رئيس التحرير
عصام كامل

حول مفهوم الطابور الخامس!


قل لي من أنت؟ وما انتماؤك السياسي؟ أقل لك كيف ترى خصومك وطابورك الخامس...
فإذا كنت من بقايا الحزب الوطني فأنت ترى في الإخوان والسلفيين ومن يناصرهم وحركة 6 إبريل وتمرد طابورا خامسا،  وإذا كنت إخوانيا ترفع شعار رابعة فأنت ترى الإعلاميين والقضاة والشرطة والجيش وتمرد وجبهة الإنقاذ ومن خرجوا في 30 يونيو هو الطابور الخامس .


وإذا كنت عضوا في جبهة الإنقاذ فأنت ترى الإخوان وأنصار التيار المتاجر بالدين وبقايا الحزب الوطني طابورا خامسا.
ولذلك باتت كلمة الطابور الخامس من كثرة ترديدها كلمة مملة للغاية وفي غاية الغموض ولا تعني شيئا محددا أحيانا، وتعني معاني مزدوجة في أحيان أخرى، فهذه الكلمة جاءت من إسبانيا لوصف من يتعاملون مع العدو من أهل البلد الذي يتعرض لغزو خارجي أو احتلال.. وهذا مصطلح متداول في أدبيات العلوم السياسية والاجتماعية نشأ أثناء الحرب الأهلية الإسبانية التي نشبت عام 1936 م واستمرت ثلاث سنوات وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال اميليو مولا أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار، فقال حينها إن هناك طابورًا خامسًا يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد، ويقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب، وبعدها ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.

إذن المقصود بالمصطلح هو الجواسيس الذين يعملون لحساب عدو بلاده مقابل المال أو أي امتيازات أخرى، لكن في مصر تطلق الكلمة على مجموعات كثيرة جدا، وهي لها أكثر من معنى حسب قائلها والمتحدث عنها.

بعد ثورة 30 يونيو بدأ إطلاق الوصف على أنصار الإخوان أو من المتعاطفين معهم على وزن " أنا مش إخوان بس بدافع عنهم" بسبب عداء هذا التيار لمؤسسات الدولة ومحاولاتهم إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة مخطط التمكين مرة أخرى باسم الشرعية أو باسم رفض الانقلاب!!! رغم أن هذا التيار جاء لمحاولة الانقلاب على مؤسسات الدولة المصرية وقيمها لصالح مشروع ضيق لجماعة متشددة دينية وضيقة الأفق.

ومن المتحدثين من كان يضم جزءا من التيار السلفي ويشك في نواياه خاصة حزب النور خاصة في محاولاته التأثير على خارطة الطريق وصياغة الدستور.

بعد ذلك انضمت فئات أخرى إلى مفهوم الطابور الخامس " فمنهم الليبراليون " هكذا وبتعميم واضح ومنهم البرادعي وأنصاره مرة واحدة ومنهم اليساريون .

بينما يصف أحد الإعلاميين وهو صاحب إحدى الفضائيات الطابور الخامس "وهم بالنسبة له" منظمات حقوق الإنسان، 6 إبريل، الثوريين الاشتراكيين، اليساريون، البرادعي وأنصاره" .

يتناسي صاحب هذا الرأي أن عددا من هذه المنظمات أيد الاحتجاجات الشعبية في 30 يونيو ووقف ضد كل الممارسات الاستبدادية لنظام الإخوان والرئيس المعزول بدءا من الإعلان الدستوري مرورا بإقالة النائب العام عبدالمجيد محمود وعبث التأسيسية والدستور الإخواني.

بل إن بعض الشماليل في بعض القنوات الفضائية يضمون إلى قائمة الطابور الخامس كلا من زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء والوزراء المحترمين حسام عيسى وكمال أبو عيطة وأحمد البرعي .

وتحدث أحدهم عن 8 وزراء في وزارة الببلاوي هم الأفضل وفي مقدمتهم بالطبع الوزراء المنتمون للحزب الوطني السابق بالإضافة إلى وزيري الداخلية والدفاع "لأن المتحدث مش قدهم ولا يريد إغضابهم"، وطبعا لم يكن منهم أبو عيطة وحسام عيسى وأحمد البرعي رغم أن هولاء كانوا في مقدمة من مهدوا لثورتي 25 يناير و30 يونيو وشاركوا فيها بشكل واضح على المستوى العمالي والسياسي وخاضوا صراعات ضارية مع الإخوان والرئيس المعزول من خلال جبهة الإنقاذ.

من جهة أخرى يتحدث عن هذا الطابور عبد الناصر سلامة رئيس تحرير جريدة الأهرام الذي كان أكثر طاعة للإخوان من أقل عضو في أسرة إخوانية وأكثر دفاعا عن محمد مرسي بعد تعيينه من قبل مجلس الشورى الإخواني.. ويرى "سلامة" الطابور الخامس بمعني آخر ويضم إليه الفئات السابق ذكرها إلى جانب "بعض القوى السياسية التي تقف عثرة أمام إعلاء قيمة العمل والإنتاج بدعوى حق الاعتصام" وحق الاحتجاج وحق الإضراب، وهم كل من شاركوا من جبهة الإنقاذ في ثورة 30 يونيو وأعطوها الغطاء السياسي والشعبي ودافعوا عنها ووقفوا ضد الرئيس المعزول منذ صدور الإعلان الدستوري المشبوه في نوفمبر 2012 .

ولم أنس أنه سبق أن هاجم أعضاء جبهة الإنقاذ أثناء تولي الرئيس المعزول الحكم بدعوى تأييدهم الاحتجاجات الفئوية ضد الرئيس.
 
إذن حسب موقفك السياسي وانتمائك الحزبي فأنت ترى الطابور الخامس بشكل معين عكس ما يراه البعض الآخر وهو يشمل بالطبع كل خصومك السياسيين والذين تريد استبعادهم من الصورة.

ولذلك من المهم ضرورة إدانة ما يتم من تشهير والاغتيال المعنوي لبعض الوزراء والسياسيين وبعض الحركات الشبابية وذلك في الإعلام والقنوات الفضائية.

وصعود نبرة التخوين السياسي والوطني ضد بعض الشخصيات المعروفة بتاريخها السياسي المعروف لصالح شخوص أخرى.
 
بالتأكيد من المشروع أن نختلف مع توجهات ومواقف البعض من الحركات الثورية والقوى الشبابية مثل 6 إبريل أو غيرها في تأييد جماعة الإخوان أو حتى موقف البرادعي في الاستقالة من مجلس الوزراء في أعقاب فض اعتصام رابعة المسلح.

لكن من الضروري أن تتم مناقشة هذا الاختلاف بشكل موضوعي ودون تصفية للحسابات واللجوء إلى أسلوب الردح والشتم والطعن في حياته الخاصة.

وإلا سوف يرى نصف القوى السياسية والإعلاميين النصف الآخر طابورا خامسا، بينما يراهم الآخرون كذلك بما يسميه البعض حرب الجميع ضد الجميع.
الجريدة الرسمية