رئيس التحرير
عصام كامل

روبرت فيسك: ثقة ياسر عرفات بـ"أمريكا وإسرائيل" السم الحقيقي وراء مقتله.. تأييده لغزو الكويت هفوة كبيرة.. الشعب الفلسطيني دفع ثمن أخطاء "أبو عمار".. و11 سبتمبر مؤامرة من الـ"CIA"

 الرئيس الفلسطيني
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات

قال الكاتب البريطاني "روبرت فيسك": إنه لا يهتم كثيرا لأمر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ولكن السم الحقيقي الذي قتل عرفات هو ثقته بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.


وأشار" فيسك" في مقاله، اليوم الإثنين، بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إلى أن عرفات قدم العديد من التنازلات لإسرائيل، لكي يصل بشعبه لبر الأمان بعد أن كبر به العمر، وعندما وقع اتفاق "أوسلو" لم يكن قد رأى في حياته أي مستعمرة يهودية مبنية على الأراضي المحتلة.

وأضاف الكاتب البريطانى أن عرفات وثق بالأمريكيين والإسرائيليين وبأي شخص يقول كلاما صحيحًا، ولكن الأخطاء الذي وقع فيها جعلت شعبه يدفع ثمنها حتي الآن، وأيضا الكثير من أنصار عرفات السياسيين ما زالوا يقدمون التنازلات حتى يومنا هذا.

ولفت "فيسك" إلى أن عرفات بدأ حياته بوصفه إرهابيا خطيرا في بيروت ثم يستقبل في البيت الأبيض على أنه رجل دولة، ثم تصنفه إسرائيل ثانية بأنه إرهابي، وفي النهاية تحيط الدبابات الإسرائيلية مقره في لندن وتقصفه، ووصف أحد الدبلوماسيين الإسكندنافيين الذين استطاعوا زيارته بأنه ضعيف ومريض ويعيش في ظروف بيئية صعبة، حيث كانت تتصاعد رائحة المراحيض وهم جالسون معًا، وكان عرفات لا يرتدي الجوارب ويقوم بإزالة الجلد الميت من قدميه.

وأضاف "فيسك" أنه عندما مرض عرفات ونقل بالطائرة إلى باريس أبدت إسرائيل تعاطفها الإنساني فجأة مع عرفات، ولم يأخذ تسممه محل الجد في بداية الأمر، ونشر القيل والقال ومات عرفات بالسم، مثلما مات نابليون مسموما من قبل البريطانيين ومثل حادث 11 سبتمبر الذي كان مؤامرة من وكالة المخابرات المركزية وبطبيعة الحال قالوا لنا إن عرفات مات مسمومًا.

وأوضح قائلا: كما أن أرملة عرفات "سها" صمتت للعديد من السنوات وبدأت تتحدث عن جريمة قتل تعرض لها زوجها، وخلال هذه السنوات أصبح اسم عرفات مقرونا بأنه مات مسمومًا، حيث أجرت فحوصات طبية لمعرفة سبب موت عرفات، حينذاك، وكان المستشفي الفرنسي لم يصل إلى أنه مات مسموما وكانت فرنسا علاقتها متوترة بإسرائيل في ذلك الوقت.

وتابع فيسك قائلًا: إن إسرائيل حاولت تسميم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الأردن، مضيفًا أن الملك حسين تدخل شخصيًا وعقد صفقة تم بموجبها إنقاذ حياته وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل لاحقًا بصاروخ أطلقته عليه وهو على كرسيه المتحرك.

وأضاف فيسك أن العلماء أفادوا أن عرفات تلقي سم البولونيوم بجرعات عالية وجدت في جسده وأن موته كان مؤامرة، ويذكرنا بقذائف اليورانيوم المنضب عندما أطلق الإسرائيليون النار على مقر عرفات عندما كان محاصرا في الداخل، ولكن المشكلة وفقا لتساؤلاتي في ذلك الوقت، استخدام إسرائيل لليورانيوم لم يقتصر فقط على رام الله وإنما استخدموه في أماكن أخري.

وعندما مات عرفات في عام 2004 أعطى هدنة لإسرائيل في الحرب العظمي لنهاية الصراع الذي أعطي ولادة للوطن الإسرائيلي اليوم في فلسطين.

ولفت فيسك إلى أن المفكر الفلسطيني البارز إدوارد سعيد عندما قال له في عام 1985 إن "عرفات قال له إن الشيء الوحيد الذي لا أتمناه لي، هو أن أكون مثل الحاج أمين، كان دائمًا على صواب ومات في المنفى على أيدي البريطانيين، وكان الخطأ الذي ارتكبه الحاج أمين هو ذهابه إلى برلين خلال الحرب العالمية آملًا أن يساعد هتلر الفلسطينيين، وكانت هذه الخطوة هي أكبر هفوة يرتكبها الجانب الفلسطيني، تبعها عرفات عندما زار صدام حسين معلنًا عن تأييده لغزو الكويت، اعتقادًا منه أن حسين سيحرر فلسطين".

واختتم "فيسك" مقاله بتوضيح رؤيته بأن عرفات أراد أن يحرر صدام حسين فلسطين واعتقد ذلك، وصدق الأمريكان والإسرائيليين، ولكن إرث الثقة دمر أمل قيام دولة فلسطينية، وهذا السم الذي ينبغي أن يدرس، هو الثقة التي أعطاها عرفات للأمريكيين والإسرائيليين.
الجريدة الرسمية