رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة الطاووس


وقف محمد مرسي في قفص الاتهام وأخذ يكرر أنه الرئيس الشرعي وأن المحكمة غير شرعية، وفي ذات الوقت رفض أن يدافع عنه أي أحد من محامي الإخوان، ثم إذا به يصل إلى قمة "الغياب عن الواقع وعدم تصديقه" عندما أصدر بعد جلسة المحاكمة قرارا بإقالة الفريق السيسي من منصبه! ولكن الذين يعرفون محمد مرسي عن قرب يدركون أن تصرفاته هذه ليست مستغربة، وكان من حظي أن تعرفت على هذا الرجل وعاشرته فترات طويلة حين كنت في الجماعة، وكنا وقتها وبعض الرفاق نتندر على طاعته العمياء التي تصل إلى حد إلغاء عقله وتعطيل تفكيره من أجل أن ينفذ ما يلقى إليه من أوامر، إلا أنني والحق أقول فوجئت بتدني مستوى مفرداته اللفظية، إذ كان من المقبول أن يتحدث معنا في الاجتماعات الإخوانية وفي الغرف المغلقة بتعبيرات لفظية فجة نوعا ما، إلا أن يظل وهو رئيس الجمهورية مصطحبا معه نفس هذه الألفاظ ونفس تلك المفردات فهذا هو الغريب، فعلى سبيل المثال فإن تعبيرات القرد والقرداتي والحاوي والثعابين كانت من تعبيراته التي يستخدمها دائما وهو يدير اللجنة السياسية في الجماعة، إذ كان يقول دائما عندما يشيد به أحد ويمتدح مفاوضاته عام 2000 مع كمال الشاذلي أمين الحزب الوطني: "هو لا يستطيع أن يغلبني فأنا حاو أجيد مسك الثعابين" ثم يستطرد شارحا: قال لي كمال الشاذلي سنسمح لكم بمساحة جيدة في البرلمان فقلت له: "ليس لنا إلا أن ندخل البرلمان فهو عملنا، فلو مات القرداتي ماذا سيفعل القرد؟" وتمر السنوات ويصبح محمد مرسي رئيسا فإذا به يستخدم تعبيرات الحاوي والثعبان، والقرد والقرداتي، والحارة المزنوقة، والأصابع التي تلعب، وكأن الدنيا لم تتغير وكأنه لم يضف لنفسه فكرا أو ثقافة.

آفة محمد مرسي أنه لم يتعود التفكير على الاستقلال لذلك كان مجرد تابع وظل كذلك حتى عزله الشعب من الرئاسة، كما أنه لا يعرف ولم يعرف الانتماء الحقيقي للوطن، فوطنه الأكبر هو تنظيم الإخوان، أما مصر فهي مجرد وسيلة من وسائل التمكين للتنظيم على مستوى العالم، وهكذا هم كل الإخوان في كل العالم، ليس لديهم أدنى انتماء لأوطانهم، لذلك لم يكن من المستغرب أن يذهب مرسي أثناء رئاسته إلى السودان ويعدهم بأرض مصرية هي حلايب وشلاتين وكأنه يوزع الميراث الذي ورثه عن أبيه، كما لم يكن من المستغرب أن يتفق مع أمريكا وإسرائيل على منحهما جزءا من شمال سيناء لتكون مستوطنا لحماس، حيث تتحول لإمارة إسلامية.

وفوق هذا وذاك يعلم الكل أكاذيبه المتكررة ووعوده التي تنكر لها حتى أصبح مجالا للسخرية والتندر، وزاد على هذا عدم احترام العالم له، وتصرفاته الحمقاء التي أخجلتنا جميعا وهو ينظر بشكل غير لائق إلى سيقان السيدات، تلك لمحات سريعة عن ذلك الرجل الذي وقف بشكل طاووسي في قفص الاتهام، والغريب أن هذا الطاووس لم يدرك أن العالم لم يحترمه قط.
ثروت الخرباوي
الجريدة الرسمية