رئيس التحرير
عصام كامل

مصر فى مسرح الأحزان


نكذب وليس الحق فينا أن قلنا إننا مع الذكرى الثانية لثورة يناير لم نكن نتوقع ما يحدث حتى وإن جاء على ذلك النحو من الضراوة .. ولم نكن نرى أنه يمكن أن تمر هذه الذكرى كما مرت التى قبلها لأن الظروف والملابسات قد تغيرت وأن تطور الأوضاع والأحداث كان ينبأ بذلك .. لقد كانت العلاقة ما بين الرئاسة والحكومة من جهة ومختلف مؤسسات الدولة والقوى السياسية فى حالة انحدار مستمر وخلاف وعدم توافق وكانت جسور الثقة والمصداقية قد قطعت كما أن حالة من الترهل الملحوظ والمؤسف قد سادت على مؤسسات الدولة ولاسيما المؤسسة الأمنية ..

وقد رأينا ذلك الخلاف وقطع كل الأوصال مع المؤسسة العريقة المؤسسة القضائية وكيف خرج القضاة يرفضون إعلان دستورى جاء ليهمشها وينال منها حتى وإن ادعى من قاموا بصياغته بأنه لمرحلة مؤقتة تهدف إلى جمع السلطات فى يد الرئيس حتى يمكن له أن يعبر بالبلد من عنق الزجاجة وهو ما لم يتقبله قضاة مصر والعديد من القوى والتيارات السياسية ورأوا أنه خطر داهم يهدد مصر، وبقاءها، كدولة وكيان وذلك بالتعدى على مؤسسة القضاة التى تعد رمانة الميزان وحجر الزاوية فى احترام هيبة الدولة وكذلك حماية المواطن والحفاظ على حقوقه فى مواجهة السلطة وتجاوزها ..

ومن ثم فقد كان ذلك كله الذى يؤكد على أن حالة الاحتقان التى بدأت بتظاهرات واعتصامات ومقاطعة للعمل بالمحاكم والنيابات وذلك لكى ما يتم العدول عن ذلك الإعلان الدستورى وكذلك الاستفتاء الدستورى والدستور جاء الإعلان ليمرر الاستفتاء عليه وقد حدث الانقسام فى هذه المؤسسة العريقة وجاءت إقالة النائب العام على نحو صادم لقضاة مصر كأحد العوامل التى أدت إلى تعميق الخلاف وزيادة المخاوف .

وقد عقد الكثيرون المقارنة ما بين ممارسات النظام السابق والنظام الحالى وقد رأوا أنها لصالح النظام السابق الذى فعل ما فعله على حد قولهم على مدار ثلاثين عاما وهو ما فعلته الحكومة وما هو أزيد خلال سبع شهور .. .. وعلينا أن نفرق هنا ما بين الأسباب الأصيلة وتلك المحركة أو المحفزة أو ما يطلق عليها فى علم السياسة Triggers ونقصد بها هنا الحكم فى قضية أحداث بورسعيد والتى كانت أيضا أحد مصادر الانقسام الواضحة بل والغائرة فى عمقها والتى جعلت هناك نوع آخر، من الانقسام ما بين محافظتين فى بلد واحد متحابتين كل منهما قد ألمهما كثيرا ما حدث من فقدان 74 شهيدًا فى مباراة كرة قدم ذلك هوالظاهر مع قناعة الطرف أو المحافظة الثانية ( بورسعيد ) بالظلم والإحجاف الذى وصل إلى حد الاضطهاد وأيا كان الأمر فقد كان ذلك أحد المحركات لاندلاع العنف على ذلك النحو المؤسف الذى يهدد بالدخول فى دائرة الفوضى العارمة التى تأتى على الأخضر واليابس والدخول فى حرب أهلية .
gamil g,org @ gmil.com



















الجريدة الرسمية