"خمسة صاغ" تحرم "السعدني" من الانضمام لـ"الإخوان"
بمجرد أن أعلن مجلس الأمن تقسيم فلسطين عام 1948، ارتفعت الأصوات تنادى بالجهاد وإنقاذ فلسطين والمسجد الأقصى ودعت جماعة الإخوان المسلمين عن طريق الصاغ محمود لبيب الذي كان يدير مكتب الإخوان بالحلمية، وذهب طوغان ومحمود السعدنى لتقديم نفسيهما كمتطوعين ولكن رفض طلب السعدنى لاتهامه بميول يسارية.
ويحكى محمود السعدنى عن علاقته فيما بعد بجماعة الإخوان المسلمين في مقال له بمجلة روز اليوسف فيقول:
"كنا نسمع عن الشيخ حسن البنا ولا نراه، أما هيكل باشا والنقراشى باشا وحافظ رمضان فقد كانوا بالنسبة لنا أشبه بخفرع وخوفو ومنقرع، لكن ما شجعنا على الذهاب إلى شعبة الإخوان المسلمين بالجيزة شيء آخر غير حسن البنا ومكتب الإرشاد، كان الإخوان المسلمين قد نجحوا في تربية مجموعة من الشباب أغلبهم من طلبة الجامعات، وانطلق هؤلاء يخطبون في المناسبات وفى الاحتفالات ونجحوا في لفت أنظار الشباب، فقد كان أسلوبهم في الخطابة حماسيا ويتناولون موضوعات تثير خيال الشباب وتلهب حماسهم، كانوا يتحدثون مثلا عن استعادة لواء الإسكندرية السليب، والحق أن كلمة السليب أعجبتنى بالرغم من أننى لم أفهم معناها عند سماعى لها منهم أول مرة، ولم أكن أعرف على وجه التحديد أين تقع الإسكندرية؟ وما هي مشكلة لوائها، لكنى صفقت بشدة عندما استمعت إلى الخطيب الشاب وهو يدعونا إلى الزحف المقدس لاسترداد لواء الإسكندرية السليب، ليس هذا فقط ولكنى استمعت إلى خطيب آخر انفعل بشدة وهو يدعونا إلى تحرير إشبيلية وطليطلة والأندلس، وأعجبتنى الفكرة وتمنيت أن أكون جنديا في فيالق التحرير.
المهم أن العبد لله بعد خطبتين خطفت رجلى ومعى الصديق طوغان إلى مكتب الإخوان بالجيزة ودخلنا المكتب على رجل ملتحى يصلى الظهر وانتظرنا حتى انتهى من الصلاة ثم انتهى من تلاوة بعض الأدعية عرضنا عليه انضمامنا إلى صفوف الإخوان فطلب من كل منا خمسة صاغ، ولم يكن في جيوبنا صنف العملة، ولم أتصور أن زعيمين مثلنا يحتاجان إلى دفع اشتراك، وكنت متصورا أنهم سيرحبون بنا بل سيصرفون معاشا شهريا للعبد لله، لذلك دهشت، اعتذرنا لعدم وجود فكة واستأذنا في الخروج لإحضار الفكة، ولم نعد إلى هناك ثانية لحسن الحظ في أي وقت.
وأقول من يدرى لو كنا دفعنا الاشتراك كان العبد لله أميرا لجماعة منطقة ديروط في الوقت الحاضر، وطوغان أميرا لمنطقة أسيوط.