رئيس التحرير
عصام كامل

أخويا يونس يقطعك !


أداء حزب النور، وصل إلي مرحلة النضج رغم حداثة عهده بالسياسة، هكذا يؤكد بعض المحللين في معرض تقييمهم لمواقف الحزب السلفي خلال مرحلة ما بعد 30 يونيو، ولا أدري ما هو مفهوم النضج عند هؤلاء؟، اللهم إلا لو كانوا يقصدون بالنضج "الانتهازية السياسية" التي لم يتخل حزب النور عنها منذ اليوم الأغبر الذي ظهر فيه!


مسيرة الكذب والانتهازية بدأت منذ مولد هذا الحزب الذي حرم قياداته المظاهرات، ثم تحولت الثورة المحرمة إلي ثورة مباركة بعد أن نجحت في إسقاط مبارك ونظامه، وفتح الله علي مشايخ السلفية بحزب النور وبضعة أحزاب أخري منها حزب الراية لصاحبه المأسوف علي شبابه حازم صلاح أبوإسماعيل!

وفور تشكيل برلمان 2012، حول حزب النور نفسه إلي ظهير قوي لجماعة الإخوان المسلمين، يصالح من يصالحها، ويعادي من يعاديها حتي لو كانت مواقفها تتعارض مع مصلحة البلاد، أو تصف شباب الثورة (المباركة) بأنهم من البلطجية مدمني الترامادول، وبدأت معركة الدستور، وهنا انتقل حزب النور من خانة الانتهازية السياسية إلي ممارسة الخداع والتدليس علي الشعب المصري كله، فرأينا ياسر برهامي وهو يفخر بأنه نجح في وضع أكبر كم من القيود علي الحريات في الدستور، وأن المادة 219 من الدستور كانت من بنات أفكاره، بينما لا يدرك الليبراليون أهميتها لأنهم لم يفهموا معناها، واستمر حزب النور علي حاله حتي حدث الصدام بينه وبين الإخوان المسلمين عندما أقال مرسي مستشاره لشئون البيئة خالد علم الدين واتهمته مؤسسة الرئاسة باستغلال النفوذ، وهنا بدأ التراشق بين قيادات النور والإخوان والسبب فقط هو إقالة علم الدين، رغم أن البيئة لم تتأثر بغيابه كما أنها لم تتحسن بوجوده !

سؤال علي الهامش: هل هذا أداء ناضج أم أداء انتهازي ؟!
دعونا نتأمل مواقف الحزب السلفي في نهايات عهد مرسي وعقب سقوطه، كان الحزب بالطبع ضد أي دعاوي لإسقاط حكم الإخوان، بل إن خالد علم الدين نفسه وصف حركة تمرد بأنها مضيعة للوقت، ثم فوجئ حزب النور بطوفان البشر الذي يطالب بسقوط حكم الإخوان، ولأن موقف المؤسسة العسكرية كان منحازًا لإرادة الناس أدرك الحزب (الناضج) أن الكفة لا يمكن أن ترجح لصالح الإخوان، فقرر المشاركة في خارطة الطريق!

في المقابل كان نظام ما بعد 30 يونيو حريصا علي وجود حزب النور حتي تكتمل الصورة التي أراد أن يصدرها للعالم، ثورة شعبية وخارطة طريق نحو الديمقراطية مؤيدة ومباركة من الجميع ( أزهر وكنيسة وحزب نور )، وقد كان وخلال أسابيع سوف يصدر الدستور الجديد ليمنع تأسيس الأحزاب علي أساس ديني، وهنا سيكون علي الحزب الناضج أن يوفق أوضاعه قبل أن يتمكن محامي تخرج في كلية الحقوق عام 2012 من استصدار حكم قضائي بحله!

سؤال علي الهامش: هل يعتمد حزب النور علي قاعدة جماهيرية عريضة تجعله ينحني قليلا أمام رياح 30 يونيو وما بعدها انتظارًا لأول انتخابات يعرف أنه سيحصد فيها أغلبية المقاعد ؟

لو كان هذا هو المنطق الذي يحكم تفكير القيادات الناضجة لحزب النور فلابد أن مصيرهم سيكون هو نفس مصير "زوبة"، الفتاة الفقيرة التي حباها الله بجمال جلب لها الكثير من المضايقات، كانت زوبة تعمل في بلدنا بالصعيد وهي من قرية مجاورة، وحتي تحمي نفسها من طمع الطامعين أشاعت أن شقيقها يونس بلطجي، وكانت كلما اقترب منها أحدهم صاحت فيه بكل ثقة "أخويا يونس يقطعك"، ونجحت الحيلة حتي صادفت زوبة من شك في تهديداتها وراح يتحري عنها حتي عرف أن شقيقها يونس يعمل بائعا متجولاً لحلوي غزل البنات، وأن في قريتها بالفعل بلطجي شهير يدعي يونس لكنها لا تمت له بصلة، ولكم أن تتخيلوا ماذا فعل الطامعون بعد ذلك بالمسكينة زوبة، بل وماذا فعل البلطجي يونس مع من تستغل اسمه وشهرته دون وجه حق، وماذا كان موقف الأخ الحقيقي من أخته بعد أن تبرأت منه وفضلت أن تتمسح في البلطجي وتنكر أخاها الشقيق!

هكذا سيكون مصير حزب النور، سوف يكتشف الناس مع أول استحقاق انتخابي هشاشة قاعدته، فهو يفخر بأن قواعده تحصي بالملايين (من 3 الي 5 ملايين) ، دون أن يدرك أنه حتي لو كانت تلك الأرقام حقيقية فهي لا تمثل سوي 5% من المصريين ونحو 10% ممن لهم حق التصويت في الانتخابات، وبالتالي سوف نري لحزب النور صاحب الجماهيرية الكاسحة ما لا يزيد على 20 نائبًا في البرلمان القادم، وهو عدد قابل للانخفاض فيما بعد حيث سيتحول نواب النور إلي أضحوكة ومادة يومية لرسامي الكاريكاتير، مثلما حدث من قبل مع النائبين أنور البلكيمي (صاحب عملية تجميل الأنف ) وعلي ونيس (صاحب قضية الفعل الفاضح)!
وتعلموا يا أهل السياسية من (نضج) حزب النور !
الجريدة الرسمية