رئيس التحرير
عصام كامل

لا تثق فى ثائر لم يعبر محمد محمود


عامان على أحداث محمد محمود، حين جلست أراجع شريط الذكريات شعرت وكأنها لم تمر سوي ساعات على ذلك الصباح، الذي استيقظت فيه على اتصال من أحد الزملاء يخبرنى بأنه تم الاعتداء على مصابي الثورة بميدان التحرير وفض اعتصامهم بالقوة.


دقائق قليلة أثناء ارتداء ملابسي لم يتوقف خلالها هاتفي عن الرنين من كثير من الزملاء الذين يستعدون أيضًا للتوجه إلى ميدان التحرير، وسط شعور بالتوتر والارتباك، ما الذي سيحدث وبأى حق يقوم ضباط الداخلية بالاعتداء على مصابي الثورة؟ هل تعود عقارب الساعة للخلف ما الذي يحدث؟ قطع كل تلك الأصوات بداخلي صوت سائق السيارة لقد وصلنا ميدان عبدالمنعم رياض.

خلال تلك المسافة وجوه كثيرة لم أرها منذ فترة تعبر الطريق باتجاه ميدان التحرير تحمل خطواتها حالة من الترقب لما هو قادم، داخل ميدان التحرير عشرات من عساكر الأمن المركزي في منتصف الميدان وبعد دقائق ينصرفون، جلسنا في منتصف الميدان لفهم ما جري، إلا أننا لم ننتظر قليلًا حتى بدأ صوت يلوح في الأفق، نعم إنه ذلك الصوت المميز الذي طالما اعتدنا عليه أنه صوت "سرينة" مدرعات الأمن المركزي، قادمة من شارع محمد محمود، الكل يترك منتصف الميدان ويتوجه لمدخل شارع محمد محمود استعدادا لتلقي أول قنبلة غاز مسيل للدموع صاحبها وابل من رصاصات الخرطوش.

وشباب قرر التضحية بحياته لأجل هذا الوطن، فمنهم من لقي ربه ومنهم من فقد نور عينيه، ملحمة من البطولات قام بها شباب واجهوا الموت بصدور عارية وفتيات لم يستطعن المشاركة بإلقاء الحجارة فقررن المشاركة بإسعاف المصابين وتقديم الخل والمحلول الملحى وإخراج من لم يستطع المواصلة نتيجة الاختناق من الغاز، الذي استقبله المتظاهرون بهتاف "الشعب يريد الغاز القديم" نظرًا لتطور نوعية الغاز عن المستخدم في 25 يناير.

مشهد تكرر في العام الماضي أيضًا على يد نظام الذي لم يختلف عن نظام مبارك أو المجلس العسكري الذي كان صاحب الشرارة الأولي في أحداث محمد محمود وصاحب الفضل في وصول الإخوان للسلطة، اليوم نستقبل الذكري الثانية لمحمد محمود، وسط تغيرات وتخوفات مشروعة ومطالب أيضًا مشروعة.

فمصابو الثورة لم يتلقوا العلاج ولم تقم الدولة حتى الآن بواجبها معهم وجهاز داخلية لم يتحدث أحد في النظام الحالي عن إعادة هيكلته وقصاص للشهداء لم يحقق والتخوفات من إسالة دماء جديدة أو استغلال الإخوان للحدث في محاولة نشر الفوضي أيضًا مشروعة وتلقي على الثوار مسئولية كبيرة في حماية وتأمين وطريقة إحياء الذكري، إلا أن الأكيد والذي لا جدال فيه أن شارع عيون الحرية هو مرحلة فارقة في تاريخ الثورة، فالأسطورة تقول لا تثق في ثائر لم يعبر محمد محمود.
الجريدة الرسمية