عضو احتياطي بالـ"50": منح الحصانة للمحامين يمس استقلال القضاة
تقدم المستشار الدكتور مدحت سعد الدين، نائب رئيس محكمة النقض، والعضو الاحتياطي بلجنة الخمسين ممثلًا عن نادي قضاة مصر، بمذكرة إلى السيد عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، تتضمن الاعتراض على منح "الحصانة القضائية" للمحامين، نظرًا لما قد يمثله ذلك من إخلال بنظام جلسات المحاكم ويمس استقلال القضاء، وباعتبار أن مهنة المحاماة هي "مهنة حرة" يمارسها قرابة النصف مليون محامٍ، في حين أن عدد القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يزيد على 15 ألفًا.
وأوضح المستشار سعد الدين في مذكرته أن هذا المقترح بمنح الحصانة القضائية للمحامين، سبق وأن تم طرحه على لجنة نظام الحكم، وتم رفضه بأغلبية الأعضاء الذين لهم حق التصويت، مؤكدًا أن إعادة طرح هذا المقترح بمعرفة نقيب المحامين داخل لجنة نظام الحكم جاء دون سند من نصوص اللائحة الداخلية.
وأضاف أن الحصانة القضائية هي صفة لصيقة باستقلال السلطة القضائية لحماية القاضي من تعسف السلطة التنفيذية أو تربص السلطة التشريعية، إذا ما سارت الأمور في غير اتجاه العدالة، ومن ثم فهي ليست بميزة للقاضي.
وأشار إلى أن المحامي يمارس مهنة حرة يعبر فيها عن مصالح موكليه، فيتمتع بالحماية الكافية من أي تجاوز قد يقع عليه أثناء أداء عمله بالمحاكم، إذ أن نصوص قانون المحاماة تضمنت الضمانات الكافية التي تكفل حماية المحامي أثناء قيامه بعمله بالمحاكم أو في أي جهة أخرى.
وذكر أن القانون انطوى أيضًا على استثناء المحامين من سلطة القاضي في ضبط وإدارة الجلسة حينما تقع بها جريمة، وتكون هذه الجريمة ارتكبها محام، حيث لا يجوز للقاضي حينئذ أن يوقع عليه العقوبة في الحال طبقًا للسلطة الممنوحة له في جرائم الجلسات وفقًا للقانون، ويكون الأمر قاصرًا حينها بتحرير القاضي لمذكرة لما ارتكبه المحامي من أفعال ويحيلها للنيابة العامة التي تتولى التحقيق مع المحامي في حضور ممثل النقابة.
وأوضح أن القانون تضمن أيضًا أنه لا يجوز تفتيش مكتب المحامي إلا بحضور أحد أعضاء النيابة، وأن أي جريمة تقع على المحامي أثناء تأدية وظيفته يعاقب مرتكبها بالعقوبات المقررة للجرائم التي ترتكب بحق القضاة أو الموظفين العموميين أثناء تأدية وظيفتهم، وهو ما يجعل إضفاء الحصانة القضائية على المحامي أثناء عمله بالمحاكم غير مبرر على الإطلاق.
وأكد أن دساتير العالم خلت من أي نص يبسط للمحامي أي حصانة أثناء عمله بالمحاكم، مما قد يسببه هذا الأمر بإخلال بنظام الجلسة.. مشددًا على أن هذا الأمر يمثل مساسًا باستقلال السلطة القضائية وإهدارًا للمبادئ الأساسية للعدالة.
وأضاف المستشار سعد الدين أنه فيما يتعلق بمطالب "الخبراء" بالحصانة القضائية، فإنها لا تعدو كونها مطالب فئوية، حيث إن القاضي لا شريك له في إصدار حكمه ولا سلطان عليه في ذلك إلا ضميره والقانون، موضحًا أن المأموريات والمهمات الفنية للخبير يتبع فيها المحاكم، ولا سلطان لأي جهة إدارية أو لوزير عليه أثناء عمله المكلف به من المحكمة، لأن قانون الإثبات وقانون تنظيم الخبرة كفلا الضمانات الكافية للخبير أثناء أداء عمله.