قائده محمد كاظم في مواجهة مسلحة مع الشرطة في قرية سنتريس بالمنوفية.
حركة التوحيد كانت في بدايتها ملاذا للفارين من قطاع غزة من أتباع الفكر التكفيرى الذين طاردتهم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وأخرجتهم من قطاع غزة، إضافة إلى بعض التكفيريين الذين كانوا منتشرين في الصحراء الليبية وغيرهم من أصحاب الجنسيات الأخرى من أصحاب الفكر التكفيرى الذين فروا من بلادهم وكانت جبال سيناء هي ملاذهم.
بعدما تواصل «عزت» مع الفلسطينى المجهول استطاع أن يرسم خطة الانتقام من الجيش والمصريين على حد سواء .. وبدأ في تنفيذ خطة «الأرض المحروقة» التي وضعها الإخوان والتنظيم الدولى للجماعة في تركيا.
واتفق «عزت» مع «أبو النضال» على ضرورة تشكيل أكثر من 100 خلية عنقودية للحركة تكون مقسمة بين المدن والقرى المختلفة وفى بعض الجبال القريبة من المدن ذات الكثافة السكانية.
ويعتبر «جبل أسيوط الشرقي» أحد أهم الأماكن التي رشحها أبو النضال لتحتضن أكبر خلايا التنظيم الجديد وهى الخلية التي من المقرر أن تتخذ من الجبال الممتدة بين محافظتى أسيوط وسوهاج مركزا لها؛ لتبدأ في تجنيد أعضاء جدد في الحركة ممن يؤمنون بأفكار السلفية الجهادية لأنهم سيكونون الأسهل في عملية التجنيد.
وكذلك «جبل الحلال» يعد ضمن المناطق التي أصر «عزت» ورفاقه على جعلها نقطة انطلاق للمسلحين للقيام بعمليات انتقامية من الجيش المصرى في عمق سيناء تحديدا لتصل للعالم رسالة مفادها أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ستظل مهددة طالما ظل الإخوان بعيدا عن الحكم.
وهناك أيضًا تنظيم أنصار الشريعة والذي تقترب ايديولوجيته وخطابه وأهدافه من تنظيم القاعدة وهو التنظيم الذي تبنى المسئولية عن عدد من الهجمات ضد خطوط الغاز الممتدة من مصر إلى إسرائيل.
أما جماعة «أنصار الجهاد» فتتشابه مع الجبهة السلفية في شبه جزيرة سيناء وقد أعلن عن تأسيسه فى20 ديسمبر 2011 وقد بايع الشيخ الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة.
الأمر كذلك مع «جيش الإسلام» الذي أسسه الفلسطينى ممتاز دغمش سنة 2006 بعد انشقاقه عن لجان المقاومة الشعبية .. ويقوم جيش الإسلام بشن هجمات بالقذائف على إسرائيل بالإضافة إلى عملية اختطاف الجندى الإسرائيلى «جلعاد شاليط».
أما جماعة «التوحيد والجهاد» فهو تنظيم قديم في سيناء ويصف أيضا في إطار الرؤية العالمية للقاعدة .. وقد تم تأسيسه على يد طبيب أسنان بدوى من قبيلة السواركة عاش في منطقة العريش في شمال سيناء وتم قتله في عام 2006 في تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة بعد اتهام التنظيم بتورطه في هجمات إرهابية ضد سياح مابين عامى 2004- 2006.
وهناك كذلك مجلس شورى المجاهدين أو «أكناف بيت المقدس» وهو أحد التنظيمات الفلسطينية في غزة التي نشطت في سيناء مؤخرا .. ويعمل كمظلة لعدد من التنظيمات الفلسطينية السلفية وأبرزها التوحيد والجهاد.
الجيش بدأ فعليا في حصار هذه التنظيمات، ردًا لاعتباره وأخذًا بالثأر لجنوده الذين طالتهم أيدي هؤلاء «المرتزقة» الذين فتحت لهم جماعة الإخوان أبواب مصر ودعمتهم كثيرا حتى قوّت شوكتهم.